salim
salim
أعمدة

نوافذ: الخليج على صفيح ساخن

06 يناير 2020
06 يناير 2020

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

كأنه كتب على منطقة الخليج والشرق العربي أن تبق على صفيح ساخن دائمًا وأبدا، فمنذ 100عام قريبة وهذه المنطقة تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني والعسكري والاقتصادي ودفعت لتكون في أتون الحربين العالميتين الأولى والثانية، ونضحت عليها نتائج الاتفاقيات التقسيمية الحدودية الدولية لتقطعها إربا، وكلما استطاعت الجهود أن تخمد نيران الفتن فيها، تجددت الخلافات بين دولها، أو جاءها من يشعلها من وراء البحار، لتبقى هذه المنطقة الغنية بثرواتها البشرية والاقتصادية والنفطية والزراعية والاستثمارية والجغرافية وقدراتها الغنية في مهب الريح أغلب أوقاتها التي عاشتها بدءًا من النصف الثاني من القرن الماضي.

اليوم تعود هذه المنطقة من جديد إلى واجهة الأحداث في العالم، بعد المستجدات التي طرأت خلال الأيام الماضية التي أفضت إلى قتل القائدين الإيراني والعراقي بالقرب من مطار بغداد فجر الجمعة، وهذا ما سيفتح الأحداث المقبلة على كل الخيارات لتنسف كل الجهود التي قادتها عدد من الدول لإحلال التهدئة بدل العنف والأمن والاستقرار بدل التوترات، وستكون المرحلة الماضية ليست كما كانت حتى عهد قريب، بل أن المنطقة مقبلة على وضع صعب للغاية.

ما يحدث من مخاض نتيجة لتلك الأوضاع المتشابكة بين دول المنطقة التي لم تستطع أن توجد مسارات آمنة لعلاقاتها الثنائية فاتكأت على عوامل بعيدة عن السياسية، في التعاطي أكثر من اتكائها على الواقعية، وبين دول المنطقة والولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتمكن من الحفاظ على مسار علاقاتها مع القريب والبعيد من هذه دول، وهذا ما أوجد الخلل والتباعد.

كل الأطراف في المنطقة والعالم التي دخلت بإرادتها وغير إرادتها في محيط هذا التوتر، لن تكسب شيئًا من ذلك، وإن كانت للولايات المتحدة حساباتها الداخلية والخارجية من التصعيد في المنطقة، لكن هذا لا يعني أن يتم نسف الجهود المخلصة لبعض الدول، واستطاعت التقريب فيها بين المواقف واجتهدت من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين، وأن ينعم الجميع بالسلام، ما حدث من خطوة استباقية لن تحل أي نزاع قائم أو خلاف، بل ستبرهن أن الثقة في العلاقة بين بعض الدول التي قاربت الـ300 عام من التعاطي السياسي يمكن نسفها في لحظة تسبب فيها الأحراج وتفقد المصداقية والتعهدات والضمانات التي تقدم للأطراف بغية للوصول إلى غاية السلام الذي ينشده الجميع في المنطقة.

بعض التصرفات ليس لها مبرر، ولن يجر العنف سوى العنف، لتبدأ دورة جديدة من سيلان الدماء في المنطقة، وهذا ما سيعقد المشهد، ويجعله عصيًا على الحل وتتباعد فيها المواقف، فالأمم اليوم لا يمكن أن تمنعها من ردة الفعل التي قد تتحملها الحكومات، لكن لن يتحملها المواطن الذي يفقد أخاه أو أباه أوقريبا له في أي لحظة هوجاء لم تحسب عواقبها.

نحتاج إلى المزيد من التعقل وحساب الأشياء، وما بعد الأشياء التي قد تهلك الجميع باستخدام بعض الأطراف للأسلحة المشروعة وغير المشروعة في حالة المواجهات التي ستهلك كل حي في المنطقة لتحقيق مكاسب على الأرض للتفاوض عليها مستقبلا والوصول إلى انتصارات معنوية لا أكثر، بعد أن يكون الخليج قد احترق بفعل فاعل.