1390957
1390957
الرياضية

خليجي 24 تفك «عقدة» البحرين وتصعد بجمال البطولة درجات في سلم البريق !

09 ديسمبر 2019
09 ديسمبر 2019

حكايات وصور ومشاهد لن تُنسى في أرض الدوحة -

كتب - ياسر المنا -

أخيرا ابتسمت مستديرة «الخليج» للبحرين وتوجت منتخبها للمرة الأولى في تاريخه باللقب الذي ظل يطارده قرابة نصف قرن منذ انطلاقة أول بطولة للمنافسة الكروية المثيرة على أرض البحرين عام 1970.

انتهى العرس الخليجي الجميل الذي جمع الأشقاء في ميدان المنافسة الشريفة وجاءت ليلة الختام لتحقق المفاجأة السعيدة لأهل البحرين وتزف فريقهم عريسا في واحدة من أروع الليالي التي لم يعرف فيها الجمهور البحريني النوم من شدة الغبطة وتواصل مد الفرحة في النفوس والقلوب.

حقق البحرين الحلم الكبير في عمره ومعانيه عبر قصة غريبة وتداعيات عجيبة وكأنه ولد من العدم بعد أن كانت البحرين مع السعودية والإمارات خارج حسابات البطولة التي أوشكت على البداية بمشاركة خمسة منتخبات برمجت مبارياتها عبر القرعة كآخر إجراء في برنامج البطولة وفجأة تبدل قرار الاعتذار الثلاثي إلى موافقة بالمشاركة لتؤكد بطولة كأس الخليج خصوصيتها وقدرتها على الصمود في أصعب الظروف.

دخلت البحرين إلى المباراة النهائية أمام السعودية وهي لا تمتلك تاريخا كبيرا في كأس الخليج، حيث لم يسبق لها الفوز باللقب، رغم أن النسخة الأولى من البطولة أقيمت في المنامة، كما أنها نظمت المسابقة 4 مرات آخرها في 2013. وأحرز المنتخب البحريني المركز الثاني 4 مرات ولكن عندما كانت البطولة تقام بنظام دوري من دور واحد، وكانت المرة الأولى في أول نسخة عام 1970 على ملعبه، والثانية في خليجي 6 عام 1982 بالإمارات، وحل وصيفا للمرة الثالثة في خليجي 11 بالدوحة في 1992، وأخيرا في خليجي 16 بالكويت عام 2003.

وأحرز منتخب البحرين المركز الثالث والميدالية البرونزية 3 مرات: الأولى في خليجي 10 عام 1990 بالكويت، والثانية في خليجي 12 عام 1994 بالإمارات، ثم كانت المرة الأخيرة التي حصد فيها المركز الثالث في خليجي 17 بالدوحة عام 2004.

واحتلت البحرين المركز الرابع 4 مرات: الأولى في خليجي 4 بالدوحة في 1976، والثانية في خليجي 5 بالعراق في 1979، والثالثة في خليجي 9 بالسعودية عام 1988، وأخيرا في خليجي 15 بالسعودية أيضا عام 2002. كان كل هذا التاريخ نصب أعين لاعبي البحرين وكلهم يتضرعون لله بأن يدخلوا التاريخ عبر بابه العريض ويكونوا أول من يهدي بلادهم لقب كأس الخليج ويغادروا رصيد «الصفر» في سجل البطولة.

دعمت الظروف منتخب البحرين في مشواره بالبطولة الحالية وكأنها عقدت معها اتفاقا على أن تدعم مسيرتها وتجعل منتخبها يقفز فوق المتاريس والحسابات الصعبة فجاء العبور إلى الدور الثاني أشبه بالحدث الذي هزم كل حسابات المنطق وفرض واقعا واحدا يقول إن للبحرين كلمة هذه المرة.

هزم منتخب البحرين كل الترشيحات وهو يمطر شباك الكويت برباعية ويتخطى منتخب العراق أحد الفرق المرشحة بقوة ثم يقصي السعودية الفريق الأفضل في البطولة لينال لقبا مستحقا وبجدارة.

