Untitled-2
Untitled-2
المنوعات

«الإنسان فـي فـكـــر السلطان»

23 فبراير 2020
23 فبراير 2020

إصدار يوثق الإنجازات الإنسانية للسلطان الراحل -

كتب - خالد بن راشد العدوي -

دشنت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان إصدارها الجديد «الإنسان في فكر السلطان» الذي يجسد ويوثق مرحلة عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- في مجالات لا تعد ولا تحصى لعناية الإنسان في سلطنة عمان.

وقد عمدت اللجنة توثيق وتسجيل عهد السلطان الراحل وعلى مدار 50 عامًا من العناية والالتزام والحرص على تكريم الإنسان، وحفظه وصون كرامته وعزته، وتبلغ عدد صفحات الكتاب 173 صفحةً موزعةً على مجموعة من المحطات التي ركزت على مدى اهتمام جلالة السلطان الراحل بالإنسان، بدءا من حرص جلالته -رحمه الله- بغرس قيم الإنسانية منذ توليد مقاليد الحكم في البلاد، الذي ركز فيه الكتاب على قصة حقوق الإنسان في السلطنة في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -رحمه الله-، التي بدأت من إرادة السلطان بإسعاد إنسان هذا الوطن والمضي بهذه البلاد إلى آفاق العز والمجد، واعتبر «أن صانع هذا المجد هو الإنسان نفسه، ولا تقف القصة هنا، بل تسير إلى آفاق رحبة ليس من حدود لطموحها المزدهر والصاعد إلى المستقبل».

واستعرض الكتاب التاريخي بالتفصيل المفاهيم التي حرص جلالته - رحمه الله - على غرسها في هذا الوطن وفي الإنسان العماني تحديدًا، من خلال الاعتماد على التجربة التاريخية، ليصل إلى نسيج متوائم يربط الماضي بالحاضر، معتبرًا أن التجربة الإنسانية تظل واحدة بغض النظر عن الظروف والتحديات التي تدخل فيها من فترة لأخرى عبر مسار الزمن وتقدمه في حقب مختلفة، واعتمد -طيب الله ثراه-، على فكره الثاقب وبصيرته.

كما تطرق كتاب «اللجنة» إلى سبر أغوار الصورة المعاصرة لحقوق الإنسان في سلطنة عمان، من حيث الواقع المرئي والمعاش والتطبيقات، والرؤية التي كان يتمتع بها السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه-، فهي المرتكز الذي بنى النظرية من خلال جملة عوامل تتعلق بذلك القائد الملهم من حيث الصفات والثقافة والتطلعات.

المشاركة السياسية

كما عرج الكتاب أيضا إلى شرح زاوية المشاركة السياسية في فكر السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -رحمه الله-، وهو الهدف الذي كانت تصب فيه منذ البدء، فطالما كان الإنسان هو غاية التنمية فلابد أن هذه المشاركة تكون مهتمة بأن يكون رأيه محل اعتبار، وأفكاره وجهات نظر يؤخذ بها في الرؤية الأوسع لمستقبل الوطن، فكل فكرة ولو بسيطة قد تكون مفيدةً، كما أن الجميع شركاء في هذا المشروع الكبير.

دولة القانون والمؤسسات

ولم يغفل الكتاب أيضًا عن شرح مفهوم دولة القانون والمؤسسات في فكر السلطان الراحل، فاهتم بتوثيق تلك المرحلة العظيمة التي جسدت لعمان تاريخًا ودولةً ونظامًا كل إرث وشبر من لدن السلطان الراحل، ففي عام 1996م صدر النظام الأساسي للدولة في السلطنة وفق المرسوم السلطاني رقم 101 /‏‏96 الذي جاء تتويجًا لمسيرة العمل في بناء دولة القانون والمؤسسات ابتدأت منذ خطاب جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- التأسيسي في 23 يوليو 1970م الذي ركز على المبادئ الأساسية لقيام دولة العدالة والمواطنة.

مبادئ حقوق الإنسان

واحتوى الكتاب كذلك على فرد عدد من مبادئ حقوق الإنسان من حيث النظرية والتطبيق في فكر السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -رحمه الله-، في العديد من الحقول بالدولة الحديثة، وتلك المبادئ كانت على سبيل المثال وليس الحصر، فلا يمكن حصر هذه الجوانب جميعها لكن يمكن الإشارة إلى أنها شاملة تغطي الحريات وحق الحياة والتعليم والصحة والمســكن والعمـل، والأسـرة والعيش الكريم.

