صحافة

الحياة الجديدة : بوتين يملأ الفراغ الذي يتركه ترامب

18 أكتوبر 2019
18 أكتوبر 2019

في زاوية مقالات كتب باسم برهوم مقالاً بعنوان: بوتين يملأ الفراغ الذي يتركه ترامب،جاء فيه :

يبرهن الرئيس الروسي يوما بعد يوم، بأنه لاعب مهم في الشرق الأوسط ويتحرك بسرعة ملفتة لملء الفراغ الذي يتركه الرئيس الأمريكي ترامب ، فزيارة بوتين للسعودية ليس كتلك التي قام بها قبل 12 عاما، في تلك الفترة كانت روسيا لا تزال تتلمس طريقها للخروج من أزماتها، التي نجمت عن تفكك الاتحاد السوفياتي وتحاول وضع نفسها من جديد على خارطة النظام الدولي. في السياسة الدولية تضع الدول نفسها في دائرة الفعل والتأثير، إما بقوتها ووزنها الاقتصادي، أو بسقف أقل من ذلك، ولكن تستخدم كل أوراقها بذكاء وهذا ما يقوم به بوتين، هذا الرئيس توجه إلى الشرق الأوسط في الوقت المناسب، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة قد استنزفتها الحروب، وبعد أن سقط خيارها في تسليم المنطقة للإسلام السياسي، في فوضى الربيع العربي، التصريحات الأخيرة لترامب حول خسائر واشنطن الهائلة في الشرق الأوسط حوالي 14 ترليون دولار وآلاف الجنود الأمريكيين القتلى والجرحى، تكشف هذه الحقيقة.

الانكفاء الأمريكي بدأ فعليا من عهد الرئيس أوباما الذي سحب معظم قواته من العراق، وقبل بواقع تقاسمها مع إيران، كما تصرف بحذر شديد بشأن الأزمة السورية خوفا من أي تورط عسكري أمريكي واسع جديد، الرئيس ترامب لم يكمل ما بدأه أوباما وحسب، بل ذهب أكثر من ذلك للتخلي عن حلفاء واشنطن التقليديين ويمارس معهم سياسة الابتزاز بشكل مكشوف، الفشل الأمريكي المتواصل ظهر جليا في الأزمة الإيرانية ، عندما التزم ترامب بعدم الرد على استفزازات طهران بما في ذلك انتهاكها الخطوط الحمر واتهامها بمهاجمة مواقع النفط السعودية. يتحرك بوتين وكأنه المايسترو الجديد الذي يملك الكثير من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط ، إلى درجة انه يطرق أبواب الرياض اليوم وهو يمثل حاجة وضرورة للسعودية ودول الخليج، فهو مرحب به ويمكن أن يبرم ببساطة صفقات بشأن النفط وأسعاره وكميات إنتاجه، وحتى يمكن إبرام صفقات أسلحة وتفاهمات بشأن قضايا إقليمية ، فالجميع اليوم يستمع باهتمام لما يقوله بوتين ويحسب لكل كلمة يقولها حسابا وهذا هو الفارق الذي جرى خلال الـ 12 عاما من زيارة بوتين الأولى للسعودية، فالزمن الذي كانت به واشنطن صاحبة الكلمة العليا في المنطقة يبدو انه قد انتهى، فالدب الروسي اليوم يضع أقدامه بقوة في الشرق الأوسط ومن لا يصدق ذلك عليه أن يسأل نتانياهو، الذي بات يتباهى باتفاقاته مع بوتين الذي بات يمتلك علاقات قوية مع كل الأطراف المتنافسة والمتناقضة في المنطقة.