oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

التعاون الدولي وبناء الخبرات الوطنية

26 يناير 2020
26 يناير 2020

تقوم الدول في عالم اليوم على التكامل في بناء وتبادل واكتساب التجارب والخبرات، فلا دولة يمكن أن تعمل بمعزل عن العالم، في الوقت الذي يتأكد فيه يوماً بعد يوم أن عالمنا يتطلب المزيد من التعاون الإنساني في كافة المجالات، لتشييد الآفاق الأوسع من الرؤى السديدة التي تتكفل برسم المستقبل الأفضل للشعوب والأمم.

تؤمن السلطنة منذ فجر بعيد بهذه السياسة المكتسبة في جوهرها من صميم التاريخ العُماني، فمنذ القدم كان العمانيون يسافرون إلى أقاصي الدنيا شرقاً وغرباً وهم ينشدون السلام والإخاء، وحيث يكون الوجه الثاني للاقتصاد والتجارة هو المعرفة وتبادل الخبرات والتثاقف بين بني الإنسانية في إطار عالم يرى في هذا التكامل ضرورة وإلحاح لتجسير المسافات بين الشعوب.

عبر التاريخ البشري كانت الكرة الأرضية في حراك مستمر، ينزح البشر من مكان لآخر وتتحرك الخبرات ويتم تبادل المعارف ما جعل الإنسان يُشكّل حضارته سواء القديمة أوالحديثة، ويمكن القول دون مبالغة أن لعُمان دوراً في تشكيل خرائط الاتصال بين الشرق والغرب عبر موقعها الجيوسياسي وعلاقاتها الوطيدة مع البحار والتجارة وهذه المناخات التي يمكن رد الاعتبار إليها بشكل حديث لتكون مرآة للمستقبل.

وفي العهد الزاهر من النهضة العمانية الحديثة التي بدأت منذ السبعينات رأينا انفكاك العزلة وعودة السلطنة إلى الماضي التليد بحيث تتجه إلى الإشراق الذاتي والتواصل مع كافة البلدان، لتصبح عضواً في المنظمات الفاعلة والهيئات وشريكاً في صناعة القرار الدولي والأممي، بل تلعب الأدوار التي تراها مناسبة في الوساطات والتيسير بين بني الإنسانية.

إننا في حاجة إلى الاستفادة من جملة هذه المعطيات التي تأسست عبر عقود لنعبر بها إلى مساحة جديدة من بناء العلاقات الدولية الفاعلة في مستويات عديدة، وهو طريق مرسوم بالفعل يجب علينا تأكيده بالتقاطع مع أنجح فرص العصر الحديث بأخذ المناسب والجيد مع موروثنا، وفي الوقت نفسه العمل على تحقيق المنفعة للمجتمعات المحلية وشحذ الهمم وجعل التقنيات والتكنولوجيا عنواناً للمعرفة في البلاد من خلال الانتقال إلى هذه الحقبة التي تعنى بالابتكار وتنمية القدرات الأكثر حداثة.

ونحن نتطلع إلى استراتيجية العشرين عاما المقبلة من خلال الرؤية المستقبلية «عُمان 2040» فأمامنا الفرص بالاستفادة من المكتسبات الزاخرة والتأسيس على تراكمها الثري، بحيث يمكن لنا الانتقال إلى مزيد من التطلعات والفرص اعتماداً على الكوادر الوطنية التي تتقاطع مع مجمل التجربة البشرية الحديثة، استفادة واحتكاكاً ومساهمة في الوقت نفسه، لاسيما أن ثمة تطلع كبير بأن تتبوأ عُمان مرتبة متقدمة في مؤشرات الابتكار على مستوى العالم في السنين المقبلة.

أخيراً يجب التأكيد على أن عالم اليوم تتنوع فيه الخبرات والفرص والتجارب، من مجال لآخر ويبقى لنا العمل بنظرة شاملة وتكاملية ترى كل هذه الحقول في ماعون واحد هو تمكين الحياة الأفضل للجميع.