طوت كأس الخليج الرابعة والعشرين أوراقها وتركت على بساط البطولة الإثارة وضاعفت كثيرا من التشوق في انتظار النسخة القادمة لتؤكد بأن هذه الكأس أشبه بالذهب لا يصدأ ودوما يسحر بريقها الجماهير. صور عديدة ومشاهد مختلفة حفلت بها النسخة القطرية الماضية ستبقى في عمق الذاكرة لحين حلول موعد خليجي 25 في البصرة العراقية حسبما هو مخطط ومتوقع.

في المساحة التالية سنقف عند أبرز الصور والمشاهد والحكايات التي كتب المشاركون في البطولة سطورها وجسدوها في تصرف أو عمل أو عطاء أو فكرة.

نقطة الخير «عمانية».. وبداية كسب الثقة

اتبع المدرب البرتغالي استراتيجية أكثر جرأة ومنح كل لاعبي تشكيلته فرصة المشاركة، وقال قبل مباراته الأولى ضد المنتخب الوطني إن البطولة تعد «فرصة للتعلم».

وأبدل سوزا كل لاعبيه تقريبا في كل مباراة، وفي مواجهته الثانية بالبطولة أمام السعودية، حيث خسر 0-2، أشرك 11 لاعبا مختلفا عن الذين لعبوا في اللقاء الافتتاحي أمام المنتخب الوطني، وتضمنت هذه التغييرات إشراك حارس مختلف في كل من المباريات الخمس، ولم يلعب المدرب البرتغالي بالحارس نفسه في مباراتين متتاليتين. دخل المنتخب البحريني الجولة الأخيرة من مباريات المجموعة الثانية وهو في مؤخرة الترتيب بنقطة واحدة بعد تعادله مع المنتخب الوطني في مباراة شهدت إهدار العديد من الفرص وكان الأحمر هو الطرف الأفضل فيها ولكنه لم ينجح في استثمار الفرص التي تهيأت له ليتقاسم مع البحرين النقاط. منحت نقطة بطل خليجي 23 البحرين دفعة كبيرة ومعنويات عالية وهي التي منحته فرص التأهل رغم صعوبتها ولكنها تحققت معادلة العبور بالفوز المثير على البحرين وبفارق هدف عن المنتخب الوطني بعد أن حصل كل فريق على 4 نقاط.

لن ينسى جمهور البحرين تلك النقطة التي فتحت أمامهم الطريق نحو المجد وكانت سببا في الحصول على البطولة الأولى بعد نصف قرن من المشاركة.

جماهير الوفاء.. الأفضل بجدارة

تفوق الجمهور العماني على نفسه وعلى بقية الجماهير التي حضرت في مدرجات البطولة وظل يمثل «ملح» المباريات ولفت إليه الأنظار وحصد إشادة الجميع دون استثناء من خلال روعة التشجيع وعذوبة الألحان التي تلهب حماس اللاعبين وتثري الملعب وتضفي على الكرة المتعة التي يبحث عنها الجميع في كل المنافسات الكبيرة.

سجل جمهورنا وجوده في دفتر البطولة بصورة كبيرة وتفاعل مع مباريات المنتخب الوطني متقلبا بين الفرح والحزن وهما يمثلان وجهين لعملة الرياضة.

جاءت مباراة السعودية لتضع آخر فصول الحضور الكثيف في المدرجات بعد خروج الأحمر الحزين الذي أصاب الجمهور بالحسرة على ضياع فرصة الاستمرارية في المنافسة والدفاع عن اللقب بقوة.

رغم عودة معظم الجماهير من الدوحة إلا أن بعضا منهم استمر في المدرجات وشكلوا حضورا جيدا في مباراة النهائي وتعاطفوا لحد كبير مع منتخب البحرين ليس لأن السعودية أقصت المنتخب الوطني ولكن من أجل تتويج البحرين للمرة الأولى بعد هذا التاريخ الطويل من المشاركة.

سوزا .. صورة طبق الأصل لـ «فيربيك»

عندما حصل هيليو سوزا على وظيفة مدرب البحرين في مارس كُلِّف بمهمة إعداد فريق يمكنه الذهاب بعيدا في تصفيات كأس العالم، لكن الفوز بلقبين قبل أن يكمل 9 أشهر في منصبه لم يكن بالتأكيد ضمن السيناريوهات المتوقعة أمام المسؤولين في الاتحاد البحريني لكرة القدم.

