العرب والعالم

لبنان : المحتجّون يعززون أساليب قطع الطرق في اليوم الـ12 للمظاهرات

28 أكتوبر 2019
28 أكتوبر 2019

انسداد أفق الحلول يطيل عمر الحراك الشعبي -

بيروت - عمان - حسين عبدالله - أ ف ب -

عزز المتظاهرون في لبنان أمس العوائق وركنوا سيارات وسط طرق رئيسية في لبنان في إطار تحركهم المستمر منذ 12 يوما للمطالبة برحيل الطبقة السياسية.

وشهدت لبنان نهاية الأسبوع الماضي محاولات من الجيش والقوى الأمنية لفتح الطرق من دون نتيجة، إذ أصر المتظاهرون أنهم يريدون الإبقاء على شلل البلاد الى حين الاستجابة لمطالبهم المتمثلة باستقالة الحكومة أولا وتغيير كل الطبقة السياسية. كما تمسكوا بالطابع السلمي لما يسمونه «ثورة».

وكانت طرق رئيسية صباح أمس مقطوعة جراء توقف مئات السيارات أو جلوس مجموعات من المحتجين أرضاً، لا سيما الطريق السريع الرئيسي الذي يربط الشمال بالجنوب، وذلك لممارسة أقصى ضغط ممكن على السلطة السياسية.

وقال علي (21 عاماً) الذي كان بين مجموعة متظاهرين يقطعون جسراً رئيسياً في العاصمة (جسر الرينغ) : «إذا لم تشعر السلطة الحاكمة الفاسدة أن البلد مشلول فلن نتمكن من التأثير عليها... وتحقيق مطالبنا». وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأحد منشور يدعو المواطنين إلى اعتماد أسلوب جديد لقطع الطرق وهو ركن السيارات في وسط الطرق، تحت شعار «اثنين السيارات».

وكان المتظاهرون استخدموا حتى الآن الإطارات المشتعلة والعوائق ومستوعبات النفايات والقطع الحديدية وأكوام التراب والحصى لقطع الطرق. وحين كانت القوى الأمنية تنجح في إزالة كل العوائق، لم يتردد كثيرون في التمدّد أرضا لقطع الطريق بأجسادهم. واستقدم المحتجّون إلى الجسر أثاثاً منزلياً من سجاد وبراد وأريكة وفرش نوم وافترشوا الأرض بها في خطوة تؤكد على تصميمهم البقاء في الشارع .

على طريق الدامور جنوب بيروت، قطع شبان الطريق صباحاً بسياراتهم وقاموا بإخفاء لوحاتها، خشيةً من أن تتمّ ملاحقتهم أو فرض دفع جزاء عليهم، وفق ما قالوا لوسائل إعلام محلية.

واندلعت شرارة الاحتجاجات غير المسبوقة في لبنان في 17 أكتوبر، بعد إقرار الحكومة ضريبة على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت سرعان ما تحوّلت حركة مناهضة للطبقة السياسية كلها.

وأفاد مصوّر في فرانس برس أن وجود القوى الأمنية والجيش لم يكن كثيفاً كما كان في الأيام السابقة، بل اقتصر على الوقوف على جوانب الطرق وفتح بعض المنافذ البحرية والفرعية. وقالت يسرى (16 عاماً) في وسط بيروت «نحن لا نغلق الطرق كلياً، بل هناك دائماً معابر أخرى لكي يمرّ الناس»، مضيفةً «نحن لا نقصد الوقوف بوجه الناس، لكن نريدهم (المسؤولين) أن يسمعونا، ولا نريد أن يبقى الوضع سيئاً كما هو». وتشهد لبنان شللاً كاملاً يشمل إغلاق المدارس والجامعات والمصارف، منذ أكثر من عشرة أيام.

وحاول الجيش وقوات الأمن في الأيام الأخيرة فتح عدد من الطرق المغلقة في مناطق مختلفة في البلاد، غير أن المتظاهرين قاوموا كل الجهود. وجرح السبت ستة أشخاص على الأقل في صدام بين الجيش ومتظاهرين كانوا يحاولون قطع طريق في منطقة البداوي قرب طرابلس في شمال لبنان.

في مدينة صيدا جنوباً، سُجل صباح أمس اشتباك بين الجيش ومحتجين كانوا يقطعون مدخل المدينة الشمالي، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح طفيفة، واتهم مسؤولون سياسيون ومواطنون رافضون للاحتجاجات في الأيام الأخيرة المتظاهرين بانتهاك حقّ التنقل.

ودعا أصحاب مصالح مساء الأحد إلى إضراب عام الاثنين تضامناً مع الحركة الاحتجاجية.

وأعلن رئيس الحكومة سعد الحريري ورقة إصلاحات اقتصادية قبل نحو أسبوع في محاولة لامتصاص غضب الشارع، ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون الى إعادة النظر بالواقع الحكومي، لكن المتظاهرين يعتبرون أن كل هذه الطروحات جاءت متأخرة ولا تلبي طموحاتهم.

وبدأ الحديث في الوسط السياسي والشعبي على ضرورة إجراء تعديل حكومي أو تغيير حكومي يخرج من الحكومة من خلاله الوزراء الذين يشكلون عامل استفزاز أو عدم رضا في الشارع.

والجميع في بيروت تقريبا على رأي واحد وهو أنّ استقالة الحكومة ستعني حكماً إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري اما حكومة تكنوقراط بالكامل، وهي ما لا يقبلها «حزب الله» على قاعدة أنّها تهدف إلى إخراجه من الحكومة .

أو حكومة سياسية مطعمة، وهو ما يوافق عليه «حزب الله»، أمّا الوزير جبران باسيل فيسجل اعتراضاً إن لم يكن وزيرا فيها، على قاعدة أنّ الحكومة الحالية هي نتاج التسوية الرئاسية التي أتت بالحريري رئيساً وباسيل وزيراً للخارجية. وهنا، تكمن العقد الحكومية والتي لم تسمح بعقد جلسة واحدة لمجلس الوزراء بعد الجلسة التي أُقرت فيها الورقة الإصلاحية والموازنة.

ويراهن اركان السلطة على تراجع قوة الحراك في الشارع وعدم تحقيق مطالبه. لكن الوقائع الميدانية شكّلت الدليل القاطع الى ان الثوار في الطريق ليبقوا، ولن يخرجوا منه قبل تحقيق مطالبهم. فهم يريدون اعلان الحكومة استقالتها ثم الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة.