hamda
hamda
أعمدة

ماذا لو تحقق الحلم؟

01 مارس 2020
01 مارس 2020

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

عندما كنت شابا افتتحت دكاني هذا وكنت أطمح من خلاله إلى جمع ما يكفي لتأدية فريضة الحج إلى مكة، إنه الحلم الذي يعيش عليه كل مسلم كما تعلم فسأله سانتياغو: ولِمَ لم تذهب إلى مكة إذن وقد جمعت ما يكفي، وتقدم بك العمر إلى هذا الحد، فأجاب التاجر: لقد عشت حياتي كلها من أجل هذا الحلم، وأخشى إن تحقق أن لا يبقى لي ما أعيش من أجله، فأفقد الرغبة في الحياة.

استوقفني هذا المشهد وأنا أقرأ عبقرية باولو كويلهو (الخميائي) للمرة الخامسة على ما أظن، وهو من المشاهد الكثيرة في الرواية التي كان لها تأثير عليّ عبر السنين، لقد رأيت حولي الكثيرين ممن عاشوا على حلم لم يملكوا الجرأة على تحقيقه، لأنه حلم واحد سخروا حياتهم من أجله، فكان السبب الذي يجعلهم يتحملون أعباء الحياة، حتى إذا تحقق توقفت بالنسبة لهم الحياة.

صحيح، إن الحياة بدون هدف أو شغف يملأها تصبح باهتة بلا لون، لكن التوازن مطلوب في كل جوانب الحياة، لذا دائما ما ينصح بأن يكون للمرء أكثر من هدف في جوانب حياته المتعددة، وأن يعمل بالمبدأ الاستثماري بأن لا يضع كل البيض في سلة واحدة، كثيرا ما نرى أنه في سعي البعض وراء النجاح المهني يغفلون كثيرًا عن جوانب الحياة المهمة كالهويات التي تكسر رتابة العمل، والصداقات الحقيقية التي تملأ الحياة بعد المسيرة المهنية، ويرتكزون كلية على عمود الوظيفة، التي بنهايتها تنتهي الحياة بالنسبة للكثيرين، كثيرون هم أيضا من تكمن قيمتهم في المنصب حتى إذا خسروه لأي سبب كان ضاقت بهم الدنيا، وفقدوا الإحساس بأهميته وجدوى الحياة، لذا تجد من يتمسك بالوظيفة حتى آخر لحظة من الحياة المهنية لأنه مدرك بأنه سيخرج ليجد حياة فارغة بانتظاره، تماما كبائع الكريستال الذي أدرك أنه لو ذهب للحج، فلن يكون لديه سبب للنهوض كل صباح والتوجه لدكانه.

جميل أن يكون لنا حلم، يملأ العمل على تحقيقه حياتنا، والأجمل أن يتحقق في مرحلة نستطيع الاستمتاع به فيها، ونعمل على حلم آخر أجمل وأكبر.