1429037
1429037
عمان اليوم

التعليم والتدريب والتوظيف مرتكزات «قابوسية» لنقل عُمان إلى دولة عصرية

02 فبراير 2020
02 فبراير 2020

أكد في خطاباته السامية أن الإنسان العماني حجر الزاوية وصانع التنمية -

كــــــــتب : خالد بن راشد العدوي -

حرص جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور- رحمه الله - منذ توليد مقاليد الحكم في البلاد على رعاية وتنمية الإنسان العماني، وجعله ضمن أولياته في مختلف خططه وبرامجه المعهودة والمشهود لها بتطوير وتنمية قدراته في فرص التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف.

ووصف الإنسان العماني بأنه حجر الزاوية وقطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية وذلك خلال خــطاب جلالته في افتتاح الفترة الخامسة لمجلس عمان لعام 2011م «لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنمية الموارد البشرية وذكرنا أنها تحظى بالأولوية القصوى في خططنا وبرامجنا فالإنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهو قطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية إذ إن غايتها جميعا هي إسعاده وتوفير أسباب العيش الكريم له وضمان أمنه وسلامته ولما كان الشباب هم حاضر الأمة ومستقبلها فقد أوليناهم ما يستحقونه من اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركة حيث سعت الحكومة جاهدة إلى أن توفر لهم فرص التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف».

وكان لا يخلو خطاب لجلالة السلطان الراحل، إلا ويركز على تعزيز الإنسان العماني، وتطوير شعبه وبلده ومجتمعه من خلاله، فكان -طيب الله ثراه- منذ بدايات العهد قد وعد شعبه بأنه سيجعلهم يعيشون سعداء أكثر مما كانوا يعيشون فعبر النطق السامي لعام 1970: «سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء»، وفعلا بدأ يظهر للعيان تجلي هذا الوعد، وأصبح المواطنون في الداخل والخارج يشعرون بطمأنينة العيش الكريم، مما حدا بالكثير ممن كانوا يتواجدون في الخارج سواء للعمل أو الدراسة أن يرجعوا إلى بلدهم، وتقديم واجب الولاء والانتماء والعرفان لباني نهضة عمان الحديثة، لأنه وبحسب كلمات السلطان الراحل، فإن الدولة لا يمكن أن تبنى إلا بسواعد أبنائها الكرام.

التعليم الأساس

فكان فعلا نعم الوعد والعهد والقرار الذي حرص خلاله - رحمه الله - بأن جعل شعبه يلتفون حوله، ويسارعون في بناء الوطن، وأول ما بدأ به بعد توحيد البلاد من مسندم إلى ظفار هو التعليم، حيث أكد في خطابه - طيب الله ثراه - في عام 1972م «المهم هو التعليم حتى ولو تحت ظل الشجر».

فبعد أن كان التعليم يقتصر على مدرستين فقط في بداية العهد، بدأت المدارس تتوسع وتنتشر بين ولاية وأخرى ومن منطقة إلى أخرى، حتى أصبحت في كل ولاية لا تقل عن مدرسة أو مدرستين، كما أنشئت العديد من المعاهد والكليات، وظهرت العديد من التخصصات، إضافة إلى البعثات والمنح التي كان يوفرها لخدمة أجندة عمان، والآن بفضل الله تعالى ثم بفضله - رحمه الله - أصبحت المدارس والمعاهد والكليات والجامعات منتشرة في كل بقعة من بقاع السلطنة بل وفي كل بلدة وقرية.

الإنسان صانع التنمية

ولم يقف جلالته عند هذا الحد، فقد أكد في خطابه السامي لعام 1974م أن «الإنسان هو صانع التنمية ويجب أن يكون هدفها إسعاده وإعداده»، وهذا ما يؤكده فعلا وعده في أول خطاب ألقاه عند تولي زمام الحكم بعد والده في سنة 1970م.

تذليل التحديات

ومما شك فيه - أن السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - قد بذل جهودا كبيرة، لاسيما خلال العقد الأول (1970 - 1980)، في البناء والتعمير والتشييد في مجالات الحياة الخدمية والاجتماعية والاقتصادية بل والسياسية، وأشار جلالته في خطابه السامي لعام 1974م: «أما ثالث هذه التحديات التي نخوضها، وما زلنا، فهو معركة البناء والتنمية والتطوُّر، ولقد كانت خطتنا في هذا المجال طموحة، تستهدف الإنسان العُماني وتعويضه ما فات، وكان عمادها في تنفيذها الإنسان، فالإنسان هو صانع التنمية، ويجب أن يكون هدفها إسعاده، وإعداده، ليعطي بلاده أحسن ما عنده من إنتاج».

حمل المسؤولية

وظل جلالة السلطان الراحل يؤكد دوما في خطاباته على أهمية إشراك الإنسان العماني في كافة المجالات، حتى وإن استدعت الحاجة إلى الاستعانة ببعض الخبرات الأجنبية لبعض التخصصات، إلا أن المواطن العماني لابد أن يشرك فيها ليستفيد ويتم نقل الخبرة والتجربة إليه، فكان جلالة السلطان الراحل يراهن على أن الإنسان العماني هو من يبني بلده ووطنه دون غيره، والاعتماد عليه أصبح واجبا وركيزة أساسية، وهدفا أسمى لابد أن يتحقق بكل الطرق، وهذا ما أكده جلالته في سنة 1977م عندما قال: «إننا إذا أردنا أن نضمن لبلدنا القيام بدوره كاملا... فإنه يجب علينا أن نواصل جهودنا لبناء وتعزيز قوة بلدنا، وأن نعد أجيالنا الصاعدة للمهام والمسؤوليات التي تنتظرهم».

