1342913
1342913
الاقتصادية

صندوق النقد الدولـــي: آفاق الاقتصاد العالمي محفوفــة بالمخاطــر

17 أكتوبر 2019
17 أكتوبر 2019

3 % توقعات النمو في 2019 .. أبطأ وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية -

عمان: قال صندوق النقد الدولي: إن الاقتصاد العالمي يم ر بفترة من التباطؤ المتزامن، فقد انخفضت توقعات النمو في 2019 إلى 3%، وهي أبطأ وتيرة له منذ الأزمة المالية العالمية. وأن النمو لا يزال يعاني من الضعف الناتج عن ارتفاع الحواجز التجارية وتزايد التوترات الاجتماعية -السياسية.

وتشير تقديرات الصندوق إلى أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستُحْدِثُ انخفاضا تراكميا قدره 0.8% في مستوى إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2020. وكان الصندوق قد توقع في عدد أكتوبر من تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» تحسن النمو العالمي تحسنا طفيفا ليبلغ 3.4% في 2020، وهو ما يمثل تعديلا آخَر بالخفض بمقدار 0.2% مقابل توقعاته في أبريل. غير أن هذا التعافي، خلافا للتباطؤ المتزامن، ليس واسع النطاق كما أنه لا يزال محفوفا بالمخاطر.

وأوضح الصندوق بأن هذا الضعف في النمو جاء مدفوع بتدهور حاد في أنشطة الصناعة التحويلية والتجارة العالمية، مع ارتفاع التعريفات الجمركية وطول أمد فترات عدم اليقين بشأن السياسات والتي أضرت بالاستثمار والطلب على السلع الرأسمالية. علاوة على ذلك، لا تزال صناعة السيارات تشهد انكماشا يرجع هو الآخر لمجموعة مختلفة من العوامل، كمظاهر الارتباك الناجمة عن المعايير الجديدة لانبعاثات السيارات في منطقة اليورو والصين والتي لا تزال آثارها مستمرة. وبوجه عام، انخفض معدل نمو حجم التجارة إلى 1% خلال النصف الأول من 2019، وهو الأضعف منذ 2012.

وعلى العكس من الضعف الشديد في الصناعة التحويلية والتجارة، قال الصندوق: إن قطاع الخدمات لا يزال متماسكا في معظم أنحاء العالم. وأدى هذا الأمر إلى الحفاظ على قوة أسواق العمل وسلامة نمو الأجور والإنفاق على الاستهلاك في الاقتصادات المتقدمة. ومع ذلك، هناك بعض الإشارات المبدئية على تراجع قطاع الخدمات في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

وقامت السياسة النقدية بدور كبير في دعم النمو. ففي غياب الضغوط التضخمية ومواجهة ضعف النشاط، اتخذت كبرى البنوك المركزية إجراءات تيسيرية مناسبة للحد من المخاطر المعاكسة التي تهدد النمو، ومنع انفلات ركيزة التوقعات التضخمية. ونشير في تقييمنا إلى أنه بدون هذا التنشيط النقدي سيشهد النمو العالمي انخفاضا بنسبة قدرها 0.5 نقطة مئوية في عامي 2019 و2020.

ولا تزال الاقتصادات المتقدمة تتحرك ببطء نحو بلوغ مستويات النمو الممكن على المدى الطويل. وخُفِّضَت توقعات النمو إلى 1.7% في 2019 (مقابل 2.3% في 2018) ومن المتوقع أن يظل عند هذا المستوى في 2020. أما الأوضاع القوية في سوق العمل والدفعة التنشيطية من السياسات فتساعد على موازنة التأثير السلبي من ضعف الطلب الخارجي من هذه الاقتصادات.

وخفض الصندوق توقعات النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إلى 3.9% في 2019 (مقابل 4.5% في 2018) ويرجع ذلك جزئيا إلى أوجه عدم اليقين المحيطة بالتجارة والسياسات المحلية، وإلى التباطؤ الهيكلي في الصين.

ويأتي ارتفاع النمو في 2020 - وفقًا للصندوق - مدفوعا باقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي يُتوقع لها أن تشهد انتعاشا في النمو ليصل إلى 4.6%. ويُعزى حوالي نصف هذا الانتعاش إلى حالات التعافي أو فترات الركود الأخف وطأة في الأسواق الصاعدة الواقعة تحت الضغوط، مثل الأرجنتين وإيران وتركيا، والباقي مدفوع بحالات التعافي في بلدان تباطأ فيها النمو بدرجة ملحوظة في 2019 مقارنة بعام 2018، مثل البرازيل والهند والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية. ومع ذلك، هناك أجواء كثيفة من عدم اليقين تحيط هذا التعافي، ولا سيما في ظل التوقعات باستمرار التباطؤ في اقتصادات رئيسية مثل الولايات المتحدة واليابان والصين في 2020.

