55544
55544
إشراقات

الهواتف النقالة.. ضرورة حياتية ينبغي توظيفها وفق الضوابط الشرعية

31 أكتوبر 2019
31 أكتوبر 2019

تداول المقاطع المبتذلة ونقل الأخبار الكاذبة وإزعاج المصلين أمور يجب أن يترفع عنها المسلم -

استطلاع : سالم الحسيني -

وسائل التواصل من نعم الله العظيمة التي يجب استغلالها الاستغلال الأمثل، لكن إساءة استخدامها له مردوده السلبي على الفرد والمجتمع معا، ومن ذلك نشر الشائعات وما تسببه من إثارة الفتن وتفكك الأسر، وقلب الحقائق، واقتحام قدسية المساجد بإزعاج المصلين وقطع هدوئهم النفسي والروحي، وابتزاز الأموال والإيقاع بالبشر ضحايا من قبل ضعاف النفوس، حيث سلبوا منهم أخلاقهم وقيمهم وسمعتهم.. ذلك ما أوضحه الاستطلاع التالي حول الاستخدام السيئ للهواتف النقالة. وأشار الاستطلاع إلى أن من الممارسات السلبية التي يمارسها البعض تداول الصور الفاضحة والمقاطع المبتذلة ونشر الأخبار والترويج لها قبل التثبت من صحتها.. نقرأ المزيد في الاستطلاع التالي:

بداية يحدثنا منذر بن عبد الله السيفي الواعظ بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية حول فضل الاستغلال الأمثل للهواتف النقالة، وأيضا ما يترتب على استخدامها الاستخدام السيئ من مخالفات شرعية حيث قال: إن ما شاع بين الناس في الفترة الأخيرة جراء الطفرة التقنية وتطورها الهاتف النقال الذي يعد من إفرازات ثورة الاتصالات الحديثة غير أن بعض الناس قد لا يحسنون التعامل مع هذه الوسائل، فسادت جراء ذلك بعض المخالفات الشرعية ومن ذلك: وضع نغمات صاخبة أو أغاني ماجنة في نغمة الهاتف، وتجد البعض يدخل إلى المسجد لأداء الصلاة دون أن يغلق ذلك الهاتف فيتسبب في إزعاج المصلين بحيث لا يستطيع المصلي الخشوع في صلاته وهو ما يتنافى مع قدسية الصلاة واحترام المساجد، والله تعالى يقول: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، مبينا: أن المساجد قد نهى أن يباع فيها ويشترى أو تنشد فيها الضالة، فهي مواطن للطاعة والعبادة وذكر الله فكيف تدنس بمثل تلك الأصوات؟ مشيرا إلى أن بيوت الله لها احترامها وقدسيتها.. (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، فمن يضع النغمات الموسيقية ويدخل بها مساجد الله ويزعج المصلين عليه أن يتقي الله في نفسه ولا يفسد صلاته وصلاة إخوانه المسلمين، فالقاعدة الفقهية تقول: «لا ضرر ولا ضرار»، فمن أراد أن يدخل المسجد ويشرع في الصلاة عليه أن يتأكد من إغلاق هاتفه ويقبل على ربه بقلب خاشع منيب.

وحول استخدام تلك الهواتف في نشر الأخبار المختلقة وتمرير الرسائل دون التأكد من صحتها يقول: مما لا شك فيه أن وسائل التواصل وأجهزة الاتصال من نعم الله العظيمة في هذا الزمن، يجب استغلالها الاستغلال الأمثل فيما ينفع لا فيما يضر، فنشر الشائعات كما هو معلوم له دور خطير في زعزعة أمن الناس واستقرارهم فهي تثير الفتن وتفكك الأسر والجماعات وتقطع الأرحام وتقلب الحقائق، ويظن من يروج هذا الأمر انه هيّن وهو عند الله عظيم، قال تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)، فلا بد من التثبت من صحة الخبر قبل نقله والترويج له، وهذا مطلب كل إنسان عاقل راشد سوي حتى يظهر له الحق ويقف عند حقائق الأمور وهذا ما امرنا به القرآن الكريم حين قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، وقوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)، وهذا فيه إنكار شديد على من يبادر في نقل الأخبار دون التأكد من صحتها، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من نقل كل ما يسمع من كلام فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه قال: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».

