1387077
1387077
إشراقات

«ندوة العلوم الفقهية» أكدت على دور العلماء في حلحلة القضايا المائية المعاصرة

05 ديسمبر 2019
05 ديسمبر 2019

جاءت للتنبيه بأهمية الموضوع ومناقشته وفق الضوابط الشرعية -

المشاركون أجمعوا على ضرورة الكشف عن مكنون التراث الإسلامي في أحكام المياه -

الحفاظ على الثروة المائية لتحقيق التعاون الإنساني والاستقرار الاقتصادي ضرورة ملحة -

حاورهم : سالم الحسيني -

ندوة تطور العلوم الفقهية الـ15 التي حملت هذا العام عنوان: «فقه الماء وأحكامه الشرعية وقضاياه المعاصرة» والتي اختتمت مؤخرًا بالعاصمة مسقط جاءت لمعالجة القضايا المستجدة في العصر الحديث من منطلق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، التي سبقت إلى التأكيد على أهمية الماء الذي ورد ذكره في القرآن الكريم 63 مرة، وكيفية التعامل معه وفق منهجية الدين الحنيف، مؤكدة على دور العلماء وإسهامهم الفاعل في حلحلة القضايا المائية المعاصرة التي تصدرت الصراع والنزاع بين كثير من البلدان، وذلك بسبب أهمية هذا العنصر في حياة البشر، حيث استقطبت الندوة ما يزيد على خمسين عالمًا من أنحاء العالم الإسلامي لتتكامل تصوراتهم وبحوثهم حول أحكام الماء ونوازله وطرح أهم المشكلات المعاصرة ووضع الحلول والاقتراحات من خلال أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها وكلياتها العامة، من خلال الغوص في الكتب التراثية والفقهية واستخراج دررها ثم عرضها وطرحها بما يناسب روح العصر.. ذلك ما أكده اللقاء التالي مع بعض المشاركين فيها. وأكد المشاركون أن هذه الندوة تأتي للتنبيه بأهمية الموضوع ومناقشته في ضوء أحكام ضوابط شريعتنا الإسلامية الغراء.. مقدرين جهد السلطنة في هذه المبادرة الطيبة مشيدين بدور السلطنة في تبني الكثير من القضايا الإنسانية وبالنهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- والتي وصفوها بأنها «مرآة التاريخ الإسلامي العربي».. المزيد من ذلك نقرأه في اللقاءات التالية:

بداية يقول د. إسماعيل لطفي جافاكيا رئيس جامعة فطاني: رئيس مشترك لمجلس التعاون بين الأديان بتايلاند: في الحقيقة أنا أول مرة دعيت لمثل هذه الندوة المباركة، وهذه هي زيارتي الأولى للسلطنة، وقد سررت كثيرًا بما شاهدته في هذه البلاد من التطور العمراني الكبير، وأيضًا اندهشت بما رأيته أيضًا من التعامل الراقي لهذا الشعب الودود الذي يحب الضيف كثيرًا ويقدره كثيرًا، مشيرًا إلى أن سمعة السلطنة وشهرتها بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وصلت إلى أقاصي الدنيا، ونحن في تايلاند نتابع ذلك باهتمام خصوصًا فيما يخص سياسات السلطنة في الجمع بين الأمة وأيضا فيما يتعلق بتقارب وجهات النظر بين كثير من الأطراف للالتقاء على كلمة سواء، وحقيقة سررت أيضا بمشاركتي في هذه الندوة الخامسة عشرة للعلوم الفقهية حيث إنني ممن يعتنون بالأمور الفقهية، وما شدني موضوعها وهو موضوع فقه الماء، ولا شك أن فقه الماء هو فقه الحياة بشكل عام؛ لأن الماء أصل الحياة، فلذلك كل واحد وكل بلد وكل شيء له علاقة بهذا الموضوع وذلك ما يدل على حسن اختيار الموضوع وتميز هذه الندوة عن غيرها ولله الحمد والمنة، ونسأل الله سبحانه أن يبارك هذه الندوة وتصدر منها توصيات يستفيد منها العالم أجمع؛ لأن الطرح فيها عبارة عن ملخصات أفكار وبحوث العلماء والخبراء الذين قدموا من شتى بقاع العالم الذين شاركوا فيها، ونسأله سبحانه أن يعم خيرها المشاركين خصوصا ولغيرهم ممن وصلت اليهم نتائجها.

