oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

دبلوماسية السلام وتيسير الحلول

26 نوفمبر 2019
26 نوفمبر 2019

عرفت السلطنة بسياستها الخارجية المتوازنة التي تراعي في المقام الأول المصلحة الداخلية لعمان وشعبها، ومن خلال نسيج المصلحة الداخلية يأتي نسيج السياسة الخارجية، فالداخل يكمل الخارج والعكس صحيح، وإذا ما أردت أن تكون قويا في الخارج يجب أن تكون قويا في الداخل، تلك المقولة المعروفة في هذا الإطار.

غير أن القوة المعنية هنا لا تعني البناء الجسماني أو القوة الترويعية؛ إنما تشير إلى الاستعداد الإيجابي والممكن دائما للتعايش مع الروح السلمية والمعاني الطيبة في تآلف الشعوب وسلامها ونسج حبال الإخاء وغيرها من المعاني في هذا الباب، الذي يمكن أن يلخص في عنوان واحد هو النهج العماني في صناعة السلام أو ما يعرف بوجهة ثانية بـ «دبلوماسية السلام»، وهو منهج يكاد ينطبق على الأداء الدبلوماسي العماني فحسب، دون أية مبالغة أو تهويل للمصطلحات. وهو ما يدركه المراقبون الذين يقرأون الواقع بشكل دقيق ويفهمون أسرار العلاقات الدولية ويسبرون أغوار التعايش بين الشعوب والأمم بمراجعة سجلات التاريخ وكيف تصنع الحروب كما كيف يمكن للسلام أن يكون أداة للتنمية والنهضة.

لقد أكد النموذج العماني على ذلك المعنى بدقة وتم نسج الدلالة للمعنى من خلال التطبيق العملي الذي انطلق من قوة الداخل كما تمت الإشارة، واليوم بات لدينا هذا القالب العماني الذي يمكن أن تستفيد منه الكثير من الشعوب والدول في إمكانية صناعة عالم أفضل يقوم على التكامل الاقتصادي والمعرفي ويسعى إلى التحضر والتعايش الذي يقود إلى استشراف الآفاق المشرقة للمستقبل البشري.

ودائما ما تأتي السياسات العمانية في حيز الأداء والممارسة واضحة وجلية من حيث المنهج لمن يعرفها بالشكل السليم، وحيث الإطار المتوازن والحكمة التي وضع قواعدها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - في أن التأثير والتأثر ممكن، لكن التعويل المركزي يكون على قدرتك أنت كبلد وكذات على المقاومة الإيجابية، بأن تسمح للإيجابي بأن يشكل جزءا من فكرتك وأن تعمل على إقصاء السلبي والضار، وفي الوقت نفسه تعمل على مراجعة الذات لتكون على بينة من قدرتها بشكل مستمر، أين هي في محيط العالم المتحرك والمضطرب!

فنحن نعيش في عالم ليس من طبعه السكون، إنما الحركية المستمرة التي تعمل على توليد الأفكار والسرديات الجديدة التي يكون على الذات أن تتفاعل معها بقدرة كبيرة على الإحاطة والفرز والتمكين لما هو أبقى وأسمى.

أخيرا حتى عندما يكون الحديث عن وساطات السلطنة أو ما يعرف بـ «التيسير»، وهو المصطلح الذي أشار إليه الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية منذ أكثر من عام، عندما سئل ذات مرة عن دور السلطنة في عملية السلام وتحقيق الأمن والأمان الإقليمي وفي المنطقة بشكل عام. فإنه سوف نضع في الاعتبار ذلك الموقف الوسط والمتوازن الذي يراعي المصالح المشتركة والمناطق التي تجعل الجميع في منصة واحدة دافعة للخير والسلام بما يصنع أفق السلم المنشود.