ونجح سوزا، الذي صنع اسمه مع منتخبات الناشئين في بلده البرتغال حيث قادها للفوز ببطولة أوروبا تحت 17 عاما وتحت 19 عاما في 2016 و2018 على الترتيب، في منح البحرين لقبا انتظرته لمدة 49 عاما عندما قادها للفوز 1-0 على السعودية وإحراز كأس الخليج.

وقال سوزا قبل المباراة النهائية: نهتم بالفوز لكن أيضا نعد فريقا للمستقبل وليس 12 أو 13 لاعبا فقط، الدوري لدينا نصف محترف وأفضل فرصة للاعبينا من أجل التطور هي بطولة كهذه، مباريات عالية المستوى ضد لاعبين كبار وفرق كبيرة، هناك مساحة كبيرة لإعطاء لاعبينا فرصة، وكما قلت سابقا الأمر لا يتعلق فقط باللاعبين 23 الموجودين هنا، لكن بقية اللاعبين أيضا يعدون جزءا من المجموعة.

وجاء لقب كأس الخليج، الذي أحرزته البحرين للمرة الأولى في تاريخها، بعد لقب إقليمي آخر حققه سوزا عندما قاد المنتخب البحريني للفوز ببطولة غرب آسيا في أغسطس عقب التغلب على العراق في النهائي أمام جماهيره في كربلاء.

ومنذ توليه المسؤولية خلفا للتشيكي ميروسلاف سوكوب، صنع سوزا فريقا يصعب هزيمته، ويمتاز بالصلابة الدفاعية رغم افتقاره للإبداع الهجومي.

حالة مدرب البحرين في خليجي 24 تذكرنا بالوضع الذي كان عليه مدرب المنتخب الوطني الراحل بيم فيربيك الذي انتزع إعجاب المراقبين والمحللين في خليجي 23 بالكويت ونجح في قيادة الأحمر للتتويج وهو الذي كان خارج دائرة الترشيح.

نجـــوم واعدة ظهرت .. وأسماء بارزة غابت

تعود الناس كل الناس على مشاهدة نجوم صاعدة في بطولة كأس الخليج التي دأبت على ميلاد اللاعبين النجوم أصحاب المهارة والقدرات الفنية العالية التي تبشر بمستقبل زاهر لهم في علاقتهم مع المستديرة.

وتأتي الأسماء المعروفة وسط ترقب كبير وانتظار الجميع لمعرفة قدرتها على ثبات المستوى وتطور الأداء والاستمرار في الإقناع بأنها الأفضل دوما.

وقد كثرت الأسماء الكبيرة والمعروفة التي حضرت في قائمة المنتخبات المشاركة وغالبيتها غابت ولم تظهر مستويات فنية قوية وتترك بصمة طيبة وفي الجانب الآخر ظهر بعض النجوم الصاعدة في مقدمتهم لاعب المنتخب منذر العلوي الذي نجح في تسجيل هدف في شباك السعودية وأعلن عن نجوميته وفرصته في أن يكون أحد النجوم البارزين بالبطولة في المرات القادمة خاصة وإنه لا يزال يافعا وفي بداية مشواره.

كسبت البحرين أكثر من لاعب شاب وذلك من خلال التنوع الذي اعتمده مدرب الفريق بمنح الفرصة كاملة للاعبين الشباب.

خروج المنتخب الوطني من الدور الأول فوت على المنذر العلوي وبعض الوجوه الشابة الجديدة التي شاركت للمرة الأولى في بطولة كأس الخليج الفرصة بأن تقدم نفسها بصورة طيبة وتؤكد أن الكرة العمانية قادرة على إنجاب الموهوبين المهرة.

أقــوال.. وأفـعال

■ لم يجد عطاء المدرب الهولندي كومان القبول وبدا أن هناك ما يكون أقرب إلى الإجماع بأنه يجب على اتحاد الكرة أن يقيله ويأتي ببديل أفضل يعرف كيف يتعامل مع ظروف الكرة العمانية ويحسن توظيف اللاعبين.

■ كومان ينتظر اليوم قرار إقالته الذي تدرسه اللجنة الفنية برئاسة رئيس مجلس إدارة الاتحاد سالم بن سعيد الوهيبي التي تواصل اجتماعاتها من أجل صياغة توصيات فنية وإدارية ترسم المستقبل الذي يقود للنجاحات.

