1425737
1425737
المنوعات

«مقهى الأدب» مساحة للنقاشات الثقافية والإبداعية وتسليط الضوء على هموم الكتابة والقراءة

29 يناير 2020
29 يناير 2020

مكتب عمان - نزوى: عزماء بنت محمد الحضرمية -

من رحم الأدب ولدت الفكرة، وعلى حروف الأدباء تغذت، وبين زوايا المقاهي الثقافية ترعرعت، الأمر الذي جعل من الكاتبة فاطمة بنت سعيد المعولية تؤسس «مقهى الأدب» بدافع من شغفها بالقراءة والكتابة، ليكون ملتقى للشاب العماني المهتم بالأدب والثقافة، والمطلع لكل ما من شأنه توسيع آفاقه المعرفية، تأسس المقهى في السابع عشر من أغسطس عام 2019، وحظيت جلساته بإقبال من جمهور الساحة الأدبية، والمهتمين بالقراءة والكتابة، وتقوم فكرته على تنظيم جلسات أدبية في أحد المقاهي بمحافظة مسقط، يتم من خلالها مناقشة موضوعات تتعلق باللغة والأدب، كما تتخلل هذه الجلسات قراءات شعرية ونثرية للأعضاء والمشاركين. عمان الثقافي يسلط الضوء على هذه التجربة من خلال هذا اللقاء.

هموم الكتابة والثقافة

تتحدث فاطمة في لقاء معها عن علاقتها بالقراءة والكتابة كمهارتين متلازمتين: إن علاقتي بالقراءة والكتابة بدأت منذ الصغر، وكنت أبحث عن مساحة تجمعني بمتذوقي الأدب، فوجدت في مقهى الأدب ما يشغل هذه المساحة، وتضيف أيضا: إننا جميعنا نحاول الكتابة؛ والفرق بين الكاتب المبدع وغير المبدع يكمن في سر تلك المحاولة. أما عن فكرة مقهى الأدب، فقد شعرت فيها بالحاجة إلى أصدقاء أشاركهم حب القراءة والكتابة، نتبادل معا هموم الكتابة ومشاغل الثقافة، خلقت فكرة مقهى الأدب في بالي، فبدأت بالبحث عن أصدقاء المقهى. وتضيف أيضا: كانت الجلسة الأدبية الأولى بمثابة البذرة التي زرعت، لينمو مقهى الأدب مع كل جلسة بشكل أكبر وأجمل، وبمساعدة مواقع التواصل الاجتماعي، تواصلت مع العديد من الكتاب لدعوتهم إلى أحد المقاهي، في مسقط لحضور الجلسة الأدبية، ومناقشة بعض الموضوعات الثقافية والأدبية ونشر الفائدة، كللت الجلسة بالنجاح ولله الحمد، حتى طالب الحضور بتكرار الجلسات، وتشكل مقهى الأدب بكل حب وشغف، ومن خلال الجلسات المتتالية تنوعت الموضوعات واختلفت الوجوه، وكان الجو الشبابي الحماسي يزداد بتسارع مبهج، الأمر الذي ساهم في إيجاد مجتمع شبابي حقيقي يعنى بأدب الشباب، بل تطور الأمر لتكون هناك جلسات ولقاءات لأعضاء مقهى الأدب، وهذا ما كنت أطمح له من البداية، تكوين مساحة لنا كشباب مهتمين بالأدب والفكر.

أهداف تأسيس المقهى

وتتحدث المعولية عن الهدف من تأسيس المقهى بالقول: إن المقهى يهدف إلى تكوين مجتمع شبابي أدبي، يتشارك معا بالخبرات والثقافة ونشر الوعي، كما أن المقهى هو ملتقى لكل شاب صاحب هواية أدبية، وهو مساحة لقراءة الإبداع، وملتقى لتبادل الخبرات، إذ إن الكاتب أو الأديب بحاجة دائما؛ لأن يكون في محيط من الأصدقاء الذين يشاركونه ذات الشغف، وليس كالأدب شغف يراود الذائقة، كما أن تبادل النتاج والمعارف يسهم بشكل كبير في تطورنا كشباب وكتاب وشعراء وقراء، مهتمين بالكتابة والقراءة والأدب والفكر.

من جانب آخر، يستهدف المقهى كل من يهتم بالأدب ولديه شغف القراءة. ومع ذلك فالمقهى لا يهتم بالقراء والكتاب فقط بل بعامة المجتمع، ويدعم كل الفنون والمواهب، وهذا ما صرنا نكتشفه فعلا مع الوقت، حيث انضم إلى المقهى أصحاب مهارات فنية مختلفة، وعلى سبيل المثال لدينا شباب شغوفون بالنتاج المسموع، وهذا ما ساهم في إبراز موهبتهم في التسجيل الصوتي والإلقاء والإخراج، بالإضافة إلى المواهب الإعلامية والمصممين والمصورين الذين دعموا مقهى الأدب بإبداعاتهم كل في مجاله.

