adel
adel
أعمدة

تيه.. وتمويه

26 ديسمبر 2019
26 ديسمبر 2019

عادل محمود -

ـ 1 ـ

أنا لست أنا

يوم في حياة مواطن سوري..

أول النهار، على الحاجز العسكري يطلب الهوية ودفتر خدمة الجيش (العَلَم). ارتفع ضغط الدم في عروقه، خوفاً من ألا يكون مؤجلا. وفي الدفتر قرار التأجيل من الخدمة. ثم يتذكر أنه معفى من الخدمة لأنه وحيد. في نفس اللحظة يرن الموبايل رنة الرسائل الواردة. يفتح: تطلب زوجته الطلاق برسالة قاسية وغير مفهومة الدوافع. يرن الموبايل ثانية برسالة ثانية فيها أن ابنه في مشاجرة وورطة مع ابن مسؤول كبير، والدنيا قيام بلا قعود. ثم يرن الهاتف، تطلب أمه أن يؤمن جرة غاز، ومازوت، فالكهرباء مقطوعة والبرد شديد.

ثم يصحو هذا الرجل من نومه وكوابيسه... فيتذكر أنه أعزب وليس عنده أولاد، وأمه ميتة من عشر سنين. يغسل وجهه بسرعة ويرتدي ملابسه بسرعة، ويخرج من المنزل بسرعة ... فقد تأخر عن دوام الوظيفة. وعندما وصل إلى الشارع رآه خالياً تقريباً من المارة، فيتذكر أن اليوم هو يوم جمعة، ويتذكر أنه غير موظف... فيعود إلى البيت بسرعة ليتوضأ ويلحق بصلاة الجمعة..

وهنا.. هنا فقط تظهر حالة التيه التامة عندما يسأله أخوه « وين رايح بهالوقت يا جورج؟»

ـ 2 ـ

يوم في حياة مواطن صيني:

قام رئيس وزراء الصين (في زمن ما) بزيارة رسمية إلى الأسواق ليتفقدها، فمرّ بسوق اللحوم. كان السوق نظيفاً ومنظماً. وقف عند جزار شاب، وبدأ معه حديثاً: كيف حال البيع معك؟... تبدو لحومك جيدة. أجاب الشاب: جيد في العموم سيدي.

ـ وكم كيلو بعت هذا الصباح مثلاً؟

الشاب: لم أبع ولا كيلو سيدي. قال الرئيس : لماذا؟ أجاب الشاب: بسبب زيارتك لم يسمح بدخول الناس إلى السوق سيدي.

قال الرئيس: أنا إذن أشتري منك. أعطني 5 كيلو. قال الشاب: أنا لا أستطيع البيع سيدي. لماذا لا تستطيع؟ قال: بسبب زيارتك قاموا بجمع السكاكين سيدي. قال الرئيس: لا تحتاج إلى سكين. أعطني هذا الفخذ كله. الشاب: لا أستطيع سيدي. الرئيس: لماذا؟ الشاب: لأني لست الجزار سيدي. أنا عسكري في قوات الشرطة المحلية.

قال الرئيس غاضباً: اذهب وناد قائدك.

قال الشاب: قائدي يبيع السمك في الجهة المقابلة سيدي.

ـ 3 ـ

صفحة من الشاعر السوري محمد الماغوط:

«زمان لما كنت أمشي في حلب، وأسمع بائع الجرائد يصيح:

«الوطن»، بخمس ليرات. «الثورة» بخمس ليرات. «العروبة» بليرتين.

كنت مفكر أنه بيقصد سعر الجريدة».