توصيات

من جانبه، أوضح د. عبدالرحمن إبراهيم الكيلاني أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الأردنية قائلا: إن دور العلماء للقضايا المائية المعاصرة كبير بحيث يجب أن يكون لهم إسهامهم الفاعل في حل المشاكل المائية على مستوى المجتمع المحلي والمجتمع العالمي وأتمنى تخرج هذه الندوة بتوصيات مناسبة إن شاء الله، ولا ريب أن مثل هذه التجمعات تؤدي أيضا إلى تلاقح الأفكار واجتماعها وضم العقول إلى بعضها لأن هذه اللقاءات تلتقي فيها خبرات متعددة من بلدان متنوعة ومختلفة، ولكل منهم تجاربه ورؤيته وتلتقي هنا في عمان الخير لتخرج بإذن الله تعالى بتوصيات نافعة تعود بالخير والنفع على مجتمعاتنا المحلية والإقليمية وعلى مجتمعاتنا الإنسانية والعالمية.

تحقيق الأمن الغذائي

وأوضحت حنان بنت حميد السيابية - مرشدة دينية بدائرة الإرشاد النسوي بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن هذه الندوة واكبت بالفعل قضايا العصر وتطورات العالم المعاصر من حيث تطرقها لقضية الماء التي تعد من القضايا التي تصدرت قضايا الصراع والنزاع بين كثير من البلدان، وذلك بسبب أهمية هذا العنصر في حياة البشر، حيث استقطبت الندوة ما يزيد على خمسين عالما من أنحاء العالم الإسلامي لتتكامل تصوراتهم وبحوثهم حول أحكام الماء ونوازله وطرح أهم المشكلات المعاصرة ووضع الحلول والاقتراحات لها من خلال أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها وكلياتها العامة، وذلك بالغوص في الكتب التراثية والفقهية واستخراج دررها ثم عرضها وطرحها بما يناسب روح العصر.

وأضافت: وقد عرجت أوراق العمل إلى الملكية العامة والخاصة للماء وأحكامها وضوابطها، كما تطرقت إلى (العرف) ومدى اعتباره في الشريعة الإسلامية وربطه بأحكام الماء، لشدة تعلقها بحياة الناس وأعرافهم، والعرف له اعتباره في الشريعة الإسلامية. كما كشفت بعض أوراق العمل عن سعة الفقه الإباضي واحتوائه على الكثير من القواعد في أحكام المياه سواء في تقسيم الماء أو فك نزاعاته أو ما يتعلق بملكية الماء وأحكامها، أمثلة على ذلك ما جاء في كتاب «القسمة وأصول الأراضين» وكتاب «المصنف» ويرجى لهذه الندوة المباركة الخروج بالكثير من التوصيات والاقتراحات للعالم أجمع ليستفيد منها في حل الكثير من مشكلات المياه المعاصرة، انطلاقا من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها العامة في حفظ ضروريات الحياة وصيانتها.