السياسة الخارجية

وتطرق الكتاب أيضًا إلى نهج جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- في نسيج السياسة الخارجية العمانية التي انتهجها جلالته -رحمه الله- على البعد الإنساني في بناء منظومة العلاقات مع مختلف دول العالم، وهو النهج الذي سار عليه جلالته منذ بواكير النهضة العمانية في السبعينات، مبتدرًا عهده بالتعايش مع الجميع وفق منهج يقوم على الاحترام المتبادل للكل.

السيرة الإنســانية

وسبر الكتاب في تفاصيل السيرة الإنســانية لجلالـــة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- وأنها سيرة مـمتـدة وعامـرة بالسرديات والقصص مضرب المثل، وخلال خمسة عقود من الزمان ومنذ أن تولى جلالته مقاليد الحكم في سلطنة عمان، كان ثمة طريق مفـروش بالإنسـانية يسير عليه الجميع. وقد أكد المكرم الشيخ عبدالله بن شوين الحوسني رئيس اللجنة العمانية لحقوق الإنسان أن اللجنة عمدت على إصدار هذا الكتاب وفاءً لروح فقيد الوطن والأمة، وعرفانًا لمسيرة جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- الذي سخَّر جُلَّ فكره، وعظيم جهده؛ لخدمة الإنسان والإنسانية، وما آمن به وعمل من أجله -رحمه الله- منذ بداية رسم التخطيط، وتوجيه بوصلة العمل نحو الإنجاز، بأن يكون الإنسان شريكًا أساسيًا في تنفيذ مراحل التنمية الشاملة، وبالتالي التَّنعُّم بخيراتها، شريطةَ أن يكون مسلَّحًا بالعلم، والمعرفة، والكفاءة.

الأبعاد والرؤى والإنجازات

مؤكدًا أن الكتاب حوى العديد من الأبعاد، والرؤى، والإنجازات، لفكر جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- من أجل الإنسان والإنسانية، مما أوجب على «اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان» أن تتشرف برصد وتوثيق بعضٍ من تلك الملامح والإشراقات لعظمة الفكر، وفيض الرعاية، لقائد عظيم أفنى سنوات عمره، وسمو فكره، وجزيل عطائهِ، ليعيش الإنسان سعيدًا في وطنه، آمنًا في سربه، كريمًا عزيزًا مصانةً ومحفوظةً حقوقه. مشيرًا إلى أن جلالة السلطان قابوس -غفر الله له- بدأ ببناء المدرسة قبل الشارع، وبتشييد المستشفى قبل العمارة الشاهقة، وبتوفير سُبُلِ العيش الكريم للمواطن والمقيم معًا في كافة مناحي الحياة ومجالاتها.

نهج اللقاء المباشر

وقال: «تأكيدًا لتلك الأسس الثابتة، اختَّط جلالته -عليه رحمة الله- نهج اللقاء المباشر مع المواطن دون وسيط أو واسطة، وذلك من خلال الجولات الميدانية السنوية التي كان يقوم بها جلالته إلى كافة ربوع البلاد، مصطحبًا معه عددًا من المسؤولين في الحكومة، ليستمع في حوارٍ مباشر، وبكل تلقائيةٍ ورحابةِ صدر، إلى احتياجات الوطن وأبنائه، ويوجه بتنفيذها ومتابعتها، مباشرةً على أرض الواقع».

العدل والمساواة

وأضاف: «ترسيخًا لمبادئ العدل والمساواة والقانون، أصدر جلالة السلطان قابوس -غفر الله له- «النظام الأساسي للدولة» في عام ١٩٩٦م، الذي عمل على تأصيل دولة القانون والمؤسسات، مدعومًا بإنشاء (مجلس عُمان) بجناحيه «مجلس الدولة» و«مجلس الشورى» الذي فتح نافذةً أخرى من نوافذ مشاركة المواطن جنبًا إلى جنب مع الحكومة في تحمل مسؤولية بناء الوطن وتعزيز منجزاته».

الرعاية الإنسانية

وأشار المكرم الشيخ عبدالله الحوسني إلى الرعاية الإنسانية من لدن جلالة السلطان الراحل التي حظي بها المواطن في مجتمعه، والرعاية الدائمة لحقوق المرأة والطفل، وذوي الإعاقة، من خلال إصدار القوانين والتشريعات المحلية، والمصادقة على الاتفاقيات الدولية التي تكفل لهم حقوقهم وتيسّر لهم سبل العيش الكريم.

