أفكار وآراء

عقود برامج الحاسوب ونصوص الصيانة

01 يناير 2020
01 يناير 2020

د. عبدالقادر ورسمة غالب -

Email: [email protected] -

يتم استخدام وسائل التقنية الحديثة واستخدام الحاسوب الآن بصورة كاملة تماما، في كل أعمالنا. وفي كل مكان تجد جهاز الحاسوب على الطاولة أو اليد للاستخدام الفوري وكلما طرأت الحاجة للاستعمال. ومن المعلوم، أن أجهزة ووسائل التقنية الحديثة تستخدم برامج تقنية معينة لكافة الأغراض، ومن المؤلم القول، إن هذه البرامج التقنية ليست مبرأة من العيوب والأخطاء والزلات الكبيرة والصغيرة. ولذا فإن الأمر يتطلب الاهتمام التام طرح ومناقشة وإعداد وصياغة العقود الخاصة لصيانة البرامج المستخدمة في الحاسوب.

من واقع ما نراه وما يحدث، فإن عالم الحاسوب والبرامج الخاصة به يعتريها بعض الأمور التي قد تهدم الغرض من استخدام التقنية أو تقلل من الإنتاج. وهذا، قد يحدث لأن البرامج التقنية التي نشتريها ليست مثل بقية السلع مثل الهاتف أو المأكولات التي تسلم مرة واحدة وبصفة نهائية. لأنه وبحكم طبيعتها فمن المقبول أن تكون هذه البرامج بها أو تحتوي على بعض الأخطاء. وبالرغم من ذلك فإنها فنيا تصنف على أنها «صالحة» لأداء مهامها. ومن هنا تبرز أهمية القول بأن من واجب الجهة مالكة البرامج تصحيح الخطأ أو الأخطاء خلال فترة زمنية معينة وفي الغالب في أثناء فترة الضمان للأجهزة أو ضمن عقد الصيانة.

ولهذا السبب فإن شركات توريد وترخيص استخدام البرامج تحرص غاية الحرص على تأكيد أن البرامج لا تخلو من الأخطاء التي قد تحدث دون قصد سيئ. ومن العبارات الشائعة الاستخدام في عقود توريد أو ترخيص البرامج أن المرخص أو المورد «لا يضمن خلو البرامج من العيوب والأخطاء، وأن وجود هذه العيوب لا يعد مخالفة لشروط العقد». وبالطبع في هذه الشركات تضع مثل هذه النصوص الهلامية لحماية نفسها من أبعاد المسؤولية.

ومن هنا تأتي أهمية عقود صيانة برامج الحاسوب ، حيث ترتبط صيانة البرامج بوجود البرامج نفسها ولا يتصور استعمال برامج الحاسوب بدون خطة واضحة لصيانتها ودعمها فنيا. وبصفة عامة فإن عمليات الصيانة والدعم يجب أن تشمل، أولا تصحيح الأخطاء أو الأعطال التي تظهر في البرامج، وثانيا تزويد المستخدم بالنسخ الجديدة المطورة والبرامج الحديثة. مع العلم أن خدمات الصيانة هذه لا تشمل عمليات تطوير البرامج أو تعديلها أو إعادة تأهيلها وتهيئتها.

مرحلة الصيانة، تبدأ غالبا بعد انتهاء فترة ضمان البرامج حسب المتفق عليه في العقد. وهنا بعض الاختلافات لأن بعض العقود تضمن خدمات الصيانة والدعم الفني ضمن الترخيص الممنوح للمستخدم. بينما بعض الشركات المنتجة تتعامل بشكل مختلف وتفصل بين الترخيص والصيانة وبالتالي تحصل على رسوم مقابل كل منها. وأحيانا، تشمل رسوم الترخيص تقديم خدمات الصيانة لمدة معينة ثم يعد ذلك يكون للمستخدم الخيار بين الاستمرار في الحصول على خدمات الصيانة ودفع رسوم صيانة جديدة أو تحمل مسؤولية الصيانة والاعتماد على نفسه أو عن طريق الاتفاق مع جهة أخرى. ولتلافي ما قد يحدث فإن عقد الصيانة المزمع توقيعه يجب أن يشير لكل التفاصيل التي تم الاتفاق عليها وأن تتم الصياغة بصورة سليمة. نقول هذا، نظرا لأننا لاحظنا أن العديد من عقود صيانة برامج الحاسوب والتقنية تمت صياغتها بطريقة غير مهنية وبعيدة عن الحرفية المطلوبة في مثل هذه العقود ذات الصبغة الفنية المحضة. ويجب على شركات إنتاج البرامج عدم استغلال جهل أو عدم معرفة المستخدم لهذه التقنيات الحديثة وعدم تقديم نماذج عقود قديمة بالية غير صالحة للغرض، ونقول إن في هذا مخالفة للقانون وللمهنية والممارسات السليمة. وكذلك على الجهات المستخدمة أن تعرف ماذا تريد وكيف تحصل عليه من شركات مضمونة وحسنة السمعة وفي نفس الوقت تحرص دائما على التعامل المهني الصحيح. وهناك مسؤولية إضافية تقع على عاتق الدوائر الفنية في الشركات المستخدمة، ويجب عليهم تقديم الرأي الفني السليم مع الحرص والتأكد من حسن صياغة العقد ليكون بداية لعمل مشرف لجميع الأطراف المتطلعة للاستفادة من التقنيات الإلكترونية والثورة التقنية الحديثة. وننصح الجميع بالابتعاد عن «كت آند بيست»، بل إعداد وصياغة كل عقد ليخدم الغرض المنشود لمصلحة الأطراف المتعاقدة، والأمر قد يحتاج لصبر ومزيد من المهنية.