1349755
1349755
العرب والعالم

اللبنانيون يفترشون الشوارع رغم محاولة الجيش فتح الطرق بالقوة

23 أكتوبر 2019
23 أكتوبر 2019

نقاشات حول إمكانية إجراء تعديل وزاري -

بيروت - (أ ف ب): افترش آلاف اللبنانيين الشوارع أمس، وهم يلوحون بالأعلام ويرددون شعارات «سلمية سلمية» رداً على محاولة وحدات من الجيش تنفيذ أوامر بفتح الطرق المغلقة في اليوم السابع من حراك شعبي غير مسبوق يطالب برحيل الطبقة السياسية.

وبدت الحكومة، التي أقرّت رزمة إصلاحات «جذرية» غير مسبوقة، عاجزة عن احتواء غضب الشارع المتصاعد، بينما أفادت وسائل اعلام محلية عن نقاش رسمي في الكواليس حول إمكانية إجراء تعديل وزاري يرضي الشارع، ويضمن عدم استقالة الحكومة في ظل ظرف مالي واقتصادي وسياسي دقيق للغاية.

ونفّذ الجيش اللبناني أمس انتشاراً غير مسبوق منذ انطلاق الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية، لفتح الطرق الرئيسية في مختلف المناطق بالقوة، تنفيذاً لما وصفه مصدر عسكري لفرانس برس بـ«قرار لفتح الطرق العامة وتسهيل تنقل المواطنين».

واصطدمت محاولاته هذه شمال بيروت برفض مطلق من المتظاهرين الذين افترشوا الطرق ورددوا النشيد الوطني اللبناني، وتضاعفت أعدادهم تدريجياً خصوصاً في محلتي الزوق وجل الديب. وأفاد مصور لفرانس برس عن حالة من الهرج والمرج وتدافع بين المتظاهرين والعسكريين لم تدم طويلاً.

وهتف المتظاهرون «سلمية سلمية» موجهين التحية لجنود الجيش بعدما التصقت أجسادهم ببعضها البعض، ورددوا النشيد الوطني. وبدا الجنود عاجزين إزاء هذا المشهد وذرف بعضهم الدموع تأثراً.

ويعد الجيش من المؤسسات الرسمية القليلة التي تحظى بإجماع شعبي في لبنان، البلد الصغير الذي تثقله الانقسامات السياسية.

وعقد المتظاهرون من نساء ورجال وأطفال حلقات رقص ودبكة مرددين شعار «ثورة ثورة»، وقدموا الورود لعناصر الجيش، مؤكدين أنهم يقفون معهم في «خندق» واحد. وأكد رئيس الحكومة سعد الحريري في بيان «ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار والحرص على فتح الطرق وتأمين انتقال المواطنين بين كافة المناطق».

ويشهد لبنان منذ ليل الخميس تظاهرات حاشدة غير مسبوقة في تاريخ لبنان على خلفية قضايا معيشية ومطلبية، يشارك فيه عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف الأعمار من شمال لبنان حتى جنوبها مروراً ببيروت. واندلعت هذه التحركات الأولى من نوعها في لبنان بعد إعلان الحكومة الخميس فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات الهاتف الخلوي، سرعان ما تراجعت عنه.

وفي بلد تتقاسم فيه الطوائف المناصب وتعدّ الوراثة السياسية أمراً شائعاً داخل العائلات والأحزاب، والمحسوبيات معياراً للتوظيف، بدا الحراك جامعاً بشكل نادر، ولم يستثن منطقة أو حزباً أو طائفة. وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) في القيام بإصلاحات بنيوية وتأهيل المرافق العامة وتحسين الخدمات والبنى التحتية. ويجد اللبناني نفسه مضطراً لأن يدفع كلفة الخدمات الأساسية مضاعفة.

وفي موقف لافت، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي، بعد اجتماع استثنائي لمجلس البطاركة والاساقفة في لبنان، «السلطة لاتخاذ خطوات جدية وشجاعة لإخراج لبنان مما هو فيه».

وطالبت الرئيس اللبناني ميشال عون بـ«بدء مشاورات مع القادة السياسيين ورؤساء الطوائف لاتخاذ القرارات اللازمة بشأن مطالب الشعب». ولم تلق الإجراءات الاصلاحية التي أقرتها حكومة الرئيس سعد الحريري على عجل الإثنين صدى لدى المتظاهرين الذين يؤكدون أنهم فقدوا «الثقة» بالطبقة السياسية التي يأخذون عليها فسادها ونهبها لمقدرات الدولة وسوء إدارتها للبنان وأزماته الاقتصادية.

وفي خطوة نادرة في لبنان، ادعى القضاء اللبناني أمس على رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي وابنه وشقيقه وعلى بنك عودة بتهمة «الإثراء غير المشروع»، وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، في تدبير يأتي بعد تعهد الحكومة في خطتها الاصلاحية بمحاربة الفساد ووضع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة. ونفى ميقاتي، وهو من أكبر أثرياء لبنان هذه الاتهامات، وأعرب عن تفاجئه بالقرار وتوقيته، مؤكداً أنه «تحت سقف القانون» ومستعد لرفع السرية المصرفية عن حساباته.