1350437
1350437
العرب والعالم

القوات الكردية تنسحب من مواقع حدودية مع تركيا في شمال شرق سوريا

24 أكتوبر 2019
24 أكتوبر 2019

الجيش السوري يدخل ريفي الرقة والحسكة -

دمشق - عمان - بسام جميدة - وكالات:-

انسحبت القوات الكردية من مواقع عدة في شمال شرق سوريا حدودية مع تركيا، تطبيقاً لاتفاق أبرمته موسكو وأنقرة مكنهما من فرض سيطرتهما مع دمشق على مناطق كانت تابعة للإدارة الذاتية الكردية.

وبدأت القوات الروسية منذ أمس الأول بموجب الاتفاق تسيير دورياتها في المناطق الشمالية قرب الحدود مع تركيا. ويقضي الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا بانسحاب القوات الكردية من منطقة حدودية مع تركيا بعمق 30 كيلومتراً وطول 440 كيلومتراً.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض رامي عبد الرحمن لوكالة فراس برس أمس «انسحبت قوات سوريا الديمقراطية من ست نقاط بين الدرباسية وعامودا في ريف الحسكة عند الشريط الحدودي مع تركيا». ولا تزال القوات الكردية تحتفظ بمواقع جنوب الدرباسية، وفق المرصد. وسيّرت روسيا أمس دورية في منطقة عامودا ضمّت مدرعتين رفعتا العلم الروسي بعد وصولهما إلى مطار مدينة القامشلي. ورافق الدورية مقاتلون من قوات الأمن الكردية (أساييش)، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس.

ويتعيّن على الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري بموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في سوتشي في روسيا، «تسهيل انسحاب» قوات سوريا الديمقراطية التي تعد الوحدات الكردية عمودها الفقري، مع أسلحتها من المنطقة الحدودية، خلال مهلة 150 ساعة، تنتهي الثلاثاء.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية انسحبت في وقت سابق هذا الأسبوع من منطقة حدودية ذات غالبية عربية تمتد بطول 120 كيلومتراً من رأس العين حتى تل أبيض، على وقع تقدم أحرزته القوات التركية والفصائل الموالية لها في إطار هجوم بدأته في التاسع من الشهر الحالي.

وأفاد المرصد أمس عن اشتباكات اندلعت بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل سورية موالية لأنقرة قرب بلدة تل تمر في الحسكة (شمال شرق) وفي ريف تل أبيض في محافظة الرقة شمالاً.

واتهم قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في تغريدة على «تويتر» تركيا بـ«خرق» اتفاق وقف إطلاق النار، وشنّ هجمات شرق رأس العين، ودعا «الجهات الضامنة لوقف إطلاق النار إلى القيام بمسؤولياتهم في لجم الأتراك ووقف عملياتهم».

وترغب تركيا في مرحلة أولى بإقامة «منطقة آمنة» بين رأس العين وتل أبيض تنقل إليها قسماً كبيراً من 3,6 مليون لاجئ سوري يقيمون على أراضيها منذ اندلاع النزاع عام 2011.

وبموجب اتفاق سوتشي، ستبقى هذه المنطقة تحت سيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، بخلاف المناطق الحدودية الأخرى حيث ستسيّر تركيا وروسيا دوريات مشتركة.

ومنذ بدء تركيا هجومها، فرّ أكثر من 300 ألف مدني من بلداتهم وقراهم الحدودية، وفق الأمم المتحدة.

وتعد تركيا الوحدات الكردية منظمة «إرهابية» وامتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها على أراضيها منذ عقود. وراهن الأكراد على أن يكون لتضحياتهم في قتال تنظيم داعش بدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكية، مقابل. لكن عوض دعم مشروعهم السياسي، بدأت الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا، واضعةً بذلك حداً لطموحات الأقلية الكردية في سوريا بالحكم الذاتي. وأشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي واجه قراره سحب قواته من شمال سوريا انتقادات شديدة واتُهم بتخليه عن الأكراد، بالاتفاق الروسي التركي امس الاول. وفي كلمة في البيت الأبيض اعتبرت إعلاناً رسمياً عن تخلي بلاده عن المنطقة التي كان لواشنطن تواجد عسكري فيها مع المقاتلين الأكراد لصالح تركيا وروسيا، قال ترامب «لندع الآخرين يقاتلون» من أجل البلد «الملطخ بالدماء».

