1322455
1322455
تحقيقات

الحقيبة المدرسية بين تلبية متطلبات اليوم الدراسي وزيادة الحمل البدني على الطالب

28 سبتمبر 2019
28 سبتمبر 2019

تجارب ناجحة في بعض المدارس شملت التعليم الإلكتروني -

استطلاع: مـُزنـة الـفـهـديـة -

أصبح الطفل في الآونة الأخيرة يحمل في حقيبته المدرسية ما يعادل خمسة كيلو جرامات ذهابا ومثلها جيئة، ويعنى ذلك إنه يحمل طنا و600 كيلو جرام خلال العام الدراسي، وقد أخذ هذا الموضوع حيزا في المداولات والنقاشات بين أوساط المجتمع، ولتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع، استطلعت «عمان» جوانب منه عن قرب ورصدت بعض المقترحات والحلول لتفادي أية مشاكل صحية ونفسية ممكن أن تحدث للأطفال، خاصة ممن هم في مراحل التعليم الأساسي والذين لا يستطيعون حمل أوزان ثقيلة.

وقالت بدرية بنت محمد الفهدية مديرة مدرسة مدرعات سلطان عمان (1-10) خلال حديثها لـ «عمان» «إن المدرسة نفذت مشروع تعليم إلكتروني بلا حقيبة مدرسية، حيث تم تحويل المنهج إلى محتوى إلكتروني يقدم بطريقة تفاعلية مشوقة من خلال توظيف الأجهزة التقنية مثل الهواتف النقالة والشاشات الذكية والتفاعلية المتوفرة بالمدرسة (الأجهزة اللوحية، أجهزة العرض المختلفة)، والاستفادة من الكتب الإلكترونية من موقع المكتبة الإلكترونية والمكتبة الصوتية بالبوابة التعليمية لوزارة التربية والتعليم ليحل محل الكتاب المدرسي حيث يتم الاستغناء عنه أثناء التدريس.

توظيف التقنية

وأكدت مديرة مدرسة مدرعات سلطان عمان أن الهدف من المشروع هو التخفيف من حمل الحقيبة المدرسية من خلال توظيف التعليم الإلكتروني في التدريس، وإيجاد بدائل تساعد الطالب في الاحتفاظ بكتبه وأدواته المدرسية داخل المدرسة أو في منزله، وتوظيف الكتب الإلكترونية الموجودة في المكتبة الإلكترونية بالبوابة التعليمية، وتلبية الاحتياجات التقنية للجيل المعاصر، وتوفير بيئة جاذبة للتعلم خارج نطاق أسلوب التعليم التقليدي، وكسر الروتين المعتاد للعملية التعليمية، والتقليل من استهلاك الحبر والأوراق المستهلكة في طباعة الأنشطة الطلابية وبالتالي الاستغناء عن الملفات الطلابية، وتفعيل دور التقنيات الحديثة والحلول المبتكرة في المشاريع التربوية لمعالجة قضايا التعليم مثل قضية الحقيبة المدرسية الثقيلة، والحرص على صحة وسلامة الطلاب وتجنيبهم المشاكل الصحية بسبب حمل حقيبة مدرسية ثقيلة.