قضايا مائية

وذهب القاضي د. محمد الغزالي القاضي بالمحكمة العليا بإسلام أباد بالجمهورية الباكستانية إلى أنها خطوة مباركة، ومن بشارة هذه الندوة أننا بدأنا ننظر ونعالج القضايا المستجدة في هذا العصر من منطلق الدين الإسلامي وأحكام الشريعة الإسلامية، وقد ظهر أمام الناس من خلال هذه الندوة أن الإسلام سبق إلى التأكيد على أهمية الماء وخطورة التعامل مع هذا الموضوع الذي ورد ذكره في القرآن الكريم 63 مرة، والله سبحانه وتعالى استشهد به من خلال عدة آيات كريمة، فهناك استشهاد بالغيث ونزول الماء من السماء إلى الأرض ويأتي بشرى ورحمة ليحيي الأرض بعد موتها، فهذه المعاني كلها مهمة للإنسان، وذلك ما تنبه له الغرب الآن وليس ذلك بسبب شعور أخلاقي أو إنساني كما يدعو إليه ديننا الإسلامي الحنيف، وإنما لخدمة مصالحه حينما وجد أن البيئة تفسد، والإنسان بنفسه هو الذي أفسدها وذلك بتلويث الأجواء بالصناعات المختلفة فهم انتبهوا إلى خطورة القضية الآن، وانتباههم انتباه محدود جدا، أما ديننا الإسلامي الحنيف ولله الحمد يحسب الماء نعمة كبيرة، بل يصح بالقول إنه معجزة من معجزات الله تعالى، (وكان عرشه على الماء) حيث انه موجود قبل وجود الإنسان، فلذلك تأتي هذه الندوة للتنبيه بانه يجب علينا التنبه لهذه القضايا في ضوء أحكام ديننا وضوابط شريعتنا الإسلامية الغراء، ونحن مقدرين هذا الجهد الذي تقوم به السلطنة بقيادة عاهلها المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ الذي له منا خالص الشكر والثناء ليس فقط بخصوص هذه الندوة وإنما ما صنعه لبلده هذا من نهضة لا تخفى على العيان ومن الاستقرار الذي تنعمون به على مدى نصف قرن تقريبا من تسلمه زمام القيادة في هذه البلاد العزيزة علينا جميعا، ولا أبالغ إن قلت إن عمان أصبحت مرآة التاريخ الإسلامي العربي. وأنا سعيد جدا بهذه الزيارة للسلطنة وهي الأولى لي، وفعلا كان شعوري وانطباعي عن هذه البلاد أشعر كأني أعيش في أحضان التاريخ الإسلامي العربي، وقد جئت لأشارك في هذه الندوة المباركة من دعوة كريمة من القائمين عليها.

وأشار د. الحسان شهيد استاذ الأصول والمقاصد بكلية أصول الدين بتطوان بالمغرب الى ان هذه الندوة ندوة مميزة وتكمن أهميتها بأن لها أبعاد متعددة، منها ابعاد علمية تتصل بقضايا المياه واشكالاتها المعاصرة التي تهم الانسان عموما، ففقهاؤنا وعلماؤنا تحدثوا عن الماء بشكل مستفيض وبشكل حيوي مؤكدين على أهمية هذه النعمة الربانية التي تعتبر سر الحياة، وكما قال عز وجل: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) فانه سبحانه وتعالى يؤكد على أهمية هذه المادة الغنية، كما يؤكد على ان كل المخلوقات وكل شيء حي في هذه الأرض انما اصله من الماء، أما الأهمية الاجتماعية فكما تعلم ان الماء هو مادة حيوية تقوم عليها العلاقات الإنسانية، وهو سر الحياة، وسر استمرار علاقات الناس الاجتماعية والإنسانية، وهذه الندوة في الحقيقة جاءت لتشعرنا بهذه النعمة سواء على مستوى المحلي او على المستوى الإقليمية او على المستوى العالمي، وقد حاول العلماء والمفكرون والباحثون معالجة هذه القضية من زوايا مختلفة ومتعددة، فقهية واجتماعية وثقافية وحضارية، وقد اشبعوا المسألة بحثا، حيث نبهوا الى هذه الأهمية الكبرى، التي نحتاج في حقيقة الامر الى مراجعة النظر فيها. اضف الى ذلك لما لهذه اللقاءات المباركة التي تجمع لفيفا من علماء الإسلام على مائدة واحدة لا شك ان من يشهد هذه الندوة سواء كان مشاركا او حاضرا او محاضرا أيضا من قيمة كبرى بغض النظر عن الأهمية الثقافية والاهمية الاجتماعية لمثل هذه الندوات هناك أهمية إنسانية وتاريخية حيث يلتقي المفكرون والعلماء لمناقشة هذه القضايا الكبرى التي تهم العالم العربي خصوصًا والعالم الإسلامي عموما، وكذلك العالم ككل لأن هذه المسألة لا تهم شخصا بعينه ولا وطنا بعينه وانما تهم الإنسانية جمعاء، وكل كائن حي على هذه الأرض. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن تتكرر إقامة مثل هذه الندوة العلمية التي تمس تلك الثروة التي أصبحت مصدر تهديد وخطر على هذه الأرض وعلى الإنسان، فعمان الخير وعمان الفضل التي جمعت هذه النخبة من العلماء والباحثين والمفكرين والكتاب لمناقشة هذه القضية الكبرى نرفع إليها خالص الشكر والتقدير والامتنان ، ونتمنى أن تتكرر مثل هذه الندوات في كل العواصم العربية والإسلامية بإذن الله.