ويشير ترامب على الأرجح إلى روسيا، حليفة الحكومة السورية التي كرّست باتفاقها مع تركيا، وفق محللين، صاحبة اليد الطولى في سوريا. ويقول الباحث والأستاذ الجامعي فابريس بالانش لفرانس برس «يستعيد الأسد ثلث مساحة سوريا من دون أن يطلق رصاصة».

وستحتفظ الولايات المتحدة، وفق ما قال ترامب، بقوات لها في شرق سوريا حيث بدأت قوات الحكومة الانتشار بدعوة كردية مؤخراً من دون أن تستلم زمام الأمور ميدانياً بشكل كامل.

وقال ترامب «ضمنا أمن النفط. وبالتالي، سيبقى عدد محدود من الجنود الأمريكيين في المنطقة حيث النفط».

ويشكل استعادة شمال وشرق سوريا أولوية بالنسبة إلى دمشق، كون المنطقة غنية بحقول النفط الغزيرة والسهول الزراعية. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أمس أن أرتالا جديدة من الجيش السوري دخلت ريفي الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق) لتعزيز انتشاره في شمال شرق سوريا.

ورغم تخلي الأمريكيين عنها، تحافظ القوات الكردية على علاقاتها مع واشنطن. وأكد ترامب أنه تحدث مع عبدي الذي كان «ممتناً جداً» للولايات المتحدة، بحسب قوله. لكن على الأكراد أن يفاوضوا بشأن مستقبلهم اليوم مع روسيا التي باتت القوة الأجنبية الأكثر نفوذاً في سوريا بدون منازع. وقالت «القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية» في بيان أمس إنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف أجريا اتصالاً متلفزاً مع عبدي أعرب خلاله الأخير عن شكره لموسكو لعملها على «نزع فتيل الحرب في مناطقنا وتجنيب المدنيين ويلاتها».

ويعقد حلف شمال الأطلسي في وقت لاحق اجتماعه الأول منذ أن أطلقت تركيا هجومها ضد الأكراد. وقال دبلوماسي رفيع المستوى في بروكسل إن المحادثات «ستكون حامية» لكن «من غير الوارد الاختلاف»، مع أنقرة.

ودان البرلمان الاوروبي امس التدخل التركي في شمال شرق سوريا ودعا أنقرة إلى سحب كامل قواتها من هذه المنطقة. وفي القرار الذي تم التصويت عليه برفع الأيدي، اعتبر البرلمان أن التدخل العسكري «يمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي ويقوض الاستقرار والأمن في المنطقة برمتها». ورفض النواب الأوروبيون فكرة «إقامة منطقة آمنة» وأكدوا تضامنهم مع الشعب الكردي.

وفي السياق، أعلن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الأخير يرحب بالاتفاق الروسي التركي حول تسوية الأوضاع في شمال شرقي سوريا.

وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام، فرحان حق، في بيان صحفي، إن غوتيريش «يرحب بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وحماية المدنيين على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني».

وأضاف حق: «نحن على علم بمحادثات بين روسيا وتركيا، وإعلان تركيا عن عدم وجود حاجة في المرحلة الراهنة إلى خوض عملية جديدة خارج نطاق خوض العملية الحالية»، وتابع حق أن الأمين العام للأمم المتحدة «يعترف بأن الطريق ما زال طويلا نحو حل فعال للأزمة في سوريا».

وقال المسؤول الأممي إن عودة اللاجئين السوريين إلى مساكنهم يجب أن تجري بشكل طوعي وآمن وبطريقة شفافة تماما، وأضاف: «نتابع التطورات في المنطقة عن كثب».