مخاطر متصاعدة

إضافة إلى ذلك، قال الصندوق: إن هناك العديد من مخاطر التطورات السلبية على النمو. فتصاعد التوترات التجارية والجغرافية -السياسة، بما في ذلك المخاطر المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تؤدي إلى زيادة إرباك النشاط الاقتصادي، وانحراف التعافي الهش بالفعل عن مساره في اقتصادات الأسواق الصاعدة ومنطقة اليورو. وقد يؤدي هذا الأمر إلى حدوث تحول مفاجئ في اتجاهات الإقدام على المخاطر، واضطرابات مالية، وانعكاس في مسار التدفقات الرأسمالية المتجهة إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة. وقد يترسخ التضخم المنخفض في الاقتصادات المتقدمة ويزيد من تقييد الحيز المتاح من السياسة النقدية في المستقبل، مما يحد من فعاليتها.

سياسات تحفيز النمو من جديد

من أجل إنعاش النمو، أوصى الصندوق صناع السياسات بإزالة الحواجز التجارية التي وُضِعت باتفاقيات دائمة، وكبح التوترات الجغرافية -السياسية، وتخفيف أجواء عدم اليقين المحيطة بالسياسات الداخلية. ومن شأن هذه الإجراءات إعطاء دفعة كبيرة للثقة، وتنشيط الاستثمار والصناعة التحويلية والتجارة. وفي هذا الصدد، نحن نتطلع إلى مزيد من التفاصيل عن الاتفاق المؤقت الذي توصلت إليه الصين والولايات المتحدة مؤخرا. ونرحب بأي خطوة تُتخذ لتهدئة التوترات والتراجع عن التدابير التجارية الأخيرة، ولا سيما إذا كانت يمكن أن تفتح الطريق أمام الوصول إلى اتفاق شامل ودائم.

وقال: لتفادي المخاطر الأخرى التي تهدد النمو وزيادة الناتج الممكن، ينبغي للسياسة الاقتصادية أن تدعم النشاط على نحو أكثر توازنا. فلا يمكن أن تكون السياسة النقدية هي الحل الأوحد، وينبغي أن تقترن بدعم من المالية العامة حيثما يكون الحيز المالي متاحا وتكون سياسة المالية العامة ليست مفرطة في التوسع بالفعل. ففي بلدان مثل ألمانيا وهولندا، ينبغي الاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة على القروض للاستثمار في رأس المال الاجتماعي ورأسمال البنية التحتية حتى من منظور التكاليف والمنافع الصرف. وإذا قُدِّر لأوضاع النمو أن تشهد مزيدا من التدهور، فقد تصبح استجابة المالية العامة المنسقة على المستوى الدولي ضرورةً، مع مراعاة ظروف كل بلد على حدة. وأضاف: ومن أجل تحقيق النمو المستدام، من المهم أن تبادر البلدان بإجراء إصلاحات هيكلية لزيادة الإنتاجية وتعزيز الصلابة والحد من عدم المساواة. وتزداد فعالية الإصلاحات في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية كذلك عندما تكون نظم الحوكمة السليمة مطبقة بالفعل.

وأشار الصندوق إلى أن الآفاق العالمية لا تزال محفوفة بالمخاطر في ظل حالة التباطؤ المتزامن وعدم اليقين بشأن التعافي. فمع بلوغ النمو معدلا قدره 3% ليس هناك مجال لأي أخطاء على مستوى السياسات، والحاجة ماسة لتقديم صناع السياسات الدعم للنمو. ويتعين تحسين نظام التجارة العالمية، لا التخلي عنه. ويتعين أن تعمل البلدان معا لأن العمل متعدد الأطراف لا يزال هو الحل الوحيد لمعالجة القضايا الرئيسية، كالمخاطر المتأتية من تغير المناخ، ومخاطر الأمن الإلكتروني، والتحايل الضريبي، والتهرب الضريبي، والفرص والتحديات المتعلقة بالتكنولوجيا المالية الناشئة.