روح الوئام والسلام

وقال: «فِي المسار نفسه عمل جلالة السلطان قابوس عـلى توثيق عُرى التعاون، وروح الوئام والسلام، مع الشقيق والصديق؛ حيث تم رسم الحدود وتوقيع اتفاقياتها مع دول الجوار، مما ساهم في تدعيم الأمن، والأمان، والاستقرار في عُمان، وتناغمًا مع الجهود الدولية الداعية إلى التعاون والتعايش السلمي، ونبذ الخلافات وحل المعضلات بالطرق السلمية والحوار، كان جلالة السلطان قــــــــابوس بن سعيد بن تيمور -رحمه الله- داعمًا لعملية السلام في الشرق الأوسط مرورًا بكافة الخطوات التي تم بذلها لنزع فتيل الصراعات، وإخماد نيران الحروب، في المحيطين الإقليمي والدولي، مع تأكيد ثوابت السياسة الخارجية الدائمة التي تستند على احترام الغير وعدم التدخل في شؤون الآخرين».

مقتطفات مختارة -

تضمن الكتاب عددًا من المحاور ركزت على مدى حرص جلالة السلطان الراحل «طيب الله ثراه» على غرس القيم والمبادئ الإنسانية والأسس التي تقوم عليها دولة المؤسسات والقانون كالتالي:

غرس المبادئ:

منذ أن تولى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم في سلطنة عُمان في الثالث والعشرين من يوليو 1970م فقد أسس جلالته لمعانٍ راسخة وفكر ثاقب يقوم مركزه الأساسي على الإنسان بوصفه مفردة البناء والنهضة المنشودة في كافة مناحي الحياة وفي جميع القطاعات.

إنَّ قصة حقوق الإنسان في عُمان في عهد السلطان قابوس -رحمه الله- متعددة المشارب والمسارات، تبدأ من إرادته بإسعاد إنسان هذا الوطن والمضي بهذه البلاد إلى آفاق العز والمجد، وأن صانع هذا المجد هو الإنسان نفسه، ولا تقف القصة هنا، بل تسير إلى آفاق رحبة ليس من حدود لطموحها المزدهر والصاعد إلى المستقبل، فالمتتبع لنهجه -رحمه الله- يدرك بشكل جلي أن مسيرة النهضة الحديثة في عُمان تقوم على الإنسان والتبصير بأهمية المواطنة وتأصيل هذه الفكرة عبر المعاني العميقة سواء على مستوى اللحظة أو الغوص بعيدًا في عمق التجارب التاريخية واقتران ذلك بالاستشراف المرتجى على المستوى المستقبلي.

لقد أدرك السلطان -رحمه الله- أن الهوية الحقيقية لأي بلد لا تتأسس إلا بأخذ معطيات التاريخ في وفاقها الثري مع الحاضر لأجل المستقبل، وأن الإنسان هو صلب هذه العملية وجوهرها، بالتالي كان موضوع حقوق الإنسان رأس الهرم في هذا المسار المنشود، من خلال التوجيهات والعمل على أرض الواقع، وكانت الخطوة الأولى التي ظل التأكيد عليها مستمرًا هي أن النماء والازدهار والتنمية هي المحصلة المنشودة لما وراء حقوق الإنسان من قصة وأثر وحكاية.

فعملية التنمية هي الشق الثاني والبعد المؤسس لصناعة الحياة، من خلال الإنسان ذاته، ومن ثم تأتي العديد من العناصر المؤسسة أو المكملة لهذا الصياغ، من تحقيق مجمل صور الحرية والعدالة والإخاء، التي استلت من تربة التاريخ والمعطيات العقائدية والدينية والميراث العُماني الأصيل، بحيث يكون خلاصة هذا التلاقح هو المضي إلى تمكين الإنسان وتأكيد فاعليته في محوري الزمان والمكان.

الجذور العميقة

إنَّ تجليات التاريخ الحضاري لعُمان تنعكس جلية في اللحظة الراهنة من حيث إن هذا الإنسان المعاصر هو جمع لهذه الحقول المتعددة من الأزمنة ونسيجها، بحيث يمكن القول إن ماضي عُمان هو امتداد لأمسها في صورة مشرقة كما أشار السلطان قابوس -رحمه الله- في أول خطاب له في 23 يوليو 1970م بقوله: «كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة، وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى، وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي».