وأضاف قائلا: كذلك نشر الصور الفاضحة والمقاطع المبتذلة هي من الأمور المحرمة شرعا ومن يروّج لذلك فهو متوعد بالعذاب الأليم والخزي في الدنيا والآخرة، لما في ذلك من إشاعة للفاحشة والفساد، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، ولا شك أن نشر تلك الصور الفاضحة بين المراهقين مما يضاعف السيئات فمن قام بذلك الفعل يتحمل وزر العمل السيئ الذي يقوم به، وكذلك من يطلع على تلك الصور لأنها تضعف النفوس وتقسي القلوب وتحرم الرزق ونشرها من المعاصي التي تكون سببا في تكالب المصائب عليه فهي تجلب سخط العزيز الجبار.

وأشار السيفي إلى أن من ذلك أيضا الابتزاز عبر شبكات التواصل وهو أخذ للمال بغير وجه حق والله سبحانه وتعالى حرم أكل أموال الناس بالباطل أي بغير وجه حق فأخذ المال بالابتزاز هو أكل للمال بالباطل لأن المبتز يأخذه بالظلم والقهر والشريعة عصمت أموال العباد، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب»، مبينا: أن ذلك بسبب ضعف الوازع الديني عند المقدمين على ذلك الفعل، فعدم استشعار خوف الله سبحانه وتعالى يجعل الإنسان يقدم على هذه المحرمات.

التحلي بالأخلاق الفاضلة

وحول ذلك قال د. صالح بن خلفان البراشدي من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية: يظهر للمتأمل في الكون والقدرات التي أكرم الله تعالى بها الإنسان أن الله تعالى يسر السبيل للحياة الهانئة، وبصر العباد إلى استثمار ما وهبهم الله تعالى من قدرات وعقل وفكر في الصناعات والابتكارات التي تحقق لهم الراحة في هذه الحياة الدنيا، قال سبحانه: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)، ومما اتجهت له عقول وأفئدة العباد الصناعات الإلكترونية المتعلقة بوسائل التواصل بين الناس، فكم من الصناعات التي نراها في واقعنا المعاصر كانت نتيجة إعمال الفكر في كيفية التواصل الاجتماعي، ومن أهمها أجهزة الهواتف النقالة، وحيث إن الطبيعة البشرية بحاجة إلى التنبيه والتذكير ببعض الجوانب المهمة في الحياة والمتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الهواتف النقالة، فإن الحديث سيتناول بعض النقاط المهمة ومن ذلك: التثبت من تبادل ونقل الأخبار والرسائل، فبما أن الهواتف النقالة نعمة من نعم الله تعالى فعلينا أن نشكر الله تعالى على هذه النعمة ونستثمرها فيما يحقق رضا الله تعالى أولا، ويحقق للعبد السعادة في الدين والدنيا والآخرة ثانيا، ومن أهم الجوانب المتعلقة بشكر النعمة في مجال تبادل الأخبار والرسائل عن طريق الهواتف النقالة أن على العبد المؤمن أن يتثبت من الأخبار التي ترد إليه قبل نشرها، وليعلم أن الله تعالى بيّن لنا في القرآن الكريم أن الإنسان محاسب على ما يتلفظ به، والكتابة نوع من أنواع التلفظ، قال سبحانه: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، ومن العجب العجاب أن نجد بعض مستخدمي الهواتف النقالة يتناقلون الأخبار والرسائل التي لا تحقق لهم فائدة دنيوية أو أخروية وإنما تدخل في مجال القيل والقال، وإضاعة الأوقات، وتدمير القدرات التي وهبهم الله تعالى إياها، والقضاء على العلاقات والأواصر الاجتماعية، والأغرب من ذلك أننا نجد بعض المستخدمين يتسابقون في نشر الأخبار دون تثبت أو تيقن من صحتها، فعلى الجميع الانتباه إلى أهمية التثبت من الأخبار التي ترد إليه قبل إرسالها إلى الآخرين.