إتاحة فرص التدريب

ووجه المغفور له كافة الوزارات ومؤسسات الدولة لخدمة الإنسان العماني والمجتمع وتلبية كافة متطلبات العيش الكريم، وهذا ما أكده في خطابه لسنة 1978م عندما قال: «إنَّ الأعمال التي تقوم بها وزاراتنا في خدمة أبناء شعبنا ذات أهمية حيوية... ومهام توفير حياة كريمة ومرفهة لشعبنا وإتاحة فرص التدريب لشبابنا، وإعدادهم ليكونوا جديرين بتراثهم العظيم... كل هذه الأمور هي أساس قوتنا».

تذليل الصعاب

وقد كتب جلالته على نفسه: بأنه لن يمضي يوما أو شهرا أو سنة إلا وأرى فيها من التقدم والإنجاز والأمنيات التي أراد لها أن تتحقق أمام عينيه، فكان - طيب الله ثراه - يتفقد أحوال الرعية، ويزور المقرات الحكومية والمرافق الخدمية التي تتطلب تذليل الصعاب والعقبات التي تحول دون الوصول إلى سلم التنمية والبناء، وهذا فعلا ما شهده القاصي قبل الداني من الجولات السامية التفقدية طوال اليوم لضمان استقرار البلاد والتغلب على أية عقبة قد تواجه المواطنين.

بناء وتنمية البلاد

وبعد مضي 10 سنوات من البناء والتطوير، وعندما اكتملت قواعد وأسس البناء في الدولة، كان لجلالة السلطان المرحوم خطة طموحة في مواصلة مسيرة التطوير والازدهار من خلال ترسيخ أسس وقواعد التعليم والتدريب والتخصصية في العمل، وهذا ما أكده في خطابه لعام 1988م عندما قال: «لقد أولت مسيرتنا عناية كبيرة لإنجاز البنية الأساسية في مجالي التعليم والتدريب، وأكملنا بذلك مراحل مهمة حرصا منّا على إعداد أبنائنا للمشاركة في بناء وتنمية البلاد، وإنه لمن الضروري أن نبذل المزيد من الجهد لتطوير السياسات المتبعة في هذين المجالين؛ بما يخدم توجهاتنا الأساسية للاعتماد على قوانا البشرية في مختلف مجالات العمل».

ومن هنا أعلن جلالة السلطان -رحمه الله- بأن المرحلة الأولى من توليه الحكم كانت تعيش في مرحلة صعبة، وتحتاج إلى التكاتف والتضامن والتفاف العمانيين مع بعضهم البعض، وهذا ما أكده - رحمة الله عليه - حينما قال في سنة 1989م: «نعيش مرحلة تتطلب من أبناء الوطن أقصى درجات الجدية للقيام بالعبء الأساسي في كافة مجالات العمل بغير استثناء».

التوظيف

وكان يدعو جميع أصحاب الأعمال والمقتدرين بأن يوظفوا العمانيين من أبناء بلدهم وترغيبهم في ذات المجال، حتى يستفيد صاحب العمل من مهارات وقدرات العامل العماني، والعامل العماني يستفيد من صاحب العمل من حيث الخبرة والتخصصية، وهذا ما أكد عليه جلالته - رحمه الله - في سنة 1989م: «يتوجب على أصحاب الأعمال في مختلف القطاعات الأهلية أن يبذلوا جهودا إضافية وجادة توجد الفرصة أمام المواطنين الراغبين في العمل، وتساعدهم على اكتساب الخبرة العملية والفنية».

وفي نفس الخطاب أكد المغفور له - بإذن الله - «على أصحاب الأعمال في مُختلف القطاعات أن يبذلوا جهودا إضافية وجادة توجد الفرصة أمام المواطنين الراغبين في العمل»، كما وجــــــه - رحمه الله -العمانيين الباحثين عن عمل إلى التوجه إلى القطاع الخاص والاستفادة منه وتطوير هذا القطاع للمساهــــــمة في البناء والتعمير، حــــــينما قال: «ولا شك أن إنجاز أية خطوة على هذا الدرب الطويل ســــــوف يتيح مــــــزيدا من فـــــرص العمل وبالذات فــــــــي القطاع الخاص الذي نكــــــــــرر دعوتنا له وفي كل مناسبة أن يأخذ زمام المبادرة في هذا المضمار وأن يعمل بجد وبروح وطنية عالية لرفع نسبة العمالة العمانية في مؤسساته وشركاته الصغيرة منها والكبيرة ونحن إذ نتوجه بالنداء إلى هذا القطاع الحيوي الهام لكي يفتح أبواب العمل للعمانيين مؤهلين وغير مؤهلين مدربين وغير مدربين كل في المجال الذي يصلح له».