فقوة اليوم تأتي من ذلك التاريخ الحضاري العميق، وحقوق الإنسان ومنظومتها الحديثة كذلك هي انعكاس لذلك الأمس وصورته وتوالي الأزمنة والحقب في هذه الأرض.

لا يمكن فهم تاريخ عُمان الحديث وسيرة حقوق الإنسان في السلطنة، بمعزل عن التعرف على ملامح من صفات وسمات جلالة السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله-، فشخصية جلالته هي انعكاس لعُمان عبر تاريخها الحضاري المتوالي عبر الأزمنة، كذلك هي تجلٍ للحظة المعاصرة، حيث وهب الله هذه البلاد قائدًا نجيبًا في زمن مفصلي، ليقودها إلى فجر جديد ويرسخ الوحدة الوطنية ويرسم النهضة الحديثة التي بدأت عام 1970م.

يتطلب معرفة حقوق الإنسان بشكل أوضح في الإطار العُماني الحديث ومسار التجربة المعاصرة، أن نفهم خصائص الشخصية العُمانية عبر العصور التي كانت لها سمات فريدة طالما أكد عليها جلالة السلطان وأشار إليها وراهن عليها. هذه الصفات هي التي وضعت اللبنة لنجاح تطبيقات حقوق الإنسان في السلطنة، وجعلتها تصبح واحة للسلم والتعايش الإنساني تتعزز فيه قيم الحق والواجب والاحترام المتبادل والأخوة المنشودة لصالح البناء والتنمية المستدامة.

فالعُمانيون عُرِفُوا بروح التسامح والإخاء والهمم العالية، كل ذلك كان له وارده في تشكيل الصورة المعاصرة التي انعكست في العالم الخارجي، كما رسمت الملمح الداخلي في الإطار العام للحق والواجب.

هذا التصور حول الإنسان العُماني وأخلاقه يلفت الانتباه لكل زائر أو شخص يتعرف على العُمانيين عن قرب، كما قال المفكر المصري الراحل جلال أمين الذي سبق له أن فاز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، فرع الدراسات الاقتصادية عام 2017م إذ أبدى إعجابه بالشخصية العُمانية، بعد أن أتيح له الاحتكاك بها خلال زيارته للسلطنة لتسلّم الجائزة.

القيادة الإنسانية

لحد واضح وكبير فإن شخصية السلطان قابوس -رحمه الله- كان لها الأثر الملموس على صناعة وصياغة منظومة حقوق الإنسان الحديثة في عُمان المعاصرة. وفي الغالب فإن أي شعب هو انعكاس لقيادته والعكس صحيح، حتى لو كان ثمة استثناءات في هذا الخصوص.

لقد آمن السلطان بالإنسان في المقام الأول، هذا الإيمان الذي تولد من وعي حقيقي وعارف برسالة الإنسان عامة ودوره في الحضارة ورسم المستقبل.

وراهن جلالته على هذا الأساس في أن بناء الدولة لن يتم بمعزل أو دون ترسيخ هذا الأمر من حيث الفكر والممارسة والواقع العملي، وهو ما أنجز فعليًا.

وضرب جلالته المثل في ترسيخ القيم السمحة للتعامل والتسامح والإخاء، ففي خطابه إلى الشعب يوم 9 أغسطس 1970م قال جلالته: «أما الذين لم يكونوا موالين لوالدي في الماضي أقول: عفا الله عما سلف»، وهو ما انعكس إيجابًا على المستوى العام، فمن شاء أن ينظر إلى شخصية العُماني فلينظر إلى قيادته.

الأبعاد المتعددة

تشير الأبعاد المتعددة في فكرة حقوق الإنسان، إلى ما وراء التنظيرات والدعوات إلى إقرار الأمر أو الشيء المعين، بالانتقال إلى نتائجه الملموسة على صعيد الميدان والحياة الاجتماعية والاقتـــصادية والمتجــسدات بشكل عام. ويمكن أن يشار إلى أن هذه الأبعاد المعنية هي مرئية تقريبًا في كل ملمح من الواقع والحياة العُمانية المعاصرة.

