إشراقات

حق الطريق

20 فبراير 2020
20 فبراير 2020

محمد كشك -

جعل الإسلام للطريق حقوقها لأنه موطن مشترك لمنافع الناس ومصالحهم والزم الناس بمراعاة التقيد في تطبيق ما جاءت به الشريعة الغراء التي شملت كل مناحي الحياة وعمت كل شؤون الناس، فحقوق الطريق كثيرة لأنها تتعلق بمجال حيوي دائم لحركة مستمر النشاط إلا أن الأساس الذي يقاس عليه هو قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الحديث الذي رواه أبو سَعيدٍ الْخُدْرِي، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُم وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقاتِ، فقَالُوا: يَا رسَولَ اللَّه، مَا لَنَا مِنْ مَجالِسنَا بُدٌّ، نَتحدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِس فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ، قالوا: ومَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَر، وكَفُّ الأَذَى، ورَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بالْمَعْروفِ، والنَّهْيُ عنِ الْمُنْكَرِ». كما أن العمل على خلو الطريق من الأذى أو ما يسبب الأذى حض عليها الإسلام فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : « الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» وإعطاء الطريق حقه يجب أن يراعيه المرء المسلم فهو من الأمور التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف كما بينا، كما أن من إماطة الأذى رفع ما يؤذي الناس في طريقهم فقال قال صلى الله عليه وسلم: «من عارضه شوك في الطريق فأخرجه شكر الله له وغفر له ذنبه» رواه الربيع، وقال كذلك صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت الرجل يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين» رواه مسلم.

ومن علامات الإيمان وحسن الخلق مراعاة حق الطريق أثناء قيادة السيارة بحيث لا يتسبب المرء في مضايقة أخيه المسلم أو أخته المسلمة بل يراعي الله تعالى وحرمة الطريق وقد نبه الإسلام من مغبة من يتسبب في أذى الناس في طريقهم ورواحهم وغدوهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ملعون من أذى المسلمين في طريقهم»، وقد يكتب الله تعالى الحسنات من يساعد الناس في طريقهم، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من نحّى عن طريق المسلمين أذى كتب الله له حسنة ومن كتب الله له حسنة أدخله الجنة»، رواه الإمام جابر بن زيد، ولعل أفضل ما قيل شعرا في حق الطريق ما قاله شيخ الإسلام ابن حجر حيث يقول:

أفش السلام وأحسن في الكلام وشمت

عاطسا وسلاما رد إحسانا

في الحمل عاون ومظلوما أعن وأغث

لهفان واهد سبيلا واهد حيرانا

بالعرف مُر وأنه عن منكر وكف أذى

وغض طرفا واكثر ذكر مولانا

فلنجعل من سيرنا في الطريق وسيلة من وسائل كسب محبة الله تعالى وأن نسير على خطى ديننا الحنيف فيما يرضي الله ورسوله والمؤمنين.