■ سبق كومان إلى الإقالة الرسمية مواطنه فان مارفيك مدرب منتخب الإمارات الذي صدر قرار إقالته مباشرة عقب الخسارة الكبيرة أمام قطر.

■ خلت البطولة من التصريحات الساخنة والتباري بين الإداريين في البعثات الثماني على وسائل الإعلام ولم تظهر أي تحديات كما كان يحدث في السابق.

■ كثرت أحاديث المحللين وضيوف القنوات الفضائية في البرامج المخصصة للبطولة وبعضها أثار ردود أفعال غاضبة.

■ ذكر مدرب البحرين سوزا بأنه جاء الى البطولة من أجل التعلم ومنح فرص صقل واحتكاك للاعبيه الشباب وهو واقعيا لم يكن يخدع أحدا وكان جادا نظرا لأن فريقه لم يكن مرشحا للفوز بالبطولة.

■ قال الدكتور جاسم الشكيلي: موعد البطولة القادم سيحدد بتوافق رؤساء الاتحادات وهناك اتفاق أن تقام في شهري ديسمبر ويناير، وستقام النسخة القادمة خلال الفترة المعتمدة وتنطلق في أواخر ديسمبر 2021 وتختتم في يناير 2022 .

وقال: يجب أن يتم اتخاذ القرار النهائي لتحديد الدولة المضيفة في موعد أقصاه نوفمبر 2020 كي يتسنى للدولة التحضير كما يجب، لاستضافة البطولة وإخراجها بصورة أفضل حتى من النسخة الحالية؛ لأن هدفنا دائما هو التطور والتقدم.

صور.. ومشاهد

■ قدمت الدوحة نموذجا رائعا في التنظيم مستفيدة من تحضيراتها الجارية لاستضافة مونديال الأندية ومن بعده مونديال 2020 وظهرت الملاعب التي ستستضيف نهائيات كأس العالم في حلة زاهية.

■ خسرت العراق فرصة الفوز باللقب والعودة من جديد لمنصات التتويج بعد المستويات القوية التي قدمها أسود الرافدين وجعلهم في قائمة المرشحين للفوز بخليجي 24 ورغم ذلك كسبت العراق فرصة الاختيار لاستضافة خليجي 25 القادم في البصرة.

■ وصلت أفراح قطر قمتها بالفوز على الإمارات برباعية منحت الجماهير شعورا طيبا بأن فريقها يملك القدرة للمضي قدما في المنافسة حتى يبلغ المباراة النهائية ويحصل على لقبها ليجمع بين كأس آسيا وكأس الخليج إلا أن الرياح عصفت بالطموح وحلم حصد الألقاب.

■ اختلفت صورة قائد المنتخب الوطني أحمد كانو بين ما كانت عليه بالأمس في الكويت واليوم في الدوحة وبعد أن عاش أجمل أوقاته في الكويت ودوره في قيادة الأحمر لمنصة التتويج، خرج حزينا من ملاعب بطولة الدوحة التي شهدت استبداله على غير العادة خلال مباراة السعودية.

■ حالت عدم موافقة النادي الإنجليزي الذي يلعب له الحارس المخضرم علي الحبسي في أن يغيب اللاعب للمرة الثانية على التوالي عن البطولة وتبقى حظوظه صعبة في الظهور مرة أخرى في خليجي 25 بعد قرابة العامين.

■ غابت أهداف مهاجم منتخب قطر المعز علي في هذه البطولة باستثناء هدف وحيد لم يتناسب مع قيمته كمهاجم قناص توج بلقب هدافي النسخة الماضية من بطولة كأس، وكانت التوقعات كبيرة بأن يواصل المنافسة على لقب الهداف في خليجي 24.

■ شكل الجمهور العراقي وجودا طيبا في المدرجات خلال مباريات فريقه في البطولة وجاءت الخسارة أمام البحرين لتصيبه بحزن عميق فقد كان يحلم بأن يتوج مع فريقه بلقب الدوحة.

■ أكدت بطولة الخليج بأنها منافسة «جامعة» يتشارك الجميع في تشجيعها الأطفال والنساء والرجال والشيوخ ولم تخل المدرجات من وجود الجنس اللطيف الذي تفاعل مع مجريات المباريات بصورة تشاركية كاملة في التشجيع.