دولة القانون

جاءت ديباجة النظام الأساسي وفق النص الآتي: «تأكيدًا للمبادئ التي وجهت سياسة الدولة فـي مختلف المجالات خلال الحقبة الماضية. وتصميمًا على مواصلة الجهد من أجل بناء مستقبل أفضل يتميز بمزيد من المنجزات التي تعود بالخير على الوطن والمواطنين، وتعزيزًا للمكانة الدولية التي تحظى بها عُمان ودورها فـي إرساء دعائم السلام والأمن والعدالة والتعاون بين مختلف الدول والشعوب، وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة»، وذلك في 9 نوفمبر 1996م. وفي 19 أكتوبر 2011م صدر المرسوم رقم 99/‏‏ 2011م بتعديل بعض أحكام النظام الأساسي للدولة، وجاء في ديباجته: «إيمانًا منا بأهمية تطوير مسيرة الشورى في البلاد لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين، وتأكيدًا على أهمية المشاركة من جميع أفراد المجتمع في مسيرة التنمية الشاملة بما يتماشى ومتطلبات التطور المنشود، وبعد الاطـلاع على النظــام الأساسي للدولــة الصــادر بالمرسوم السلطاني رقم 96/‏‏101، وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة».

وفيما يختص بموضوع حقوق الإنسان، فإن النظام الأساسي يحدد حقوق وواجبات المواطنين العُمانيين التي تتضمن عدم التمييز بأي شكل من الأشكال، وحرية التعبير والتجمع، وحق المشاركة في القرارات السياسية للدولة، وحق الملكية الخاصة، والحق في الخصوصية الشخصية وحرية الدين والمساواة بين الجنسين.

حقوق وثمار

تجلت مبادئ حقوق الإنسان من حيث النظرية والتطبيق في فكر جلالة السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله-، في العديد من الحقول في الدولة الحديثة وبشكل عام، بحيث لا يمكن حصر هذه الجوانب جميعها، لكن يمكن الإشارة إلى أنها شاملة تغطي الحريات وحق الحياة والتعليم والصحة والمسكن والعمل، والأسرة والعيش الكريم لها، والطفل بوصفه زهرة المستقبل، والشباب رعاية وتأهيلًا، وصولًا إلى المرأة وموقعها الذي يجب أن تحتله كشريكة للرجل في المجتمع العُماني، إلى حقوق المتقاعدين وكبار السن وذوي الإعاقة، وتشمل كذلك الموظفين والعمال في الدولة وفي القطاع الخاص وكافة المساهمين في مسيرة البناء والتعمير في الأرض العُمانية، وداخل هذه التطبيقات العديدة، فإنه كذلك يمكن التحدث عن تطور تجارب مهمة في السلطنة تعنى بحقوق الإنسان، مثل تجربة الضمان الاجتماعي.

عالم إنساني

إنَّ المبدأ الإنساني الذي آمن به القائد الراحل، هو أن الصداقة مع الشعوب في إطار التكامل الاقتصادي والمنافع المشتركة والمتبادلة، وحيث إن المداخل إلى السلام والاستقرار والتعايش بين بني البشر تقوم على التمازج بين العاملين الاقتصادي والسياسي، بحيث لا يمكن الفرز بينهما في المعطيات الحصيفة لقراءة الواقع الراهن لعلاقات أي دولة تحرص على أن تكون لها بنية احترام متبادل وحقيقي مع الآخرين.

فالسلطنة لها يقين كبير ومبدأ ثابت بأن نشر قيم المحبة والسلام في العالم يجب أن تسود بدلًا من النزاعات والحرب والنزعات الذاتية الضيقة التي تخصم من رصيد التعاون الدولي والتكامل المنشود في كافة أوجه الحياة الإنسانية.

حصاد السنين

ما بين صورة لسلطان البلاد وهو يقف متأملاً الطبيعة من حوله أو يشمَّ زهرة فواحة أو يربد على فرس أو يجوب بالرؤية والبصيرة في فجاج عُمان، وقبلها تلك الصور الإنسانية الراقية بين الناس، حيث ظل الإنسان هو المعنى المركزي والأساسي في هذه السيرة.. ما بين كل هذه المشاهد الثرية نأخذ الصورة الأعمق والأكبر ذات الإطار الكلي عن إنسان عُمان بشكل عام متجلياً في صورة قائده السلطان قابوس -رحمه الله-.

من ذاكرة خطابات السلطان الراحل -

«إن الجميع في هذا الوطن سواسية، لا فرق بين صغير وكبير، وغني وفقير، فالمساواة تفرض أن يكون الكل إخوة في ظل العدالة الاجتماعية الإسلامية، والميزة والتفاضل بمقدار الإخلاص والكفاءة في العمل المثمر البناء»...

قابوس بن سعيد - العيد الوطني الثالث المجيد (1973)