أفكار وآراء

مجتمع الأعمال ومنظور جديد للتنمية الشاملة

09 فبراير 2020
09 فبراير 2020

خلفان بن سليمان البحري -

ترتبط استمرارية التنمية الشاملة في البلاد بوجود اقتصاد حيوي متنوع ذي ديناميكية متجددة قادر على مواكبة معطيات كل مرحلة، ويتشكل مع محتمات الظروف المحيطة، كما أن التنمية الاقتصادية قائمة على نمو القطاعات الإنتاجية المختلفة التي يديرها ويحركها مجتمع الأعمال، ويجدر القول هنا أن مجتمع الأعمال ليس محصورًا في معناه على مؤسسات القطاع الخاص وإنما هو النسيج المشترك الذي يربط مؤسسات الدولة المعنية بقيام وتطوير الأعمال مع بعضها البعض والمتمثلة في المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد فجميع هذه الشرائح تتقاطع في مصلحة مشتركة واحدة وتطلع واحد وهي التنمية الاقتصادية التي هي عمود التنمية الشاملة.

ولطالما كانت المصلحة المشتركة «التنمية الاقتصادية»هي الأهم والأسمى فإنه يتوجب العمل على تسخير كل الموارد والطاقات والإمكانات لتحقيقها والدفع بها وفق رؤية واضحة وأهداف محددة للجميع والتي تتطلب حراكًا وطنيًا منسجمًا وجهودًا مشتركة متكاملة نحو قيام الأعمال التجارية والمشروعات الاستثمارية النوعية التي تساهم في إيجاد تنويع اقتصادي حقيقي وتثري السوق المحلي بفرص أعمال تتكامل مع بعضها لتسريع مراحل الإنتاج.

فعلى صعيد مؤسسات القطاع الخاص بمختلف قطاعاتها العمل على الإسراع في تحويل الفرص المتاحة إلى مشروعات استثمارية متنوعة وفق إمكانياتها والسعي الدؤوب للشراكة مع الاستثمارات الأجنبية التي تمكنها من تحقيق مشروعاتها من حيث رؤوس الأموال والتقنيات الحديثة والابتكارات المتطورة والانفتاح على الأسواق العالمية والانتشار بمنتجاتها إلى أسواق أرحب، واستقطاب القوى العاملة الوطنية وتأهيلها وصقلها مهنيًا لتقوم بواجبها في تحقيق الإنتاجية المنشودة والمساهمة في إيجاد فرص الأعمال الفرعية المنبثقة من مشروعاتها لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعمل معها بروح الشريك التكاملي نحو الإنجاز، وإيجاد منتجات وطنية ذات جودة عالية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية تساهم في تنمية الصادرات وتعظيم العائدات والمشاركة في تعزيز الموارد المالية للدولة من خلال الالتزام بتسديد الضرائب والرسوم المحددة.

كما أن للمؤسسات الحكومية الداعمة لقيام الأعمال الدور الأكبر نحو تحقيق هذه المصلحة «التنمية الاقتصادية» من خلال العمل بروح الشريك الحقيقي مع القطاع الخاص وتمكينه من القيام بأدواره الاستثمارية وتشجيعه وتحفيزه وتنميته، كما أن عليها مواكبة التطورات التي يشهدها عالم الأعمال وأن تكون مطلعة على الاحتياجات التي تتطلبها بيئة الأعمال من تحديث في القوانين والتشريعات المشجعة والمحفزة، وتسهيل في الإجراءات وتسريع في إصدار التصاريح والتراخيص وفق مدد زمنية محددة من خلال أنظمة إلكترونية متقدمة وجهاز إداري مؤهل بالمهارات والمعرفة التامة بماهية الأعمال التجارية والاستثمارات وأهميتها الاقتصادية للبلاد، وإنشاء المرافق المساندة والبنى الأساسية وتحسينها، ووضع الخرائط الاستثمارية ووضوح التوجهات بشأنها.

أما بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني فدورها لا يقل أهمية عن باقي المؤسسات فمن خلالها وحسب اختصاصاتها ومجالاتها يمكنها العمل على تقديم الدراسات والمقترحات التي تخدم مسيرة التنمية الاقتصادية ونشر الثقافة الاستثمارية والاقتصادية للمجتمع والمساهمة مع مؤسسات الدولة في صياغة الخطط والرؤى الاقتصادية وتبني الأفكار التجارية ودعمها بالاستشارات والتوجيه والإرشاد والترويج للمنتجات الوطنية والتسويق للسلطنة كوجهة اقتصادية واعدة.

إن الفرد هو الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية وهو محورها، فهي في جملة أهدافها تنصب في الارتقاء بمستوى الدخل وتحسين المعيشة وتحقيق معدلات الرفاهية، والفرد هو العامل والمستثمر والمُشرع والمستهلك، فانتباهه بأهمية قيام الأعمال والمشروعات التجارية والاستثمارات ووعيه بدوره في تنميتها والتسهيل لها والانخراط في العمل بها ودعم منتجاتها سيساهم في تحسين مدخلاتها ونمو عائداتها والتوسع في أنشطتها وزيادة مساهماتها في الاقتصاد الوطني.