hamda
hamda
أعمدة

يا داخل مصر منك ألوف

23 فبراير 2020
23 فبراير 2020

حمده بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

يقال بأن رحالة وجد شيخا عند سفح جبل تقع فوقه قرية فسأله: كيف هم أهل هذه القرية يا شيخ؟ فأجابه الشيخ: كيف هم أهل قريتك؟ فأجاب: هم سبب مغادرتي لها، فهم سيئون للغاية، بخلاء ويصعب العيش معهم، فأجابه الشيخ: كذلك هم أهل هذه القرية، في تلك الأثناء أقبل مسافر آخر فطرح السؤال ذاته، وسأله الشيخ بالمثل عن سكان القرية التي جاء منها فأجاب: والله يا شيخ أهل قريتي، كرماء وطيبو المعشر، ولولا عشقي للترحال ما غادرتهم، فأجاب الشيخ: وهكذا هم أهل هذه القرية، فتعجب الرحالة الأول قائلا: لكنك قلت...فقاطعه الشيخ إنما الناس انعكاس لك، وحيثما توجهت ستجد من هم على شاكلتك.

تذكرت مقولة الشيخ الألباني التي اتخذتها عنوانا لهذه المقالة، عن أهل مصر وأنا أزور المغرب بشيء من الحذر، ففاجأتني بأنها عكس ما قيل لي عنها، فهي جميلة بكل ما فيها، طبيعتها ساحرة وخلابة، والطقس كان على حظي جميلا منعشا، والناس كرماء بشكل مثير للدهشة، عزيزو نفس، ودودون، والمطبخ المغربي متنوع، لذيذ، البلد نظيف بشكل مدهش رغم الازدحام الشديد، حتى الأحياء الضاربة في القدم مثل أزقة مدينة فاس العريقة، وجدتها نظيفة.

ولعل أجمل ما لفت انتباهي فيها، صوت القرآن في المحلات التجارية الذي حل محل الأغاني في أكثر الدول المسلمة التي زرت، وترنم البائعون الشباب بآيات الذكر الحكيم بين زيارات الزبائن، في مشهد ساحر ومؤثر للغاية، لم أجد أثرا للسفور بين المغربيات، فالزي المغربي يغلب على لبس النساء، والصغيرات اللائي يلبسن الملابس الغربية، لم يتخلين عن الاحتشام والحجاب، لا فرق بين مدن المغرب الكبيرة ولا قراها الجبلية في ذلك، روح الأصالة تغلب على كل شيء.

صادف أن كنت في ساحة الفناء وقت صلاة الجمعة، ومجموعة سياحية كبيرة من نساء خليجيات جئن للتبضع، وكل ما فيهن كان ينطق بالثراء، ترك البائعون محلاتهم في الحال، وكذا كل من كان في الساحة، تركت الأفاعي، والقردة وبقية الحيوانات التي كانت تسلي رواد ساحة الفناء، وتوجه الجميع بمختلف فئاتهم العمرية نحو القبلة، في أجمل المشاهد التي جادت بها المغرب علي على الإطلاق، في (شفشان) صادف أن سكنا إحدى الرياض - بيوت تقليدية- فاستيقظت على صوت الأذان، ودعاء بصوت جميل صدح به الإمام بعد صلاة الفجر، كان هو الأجمل على الإطلاق.

لا شك بأن هذه الزيارة ستظل عالقة في الذاكرة وقتا طويلا، فقد كانت حقا من أجمل رحلاتي على الإطلاق.