هذا وتقام الجلسات الأدبية مرة عند نهاية كل شهر، حيث يتم الإعداد للجلسات من قبل أعضاء المقهى الأدبي والإدارة، فيشاور الأعضاء ليبدوا آراءهم واقتراحاتهم، في تنظيم ومكان وموضوعات التي يمكن طرحها في الجلسات، ويتم تحديد موعد لكل جلسة، مع الأخذ بعين الاعتبار تفرغ معظم أعضاء المقهى، واليوم الذي يناسب الأغلب، ويتم النقاش فيما بعد عن المواضيع التي ستناقشها الجلسة، وبعد تأكيد الحضور، تقوم إدارة المقهى الأدبي بتثبيت القائمة والمكان والزمان، كذلك قبل موعد الجلسة بعدة أيام يتم نشر إعلان عن الجلسة في مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوة المهتمين للحضور والتسجيل، كما يحدد العدد الذي ستقبله إدارة المقهى، بحسب سعة المكان الذي سيحتضن الجلسة، ويطلب من المشاركين تبيان ميولهم الأدبية شعرًا أو نثرًا أو قراءةً عند التسجيل.

وتحدثت فاطمة المعولية عن طبيعة الفعاليات والجلسات التي يقدمها المقهى حيث قالت: إن كل جلسة تختلف عن الأخرى، وفي كل برامجنا التي نقدمها في الجلسات نحاول تنويع البرنامج، والتركيز على جوانب الأدب الممكنة، وحتى الآن أقمنا ٤ جلسات متنوعة، بعضها شمل قضايا معاصرة في الحياة، نوقشت من منظور أدبي، وفي أحيان أخرى تتم مناقشتها من منظور فلسفي، كما أن بعضها شمل جوانب معينة بقضايا القراءة والكتابة. أما بالنسبة للتخطيط لبرامج الجلسات، فيقوم بعض الأعضاء باختيار مسبق بالتحضير لجمعِ المعلومات أو الاستعداد عن سابق معرفة، لتقديم الجلسات وإدارة محاورها وموضوعاتها. يناقش العضو المسؤول عن ذلك المحور بقية الأعضاء، فيشارك الأعضاء بآرائهم ووجهات نظرهم تجاه ذلك الموضوع، كما تحدد مدة الجلسة، ويتم تقسيمها على كل موضوع، وغالبا ما تكون مدتها ساعتين أو ثلاث ساعات، وتكون هنالك قراءات شعريّة ونثريّة من قبل الحضور عند نهاية كل جلسة.

الدعم والتحديات

وتحدثت المعولية عن دعم بعض الجهات المهتمة، مؤكدة على وجود مبادرات للمساهمة في إنجاح هذه الجلسات، من عدة مقاهٍ ومراكز تعليمية ومكتبات ورغبة كبيرة في احتضان مقهى الأدب بكل حب، وتقول أيضا: إننا نطمح لدعم أكبر، خصوصًا أن الدعم الذي نحصل عليه حاليًا يأتي نتيجة اجتهادات فردية، ونحاول جهدنا مع الوقت أن نستقطب جهات داعمة لنا، ومقهى الأدب يضع هذا التحدي كعامل محفز في إثبات وجودنا، على هذه الساحة الأدبية الشبابية.

أما تحديات تطبيق القراءة فأغلبها كانت مادية، وهناك تحديات في تنظيم الجلسات، ومحاولة حصر عدد الحضور وتنظيمهم، وواجهنا في البداية تحديات الانطلاقة، وتجهيز الرؤية للمستقبل، لكننا وبفضل العمل الجماعي، وتمكنا من تجاوز وحل أكثر التحديات المعيقة، فنحن نأخذ الأمور بشغف ومتعة، لنصل إلى الرؤية الكبرى التي رسمناها في تشكيل وتكوين مقهى الأدب.

تطلعات لتطوير المقهى

أما عن تطلعات المقهى في قادم الأيام، فهنالك العديد من الأفكار المقترحة على طاولة مقهى الأدب، والكثير من الشغف والحب في كل فكرة، سترى النور قريبا، لكن رؤيتنا الأكبر تتمثل في الهوية التي التزمنا بها من البداية، لذلك نحن نسعى لأن نخرج أعمال مقهى الأدب بالشكل الذي يليق بنا كمجموعة شبابية مهتمة بالأدب والفكر، كما أننا نعتمد على الأفكار الجذابة التي تسهم في رفد الساحة بكل جديد ومدهش، والأفكار كثيرة وروح الشباب كبيرة ومتقدة.

ويتحدث سلطان آل ثاني أحد أعضاء مقهى الأدب أن الجلسات الأدبية هي نافذة تطل بي على القراءة، ومن خلالها أعرض ما يدور في بالي، من مواضيع أدبية وفكرية ونقدية، كما أستفيد مما يطرحه الآخرون من موضوعات وخبرات، حيث يلتقي الرأي بالرأي الآخر، ويلتقي الشاعر بكاتب النثر، غير أن الجلسات تخرج بي لنطاق أوسع، وتعرفني على الساحة الأدبية.

وتتحدث نبراس الراشدية عن الفائدة التي أضاف لها المقهى، فقد أصبحت أكثر معرفة بجوانب الأدب، والفرق بين أدب الطفل والأدب الموجه للكبار، وتقول: إنها تعلمت كيف تتغلب على الأخطاء الشائعة أثناء الكتابة.