صحافة

الحياة الجديدة :صفقة الحرب والتطهير

31 يناير 2020
31 يناير 2020

في زاوية مقالات كتب عمر حلمي الغول مقالاً بعنوان: صفقة الحرب والتطهير، جاء فيه:

لم يأت الرئيس الأمريكي بأي جديد، وغير معروف للشعب والقيادة الفلسطينية، فأكد على سيادة إسرائيل على القدس العاصمة الفلسطينية، وأعلن أن القدس لن تقسم، واعتبرها «محررة»، وكأنها كانت واقعة تحت الاستعمار الفلسطيني!؟ هكذا دون أن ترف جفونه، قلب الأمور رأسا على عقب. ومنح السيطرة للإسرائيليين المستعمرين على الأغوار وشمال البحر الميت، والسيطرة على الحدود، وبقاء الاستيطان الاستعماري على أراضي دولة فلسطين المحتلة، ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين لمدنهم وقراهم، التي طردوا منها، وأعاد التأكيد على الحل الاقتصادي من خلال الرشوة التافهة والرخيصة، أي الـ50 مليار دولار أمريكي، والتي لا تساوي واحدا في الألف من أملاك وحقوق وأراضي فلسطين المنكوبة في العام 1948.

ولا أعتقد أني أضيف جديدا، إذا ما أكدت على أن الهدف الآن من المؤتمر كان سياسيا بامتياز لإنقاذ رقبة صديقه نتانياهو من الدخول للسجن، ومنحه جائزة ترضية جديدة للفوز بالانتخابات مطلع مارس المقبل، وأيضا لكسب أصوات الأمريكيين المضللين والواهمين بسياسات إدارته في حملة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، وأيضا للخروج من أزمة المحاكمة في مجلس الشيوخ لعزله. دون أن يلغي هذا الشرط الآني، أن الصفقة خيار استراتيجي لإدارة ترامب وللدولة العميقة في الولايات المتحدة، وهي جادة في مساعيها لتصفية القضية الفلسطينية بالشراكة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، وكل من يدور في فلكهم. وتهدف بشكل واضح وصريح لإشعال فتيل الحرب والإرهاب والعنف في الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية خصوصا والإقليم ككل، والقضاء على السلام كليا، وأيضا التمهيد الواضح لتقوم إسرائيل الخارجة على القانون بعملية الترانسفير ضد الفلسطينيين من كل فلسطين التاريخية، وليس فقط من الضفة الفلسطينية بذريعة، أن الفلسطينيين رفضوا الصفقة، وأخذوا قرارا بالدفاع عن مصيرهم ومستقبلهم، ومستقبل أطفالهم والأجيال القادمة، وعن السلام العادل والممكن والمقبول. وبالتالي الرد الإسرائيلي على ذلك سيكون باستخدام أولا أسلحة الموت، ومضاعفة عمليات القتل والاغتيال للقيادات والنخب الفلسطينية، والطرد والإبعاد والاعتقال للنشطاء منهم، وتدمير البيوت والقرى والمخيمات، وفتح بوابة نكبة جديدة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من خلال الطرد الجماعي من المدن والقرى.

لكن ذك لن يمر، ولن يضعف من عزيمة وإرادة القيادة والشعب والنخب السياسية الفلسطينية، والتي هي مطالبة الآن بالعمل الفوري لتكريس الوحدة الوطنية، وتشديد النضال الشعبي اليومي وفي كل الميادين والساحات والمنابر والمجالات، والاندفاع نحو الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم عبر بوابتي النضال السياسي والدبلوماسي لتعزيز مكانة الدولة والحقوق الوطنية الفلسطينية. وتفعيل وتطوير دور ونشاط مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتحمل مسؤولياتها كمرجعية أولى عن مصالح وحقوق الكل الفلسطيني في الوطن والشتات.

النتيجة مما أعلنه الرئيس ترامب، ومعه رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو، انهما أسدلا الستار على اتفاقية أوسلو، وكل الاتفاقيات المبرمة بين منظمة التحرير ودولة الاستعمار الإسرائيلية. ولم يعد لها وجود، لأن صفقته طوت صفحتها كليا، ولم يعد لها مكان من الإعراب، وهذا له تبعاته ومتطلباته الوطنية والقومية والأممية. وهذا هو قرارهم هم، وليس قرار القيادة الفلسطينية، وبالتالي لم يعد الحديث ممكنا عن اتفاقية أوسلو، أو بروتوكول باريس أو واي ريفر أو اي اتفاقية. لكن ذلك لا يعني التنازل، أو التخلي عن السلطة الوطنية، بل العمل على نقلها إلى الدولة، وتطوير أدائها بما يستجيب لمصالح وحقوق الشعب الفلسطيني وصولا للدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لأبناء الشعب في مناطق الـ48.