وأشار البراشدي إلى أن من الممارسات الخاطئة للبعض عبر تلك الوسائل تحميل وتداول المقاطع والرسائل المبتذلة غير الأخلاقية والإباحية ومسؤولية من يروج لها في الدين والدنيا والآخرة فلا بد من الانتباه إلى أنه يجب أن يتحلى المستخدمون لتلك الوسائل بالآداب الإسلامية والأخلاق الفاضلة حين استخدامها، ويجب أن تكون هذه الأجهزة معينا لتأصيل الأخلاق والقيم الإسلامية في المستخدمين والمجتمع، وذلك يتحقق بالتزام تناقل المقاطع المرئية والصوتية التي تزكي النفوس، وتحفظها من الفتن حتى تحقق مرضاة الله تعالى، ولا يجوز أن تكون هذه الوسائل سببا لانتشار الرذيلة والانحراف الأخلاقي بين أفراد المجتمع، فتناقل المقاطع الإباحية وغير الأخلاقية محرم شرعا، لأنها تهدم الأخلاق والقيم الإسلامية، وتؤدي على الوقوع في الرذيلة والعياذ بالله، وتؤدي بالنفس الإنسانية إلى غضب الله تعالى وعقوبته سبحانه، فعلى العبد المؤمن العاقل أن ينتبه حين استخدام هذه الوسائل، والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أن الإيمان الحقيقي بالله تعالى يستلزم قول الخير، قال عليه الصلاة والسلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».

وأضاف: إن من الممارسات الخاطئة أيضا إقدام البعض على استخدام تلك الهواتف وقت الصلاة، فعلى العبد المؤمن أن يعلم أنه حين يقف لأداء الصلاة عليه أن يستحضر مقام العبودية بجميع جوارحه، وليعلم أن الخشوع في الصلاة يقتضي ألا يشتغل المصلي بأي أمر خارج عن الصلاة، ومن هنا كان لا بد لمستخدمي الهواتف النقالة أن ينتبهوا لهواتفهم قبل الدخول في الصلاة، ويتحقق الانتباه المطلوب بالسعي إلى إغلاقها أو جعلها في وضع لا يشغل المصلي والمصلين جميعا، فإن ما نراه في المساجد أحيانا يدعو إلى ضرورة التنبيه على هذا الأمر، فما إن تدخل في الصلاة إلا وتتردد أصوات تنبيهات الهواتف النقالة وبعضها يحمل الموسيقى والأغاني وللأسف الشديد، الأمر الذي يؤدي إلى انشغال المصلي بهاتفه بالتفكير فيه أو العبث به، وكذلك يؤدي إلى اشتغال المصلين وارتباكهم مما يؤثر على الخشوع في الصلاة. أما عن تلك الوسائل في الابتزاز الإلكتروني بأنواعه المالي والأخلاقي قال البراشدي: على مستخدم تلك الوسائل أن يسعى لاستثمار البرامج الهاتفية المتعلقة بالاتصالات والمراسلات فيما يعود عليه بالنفع، ويحقق له المصلحة والسعادة الدنيوية والأخروية، ولكننا وللأسف الشديد وجدنا بعض ضعاف النفوس فطريا وإيمانيا وإنسانيا يسيئون استغلال هذه البرامج فيما يؤدي بالضرر النفسي والجسدي والاجتماعي على الآخرين، وهذا أحد المعاني لمصطلح الابتزاز الإلكتروني، حيث يعمد هؤلاء- هداهم الله- إلى إيهام المستخدمين بأنهم من أهل الخير والصلاح، وأنهم من الذين يسعون إلى تنمية الأموال من خلال الاستثمارات المالية المتعددة، وحينما يأخذون المبالغ المالية أو يرصدون المواقف السلبية مع الآخرين يجعلونها مفتاحا للابتزاز الإلكتروني، فيهددون المستخدم بنشر الصور أو المقاطع الصوتية أو المرئية في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي يدعوهم إلى ابتزاز الآخرين، والسعي إلى الاستيلاء على أموالهم، وقد غفل هؤلاء بأن الله تعالى (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)، وأنهم سيسألون يوم القيامة ويفضحهم الله تعالى على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، قال سبحانه: (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه»، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله تعالى وليعلموا أن عقوبة ابتزاز الآخرين وأكل أموالهم بغير حق يؤدي إلى غضب الله تعالى ويجد صاحبه العقوبة الشديدة الأليمة من الله تعالى، فعلى المؤمن العاقل أن ينتبه لمثل هؤلاء الذين لا يخافون الله تعالى، ويجب تنبيه الشباب والشابات خصوصا إلى عدم الانجرار وراء هؤلاء، ولا يغترون بمعسول الكلام، ويجب على أولياء الأمور أن يقوموا بالرعاية الأسرية لأولادهم.

