الاقتصادية

المصارف اللبنانية تفتح أبوابها بعد إغلاق دام أسبوعين

01 نوفمبر 2019
01 نوفمبر 2019

بيروت، (أ ف ب - رويترز) - فتحت المصارف اللبنانية أبوابها أمس للمرة الأولى منذ أسبوعين بعد أن عادت الحياة إلى طبيعتها نسبياً عقب احتجاجات شعبية عمّت كافة المناطق اللبنانية للمطالبة برحيل الطبقة السياسية. وتسببت حركة الاحتجاج غير المسبوقة منذ سنوات التي بدأت في 17 أكتوبر، بشلل كامل في لبنان شمل إغلاق المصارف والمدارس والجامعات وقطع طرق رئيسية في جميع المناطق.

وعادت الحياة إلى طبيعتها نسبياً في البلاد امس مع خروج المعتصمين من الطرقات وتسجيل حركة سير ناشطة صباحاً.

ومنذ الصباح الباكر، غصّت المصارف بالمواطنين الذين أرادوا إجراء معاملاتهم المصرفية المعلّقة منذ أسبوعين أو سحب رواتبهم مع بداية الشهر. وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس طوابير هائلة تصل أحياناً إلى خارج المصارف في العاصمة بيروت، في حين وقف عدد من العناصر الأمنية أمام بعض المصارف.

ولم تتسع صالات الانتظار داخل المصارف لجلوس الجميع، فكان عدد كبير من المواطنين واقفين في انتظار دورهم في حين كان الموظفون يواجهون صعوبات في تقديم الخدمات لهم. وأفاد المراسل أنه لم يكن بالإمكان سحب مبالغ كبيرة دفعةً واحدة من آلات الصرف الآلي.

واقتحمت مجموعة من المحتجّين مبنى جمعية المصارف في شارع الجميزة في وسط بيروت، سرعان ما أخرجتهم قوى الأمن واعتقلت عدداً منهم.

ويتخوّف المواطنون من انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار بمجرد أن فتحت المصارف أبوابها مع ازدياد الطلب.

إلا أن مصرف لبنان أكد أن سعر الصرف الرسمي مقابل الدولار لا يزال 1507 ليرات لبنانية. أما في السوق الموازية فيُتوقع أن يكون سعر الصرف أعلى من ذلك. وقبيل بدء الاحتجاجات، شهدت البلاد أزمة مالية حادّة وصل سعر صرف الليرة خلالها في السوق الموازية إلى 1600 ليرة. وجاء ذلك نتيجة وضع المصارف حداً لعمليات بيع الدولار، الذي يمكن استخدامه في لبنان بالتوازي مع الليرة في العمليات المصرفية والتجارية كافة.

واستمرّ ارتفاع سعر الصرف حتى بلغ في الأسابيع الأخيرة أكثر من 1700 ليرة مقابل الدولار، للمرة الأولى منذ 22 عاماً.

ويشهد لبنان تدهوراً في الوضع الاقتصادي، تجلى بنسبة نمو شبه منعدمة العام الماضي، مع ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع تحويلات المغتربين والاستثمارات الخارجية، وتراكم الديون إلى 86 مليار دولار، أي ما يعادل 150 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو من أعلى المعدلات في العالم.

وأعلن رئيس الوزراء سعد الحريري الثلاثاء استقالة حكومته «تجاوباً لإرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات للمطالبة بالتغيير».

ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون امس الأول إلى تشكيل حكومة جديدة من وزراء ذوي «كفاءة وخبرة» وليس «وفق الولاءات السياسية واسترضاء الزعامات». ويطالب المحتجّون بتسريع تشكيل حكومة من المستقلين وأصحاب الخبرات من خارج الأحزاب التقليدية.

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أكد الاثنين أن لبنان يحتاج «حلاً فورياً خلال أيام» لتجنّب حصول انهيار اقتصادي.

من ناحية أخرى قالت مصادر مصرفية لرويترز: إن بنوك لبنان ستسعى لوقف نزوح رؤوس الأموال مع فتح أبوابها لكن بدون فرض قيود رسمية على حركة رؤوس الأموال . وأشار محللون ومصرفيون إلى قلق واسع النطاق بشأن تدافع المودعين لسحب مدخراتهم أو تحويلها إلى الخارج مع استئناف البنوك لعملها.

وتعهد مصرف لبنان المركزي بعدم فرض قيود على حركة رؤوس الأموال حين تعيد البنوك فتح أبوابها، وهي إجراءات قد تعرقل تدفقات العملة والاستثمارات التي يحتاجها لبنان بشكل ملح لتجاوز أشد ضغوط اقتصادية منذ الحرب الأهلية في الفترة بين 1975 و1990.

لكن سبعة مصادر مصرفية قالت: إنه بينما يلتزم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة بتلك السياسة، فإن البنوك التجارية ستسمح فقط بالتحويلات إلى الخارج في حالات مثل المدفوعات الخاصة بالأطفال وتلك الخاصة بالرعاية الصحية أو سداد القروض.

وترك سلامة للبنوك التجارية اتخاذ القرار بشأن السياسات الفردية التي قد تزيد صعوبة نقل الأموال إلى الخارج أو تحويلها إلى عملة أجنبية وتقلص جاذبية سحب المدخرات.

وقال مصرفي كبير لرويترز: «لم يعلن (سلامة) رسميا عن قيود على رأس المال، لكنه ترك ذلك لتفعله البنوك».

وقال أحد المصادر: إنه ستكون التحويلات للخارج «للمسائل المهمة والأساسية» مضيفا: أنه ستتم إعادة النظر في الوضع بعد غد الاثنين.

وقالت المصادر: إن البنوك ستتخذ القرار بشأن من سيُسمح له بتحويل الأموال للخارج بناء على كل زبون على حدة.

وعقدت البنوك اجتماعات أزمة مع سلامة بشأن الوضع. وقال سلامة لرويترز الاثنين الماضي: إنه لن تكون هناك قيود على حركة رؤوس الأموال وخفض لقيمة الديون حين تفتح البنوك أبوابها.

وبعد تراجع الاحتجاجات الأربعاء الماضي، قالت جمعية مصارف لبنان: إن البنوك ستستأنف عملها كما كان معلنا من قبل لتوفير «الحاجات الملحة والأساسية» ومن بينها دفع الرواتب.

وقالت في بيان أمس الأول: إنها تأمل «بأن يتفهم الزبائن الوضع القائم وأن يتجاوبوا إيجابيا لخدمة مصالحهم ومصالح البلد في هذه المرحلة الاستثنائية».

وقال ثلاثة من المصادر المصرفية: إن البنوك ستعرض على الأرجح محفزات من بينها أسعار فائدة أفضل وآجال استحقاق مختلفة وستسعى شفهيا لإقناع الزبائن بالإبقاء على وضع أموالهم.

وقبل أسبوع، وضعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية تصنيف لبنان على «قائمة المراقبة السلبية» بفعل مخاوف بشأن تراجع تدفقات العملة. كما قالت إنه على الرغم من المستويات المرتفعة الملائمة لإجمالي الاحتياطيات الأجنبية، شاملة الذهب، البالغة 50 مليار دولار تقريبا، فإن فرض «قيود ضعيفة على رأس المال» يثير تساؤلات بشأن النظام النقدي. كما قالت ستاندرد آند بورز إنها تدرك أن البنوك فرضت قيودا على سحب الدولارات الأمريكية.