الفكرة والنتائج

وعن فكرة المشروع قالت الفهدية «تقوم جميع المعلمات بعمل محتوى إلكتروني تفاعلي لجميع الدروس يتضمن المادة العملية المأخوذة من الكتب الإلكترونية وإثرائها بأنشطة تفاعلية فردية وجماعية بحيث يكون الطالب محور العملية التعليمية يتفاعل مع معلمته بحل أنشطة تفاعلية معاد صياغتها في تطبيقات الأجهزة اللوحية أو برامج الشاشات التفاعلية أو من خلال البرامج أو المواقع التي توظف البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى عمل خطة للواجبات المدرسية بحيث تبقى دفاتر الطلاب الورقية محفوظة داخل الدواليب الصفية يحملونها معهم فقط حسب خطة الواجبات الموضوعة داخل الصفوف، وتبقى الكتب الورقية داخل الدواليب الصفية أو في المنزل حسب حاجة المادة وأيضا حسب ما تقتضيه وثائق التقويم الوزارية بحيث لا يتكبد الطالب عناء حملها للمنزل فيعاني من ثقل الحقيبة المدرسية، ويحفظ الطلاب جميع أدوات مواد المهارات الفردية في دواليبهم طوال العام الدراسي ويمكنهم الاستفادة منها للأعوام القادمة في حالة عدم استهلاكها. وأكدت أن المشروع حقق نتائج إيجابية أبرزها حصول المدرسة على المركز الأول في التحصيل الدراسي على مستوى المحافظة للصفوف من (5-10) خلال العام الدراسي 2018/‏‏2019م، وارتفاع الدافعية للتعلم وقل غياب الطلاب وتعلق الطلاب بالمدرسة، حيث يحضر الطالب صباح مفعما بالنشاط والسعادة تغمر محياه وذلك لأنه ترك حقيبته في منزله، والتقليل من استهلاك الورق وأقلام السبورة وتوفير مبالغ مالية، كما أظهرت المؤشرات التربوية ونتائج التقويم الذاتي ارتفاعا في رضى أولياء الأمور من الإجراءات المنفذة للتخفيف من حمل الحقيبة المدرسية والاستغناء عنها.

عدد الحصص

وقال إبراهيم بن عبد الله البلوشي معلم في مدرسة محمد بن شيخان السالمي للبنين بالمعبيلة الجنوبية «إن الحقيبة المدرسية أصبحت ثقيلة وذلك يعود الى عدد الحصص التي تصل إلى 8 حصص في اليوم الواحد، بالإضافة الى أنه ليس من الضروري إعطاء الطلاب واجبات يومية حتى لا يضطر الى حمل الدفتر والكتاب للمنزل بشكل يومي.» وقدم البلوشي اقتراحا بوضع صناديق في كل صف بحيث توضع الكتب والدفاتر في المدرسة (المواد التي لا يوجد بها واجبات مدرسية)، بالإضافة إلى وضع كتب شهرية من خلال وضع فصل من كل مادة في كتاب واحد ويكتب عليه اسم الشهر، وبالتالي يتم اختصار الكتب لثلاثة كتب تقريبا وسوف يتم تخفيف ثقل الحقيبة، مشيرا إلى دور أولياء الأمور في متابعة الجدول المدرسي للطالب، وعلى إدارة المدرسة حث المعلمين على عدم إعطاء الطلاب واجبات يومية.

دواليب خاصة

من جانبها قالت زكية بنت سيف القصابية معلمة في مدرسة مدينة العلم بولاية نزوى « أصبحت الحقيبة ثقيلة بسبب كثرة المناهج الدراسية المطبوعة، موضحة أن المدرسة عملت مشروع دواليب خاصة بالكتب لطلبة الصف الأول، حيث لا يحملها الطالب معه إلا نهاية الأسبوع ولا يحمل معه في أيام الأسبوع سوى دفاتر الواجبات والأنشطة اليومية فقط، ونأمل تطبيق المشروع على باقي صفوف المدرسة.

ودعت القصابية وزارة التربية والتعليم إلى أهمية تقليل حجم الكتب الدراسية بحيث تكون على محاور شهرية أي كل شهر كتاب صغير، كما يجب على أولياء الأمور اختيار الحقيبة ذات النوع المريح والتي تناسب بنيته الجسمية.

اختيار الحقيبة

وأوضحت شيماء بنت خميس الفهدية ولية أمر أن تنظيم الجدول المدرسي أهم سبب لتخفيف ثقل الحقيبة المدرسية، حيث في مدرسة المسرات الخاصة عملت الإدارة على الاحتفاظ بالكتب في المدرسة مع إرجاع كتب مدرسية معينة للمراجعة وحل الواجبات، كما أن المنهج المدرسي خفيف ومبسط وملم في نفس الوقت، مشيرة إلى أنه يتم إرجاع الكتب في إجازة نهاية الأسبوع في حالة رغبة الأسرة بذلك.