سلوكيات دخيلة

من جانبه أوضح يوسف العطار استشار تربوي ومدرب معتمد في التنمية البشرية: أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت تلعب دورا رئيسيا في حياتنا المهنية والعامة، الأمر الذي جعلها ضرورة لا بد منها لتسهيل وتيسير كثير من التحديات، ولكن هذه التكنولوجيا سلاح ذو حدين من حيث آلية استخدامها وتطبيقها، وهذا يعتمد على سلوك الأفراد في التعامل مع هذه التقنية وليس في التقنية نفسها. ومن التقنيات التي أصبحت محركا أساسيا في حياتنا على المستوى الشخصي أو على مستوى الشركات والمنظمات والحكومات ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، وعلى اختلاف الخدمات التي تقدمها، حيث أن هذه البرامج التواصلية نقلت كثيرا من الناس من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي الكبير جدا، الذي أخذ الكثير من البشر إلا ما رحم الله بعيدا عن أدوارهم الأساسية التي خلقوا لها، وخلفت فجوة اجتماعية بين الأسر والمجتمع، وأصبح التواصل الافتراضي سائدا على التواصل الواقعي، بالإضافة إلى ظهور بعض السلوكيات الدخيلة بسبب تعدد الثقافات، وتناقل كم هائل من المعلومات والتي في معظمها تجانب الدقة والصواب، وهذه الأخيرة أنتجت لنا الشائعات والأخبار المكذوبة بدون التحري من صدقها، أو التثبت من صحتها، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ». ومن المشكلات التي أفرزتها لنا التكنولوجيا الحديثة والتقنية سهولة الولوج إلى المواقع المحظورة، والمواقع غير الأخلاقية والتي ضيعت أخلاق الشباب وأبعدتهم عن دينهم وعبادتهم وطاعة ربهم، بالإضافة إلى أنها أشغلتهم عن مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه أنفسهم وأسرهم ووظائفهم وغيرها. مضيفا : أن من السلوكيات السلبية التي أصبحنا نلاحظها حتى في دور العبادة والصلاة والتي يفترض أن تسودها السكينة والخشوع، ظهور نغمات للهواتف النقالة تفسد على المصلين هدوءهم النفسي والروحي، وأحيانا تكون هذه المقاطع عبارة عن موسيقى فاضحة أو أغاني هابطة، فغابت هيبة المسجد في نفوس هؤلاء، وأصبحوا لا يرعون هذه الأماكن المقدسة حقها. ومؤخرا أصبح البعض يبتعد عن الاستخدام الطبيعي للتقنية، باعتبارها وسيلة لتسهيل شؤون الحياة، إلى وسيلة دمار وإجرام من خلال الاحتيال على البشر وابتزازهم وقض مضاجعهم لأهداف دنيئة شيطانية، إما لإشباع شهوة المال أو لإشباع شهوة الجنس، فأصبح البعض ضحايا وفرائس سهلة لضعاف النفوس سلبوا منهم أخلاقهم وقيمهم وسمعتهم، حتى أضحت حياتهم مهددة بالمخاطر والمتاعب والعثرات.

