1437991
1437991
مرايا

مبادرة في المكسيك - طائـرة تحلـق علـى الأرض بمئــات الكتب لنشر الثقافة بين الأطفال

26 فبراير 2020
26 فبراير 2020

يقف الطيار إلى جوار سلم الطائرة لكي يرحب بالركاب، يصعد بعض الصغار على عجل، ليضمنوا حجز جهاز بين الـ26 حاسوبا، يغلب عليهم الحماس، فتطلب المضيفة منهم التحلي بالهدوء والتحدث بصوت منخفض: هناك من يقرأ قصة في الخلف. تضع الطفلة آني سوخي كتابا فوق تنورتها عن الحيوانات، تتصفحه جالسة على أريكة زرقاء في صالة القراءة الصغيرة على متن الطائرة طراز بوينج 737-200، الطائرة متوقفة على مسافة عدة شوارع من منزلها تشغل ناصية بالكامل بين السيارات، وإشارات المرور وأصوات أبواق المركبات المرتفعة.

«أسكن بالجوار، مررت على المكان وأعجبني. أحب الحواسيب والكتب»، تقول الطفلة الصغيرة، والتي لم يسبق لها من قبل الصعود على متن طائرة، سواء بتذكرة أو بدون تذكرة، لقد جاءت إلى هذا المكان للقراءة، وهذه هي زيارتها الثانية للطائرة التي تحولت إلى مكتبة، وافتتحتها بلدية «ازتابالابا»، شرقي العاصمة مكسيكو سيتي، في منتصف الشهر الجاري للأطفال والمراهقين.

تعتبر بلدية ازتابالابا ، والبالغ تعداد سكانها مليوني نسمة، بشوارعها الرمادية ومنازلها المنخفضة، البلدة الأعلى كثافة سكانية بين بلدات العاصمة المكسيكية، بالإضافة إلى أنها واحدة من أكثر عشر بلدات خطورة في البلد اللاتيني.

وبحسب ما جاء بوكالة الأنباء الألمانية (د .ب. أ) فقد قال الشخص المسؤول عن برنامج النهوض بالقراءة في البلدية، خيسوس أرياجا: «توجد في الأنحاء بعض أكثر المناطق غير الآمنة في البلدة، حيث توجد أعلى معدلات الجريمة وتفكك الأسرة وحمل المراهقات وعنف الأطفال». ويضيف لهذا تحمل الطائرة المكتبة شعار «التحليق إلى اليوتوبيا». كما يوضح أرياجا «إنها أشبه بإنشاء واحة يخف فيها العنف قليلاً، يمكن للطفل أن يتخيل مستقبلاً آخر بدلاً من أن يكون قاتلًا أو لصًا، العديد من أولياء الأمور يتواصلون أيضًا بالقراءة مع أطفالهم والتوصل إلى رابط أوثق بينهم».

جسم الطائرة والأجنحة، في وضع الإقلاع، وقد أعيد طلاؤها بأزهار ملونة زاهية، عند الباب ترى فتاة تطير مبسوطة الذراعين، مع كتاب على هيئة الأجنحة، أفراد الطاقم هم المروجون للثقافة متنكرين في مضيفين ومضيفات. وقد اشترت البلدية طائرة من طراز بوينج من شركة الطيران المكسيكية (Aviacsa)، التي أغلقت وأنهت نشاطها عام 2011، واستمرت الطائرة في الخدمة لمدة عشرين عاما، ثم خرجت من الخدمة، وتعد واحدة في مبادرة تشمل ست طائرات سوف يتم تحويلها إلى مكتبات عامة مجانية.

تحتوي أجهزة الحاسوب البيضاء على ألعاب تعليمية وكتب إلكترونية وكتب صوتية، بينما يوجد على أرفف المكتبة نحو 240 كتابًا مطبوعا احتلت أماكن حفظ حقائب وأمتعة الركاب على جانبي الطائرة. «هل سبق لك أن قرأت كتابًا كاملاً حتى الآن؟» يسأل من كابينة القيادة، ماركوس لوبيز ريكو طفلا يريد تجربة جهاز محاكاة الطيران، وتعد هذه جائزة القراء الصغار أو لأولئك الذين زاروا المكتبة عشر مرات.

عمل ماركوس لوبيز على مدار ربع قرن من عمره في صيانة الطائرة بإحدى شركات الطيران المكسيكية وهو من سكان المنطقة، ويتعاون بصورة تطوعية مع المشروع، يقول ماركوس: «التحدى الأكبر هو العمل على استمرارية هذه المبادرة خلال السنوات القادمة».

ترتدي ماري كروث جارثيا تنورة رمادية وسترة مع قميص يحمل شريطا ورديا، تعمل ماريا بمثابة مضيفة مساعدة حيث تقوم بالاعتناء بالأطفال وترشدهم إلى مقاعدهم وتعرض لهم أجهزة الحواسيب والكتب، كما توضح لهم «هنا نقرأ أيضًا بصوت عال وسنقدم ورش عمل». كما يستمتع أيضا حول الطائرة أطفال مدرسة ابتدائية بالقراءة التفاعلية لقصة ما أثناء انتظار دورهم للصعود على متن الطائرة. يركضون من جانب إلى آخر، تحت الجناح، وفقا لتطور أحداث القصة وتفاعل أبطالها.

يقرأ الآن على جدار الساحة التي تربض بها الطائرة حاليا، والتي كانت في السابق مكب قمامة يستخدمه متعاطو المخدرات لنشاطهم، عبارة ذكرها لكاتب الأوروجوائي إدواردو جاليانو (1940-2015) في أحد كتبه: «اليوتوبيا موجودة في الأفق ... إذن ما فائدة اليوتوبيا؟ تفيدنا في المسير».