وعرجت بالحديث إلى دور الأسرة المتمثل في ألا يكون اختيار الحقيبة اختياراً عشوائياً، حيث يجب اختيار الحقيبة الملائمة مع عمر الطالب لكي يتمكن من حملها ورفعها على ظهره، موضحة أن حقيبة الظهر الصحية تكون خفيفة فلا يزيد وزنها بمفردها عن 1.4 كيلو جرام ولا يقل وزنها عن 1 كيلو جرام، مؤكدة ضرورة وأهمية توزيع الكتب في كل الجيوب الموجودة في الحقيبة بصورة متساوية من حيث الوزن ولذلك لكي لا توجد جهة أكثر ثقلاً من الجهة الأخرى.

عدد المواد

وقالت مريم بنت جمعه بن محمد الجابرية معلمة في مدرسة خضراء البريمي للتعليم الأساسي « من الأسباب التي جعلت الحقيبة ثقيلة في السنوات الأخيرة هي وجود ٨ مواد دراسية وكل مادة لها كتاب وكل كتاب له دفتر خاص به وكل ذلك يتكدس في حقيبة واحدة، بالإضافة للملفات وحقيبة الطعام التي يجلبها الطالب معه، ومما يشكل عبأ أيضا إحضار الطالب جميع الكتب دون الالتزام بالجدول الموزع عليهم، ووضعه لأدواته الشخصية كالقصص والألعاب أحيانا معه.»

وأضافت «أقترح تقليل عدد الحصص الدراسية يعني تقليل كم الكتب المحمولة ومن شأنه تخفيف ثقل الحقيبة المدرسية، واستخدام الحقائب المتحركة، بالإضافة إلى دمج بعض المواد في كتاب واحد ووضع دواليب مخصصه لكل طالب ليضع الدفتر في حال عدم وجود واجب منزلي ولوضع كتب المواد الفردية دون المواد الأساسية لان وضعها قد يوحي لبعض أولياء الأمور بعدم متابعة المادة الدراسية، واستبدال الدفاتر في بعض المواد بأوراق أنشطة توضع في ملف مخصص.»

تنوع المواد

وقال حسن بن إسماعيل بن علي المعمري ولي أمر إن هناك عدة أسباب لثقل الحقيبة منها تنوع المواد في اليوم الدراسي الواحد، كما أن كتب المواد الدراسية سميكة لأنها غير مجزأة لفصول، وكل مادة لها دفتر والدفاتر مع الكتب الدراسية تصبح ثقلا زائدا! وأشار إلى ضرورة اقتصار اليوم الدراسي على مادتين أو ثلاث فقط، وتجزئة الكتب الدراسية إلى فصول منفصلة، ودمج المواد في الدفاتر، مثلا مادتي التربية الإسلامية واللغة العربية في دفتر واحد، وهكذا، وتقنين سمك الدفتر المدرسي بحيث لا يتجاوز ٨٠ ورقة، مؤكدا أهمية التعاون مع ولي الأمر وتنبيهه بشراء حقيبة مدرسية خفيفة، وتنبيه المعلمين بأنه لا حاجة لكل مادة دفتر خاص ، كما يمكن استخدام أوراق الأنشطة وغيرها بدلا من الدفاتر.

وأوضح المعمري ضرورة استقرار الجدول المدرسي وذلك من خلال الثبات على التشكيلات الإدارية والتدريسية منذ أول يوم دراسي، بالإضافة إلى مساعدة الطفل في حمل حقيبته، وتعليم الطفل على كيفية حمل الحقيبة المدرسية بشكل صحيح بحيث لا تؤذي الظهر، ومتابعة الطفل في حمل الكتب الدراسية المخصصة لليوم ذاته فقط، وتعليم الطفل في كيفية ترتيب الأغراض المدرسية في الحقيبة بطريقة لا تؤذي ظهره، وتنبيه المعلمين في تعليم الأطفال في إحضار المواد المطلوبة فقط، بالإضافة إلى تنبيه المعلمين على التقليل من المتطلبات على الأطفال والاحتفاظ ببعض الكتب في الفصل الدراسي، ومثل السبورة الصغيرة والألوان واللصق وغيره.