أخبار مغرضة

من جانبه أوضح الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام رئيس جمعية التراث بالقرارة بالجزائر، وقد شاركنا الحوار حول هذا الموضوع قائلا: الهواتف النقالة تعتبر نعمة من نعم الله تبارك وتعالى وهي من إفرازات العصر الحديث، يجب أن تستغل فيما يعود على البلاد والعباد بالخير، ولكن للأسف هناك ثلة من البشر يسيئون استخدامها فكثيرا ما تأتي وسائل التواصل الحديثة ومن بينها الهواتف بالأخبار غير الصحيحة وبالأخبار المغرضة التي ربما تسبب الفتن، فقبل كل شيء يجب أن يستعمل هذه الوسائل من هم في سن البلوغ أو سن الرشد، ولا تكون أبدا في أيدي الأطفال ومثل هذه الضوابط يحكمها أولا الوالدان لأنه كما هو معلوم تحمل هذه الهواتف الغث والسمين، ومن ذلك الأخبار المعنية بالسياسة ومثل هذه الرسائل تحمل أخبارا مغرضة تحمل الكثير من المغالطات، وكذلك علينا التمعن في الأخبار ذات الجوانب الأخرى يجب التثبت من صحتها قبل نشرها فكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. وأضاف: كذلك يجب أن يحذر الإنسان من المقاطع التي ترد إليه فبعضها غير أخلاقية وهناك من الصور المبتذلة يجب الحذر منها وعدم تداولها لما في نشر من إثم عظيم فهي تفسد الأخلاق وتقطع العلاقات وتبيح الفاحشة وغيرها من الأمور التي يجب أن ينأى عنها الإنسان، فكل فعل أو قول يسأل عنه الإنسان يوم القيامة فلذلك على الإنسان أن يتجنب مشاهدة أو نشر الأفلام الإباحية والصور غير الأخلاقية وليعلم أن هناك من يريد الشر بالمجتمع الإسلامي يروج لمثل هذه الترهات فيجب أن يكون مجتمعنا مجتمعا واعيا حذرا من مثل هذه الأشياء، مضيفا: أن هناك استخداما سيئا نلاحظه لمثل هذه الهواتف وهو عدم إغلاقها عند حضور الصلاة في المساجد فتراهم يطلقون النغمات يشوشون بها على المصلين وفي ذلك من الأتم العظيم، فعلى المسلم أن يتصل بالله وحده أثناء الصلاة ويقطع صلته بالآخرين، ولا يخفى أن الذي يكرر ذلك اكثر من مرة هذا دليل على عدم الاكتراث بقيمة الصلاة فعليه أن يراجع نفسه، أما استخدام تلك الوسائل أيضا في ابتزاز الناس سواء كان في ماله أو في عرضه أو في شرفه فهذا من اكبر الكبائر التي حذر منها الإسلام اشد الحذر، ويعد أن أي عمل من تلك الأعمال ظلما والظلم ظلمات يوم القيامة فلينته المرء من ظلم الناس فالظلم قد يأتي بالإشارة وقد يأتي بالكلمة أو يأتي بموقف أو قد يأتي بفعل أو بالغيبة والنميمة وهذا كله حذرنا منه ديننا الإسلامي الحنيف.