Ahmed
Ahmed
أعمدة

نوافذ: أدر له الخد الأيمن

20 سبتمبر 2019
20 سبتمبر 2019

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

تستوقفني كثيرا مجموعة النداءات التي تتكاثر اليوم؛ عبر وسيلة الـ «واتس أب» وهي النداءات الذاهبة إلى «غض الطرف» عن أخطاء الآخرين، واعتبر أن ما يصدر عنهم من أخطاء في حقك، أنها أخطاء غير مقصودة، وحتى لو تكرر الخطأ بصور مختلفة، عليك أن تتحمل، ولا تقم بأي ردة فعل وفق المعادلة الفيزيائية «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار؛ ومعاكس له في الاتجاه» كما عليك أن تروض نفسك على ذلك، وتكون على طول سير خط الحياة «حملا وديعا» لأن الآخرين لا يقصدون إساءتك، فقط أنت «محمّل الموضوع أكثر مما يحتمل» وفي مواجهة كل إساءة من آخرين؛ قاصدين أو غير قاصدين؛ عليك أن تقابلهم بابتسامة «صفراء» معلنا لهم طيب خلقك، وسمو نفسك، وأن تصب قوالب الثلج على دواخل نفسك التي تغلي من أثر ما تتحمل، ولا بأس أن تتكرر منهم الأخطاء في حقك، فقد دجنت نفسك، وانسلخت من حقيقتك الإنسانية المحملة بازدواجية الأمرين: الخير والشر، والفرح والحزن، والرضا والقنوط، والتسامح والرد بمكيالين، والفعل ورد الفعل، وعليك أن تقنع نفسك بأنك من كوكب آخر، غير الكوكب الذي يعيش فيه هؤلاء البشر من حولك، الذين تتجاذبهم العوالق النفسية المختلفة، فهم يسيئون بقصد، وبغير قصد قليل، لأن الأفعال المتاحة أمام الإنسان لكي يقول فيها رأيه، ويتخذ فيها قراره تصل الى (90%) و (10%) فقط هي المجبر عليها، وبالتالي أراه من وجهة نظر شخصية أن مسألة الخطأ المقصودة تقاس على الـ (90%)، ولا مجال لإنكار ذلك.

وبقدر إيماننا بمسألة حالة الضعف التي تنتابنا كبشر، فهذا لن يعفينا عن تحمل مجمل الأخطاء التي نرتكبها؛ سواء في حق أنفسنا، أو في حق الآخرين من حولنا، ومعنى ذلك أن يكون «لكل فعل رد فعل» وفي الوقت المناسب، لأن حالة المكر والخديعة، والضحك بملء الذقون؛ كما يقال؛ هذه كلها مخادعة، واستسهال للنيل من الآخرين بصورة غير مباشرة، وبالتالي فمتى أطلق العنان للتغاضي عن الأخطاء على اعتبار أنها غير مقصودة من أصحابها، فإن ذلك سوف يجر لما هو أبعد من ذلك، ولما هو أسوأ أيضا، وسوف يظلم؛ في المقابل؛ أناس كثيرون، ظنا منهم أن الطرف الآخر لا يقصد، بينما هو يمارس أفعاله «مع سبق الإصرار والترصد» ولا أرى أن هناك ضرورة – مطلقا – لأن يتحمل الطرف الذي يقع عليه الخطأ الأعباء النفسية، وهي أهم الأعباء، لأجل «خاطر» الطرف الآخر الذي يواري أخطاءه في حق الآخرين بإهدائهم «ابتسامته الصفراء الماكرة» لأن في ذلك استغفال للواقع، وغض الطرف عن تداعيات النفس الإنسانية المجبولة على مختلف التناقضات، كما تم التطرق إليها.

كثير ما يتردد على ألسنة العامة أهمية المحافظة على اللحم الاجتماعية، حفاظا على الود، والتآزر، والتعاون، والتوافق، وهذه كلها نداءات؛ تظل في مواقف كثيرة؛ «دعوة حق يراد لها باطل» لأن النفس البشرية هذا حالها؛ قائمة على المناكفة، والمحاككة، وعلى الخروج عن خط السير الصحيح هي «فطرة» ومن هنا تأتي مجموعة الأحكام والتشريعات التي تحد من تجاوزات البشر على بعضهم البعض، حتى لا يسود الظلم والطغيان على آخرين؛ ربما يكونون؛ في موضع ضعف، وقلة حيلة، وبالتالي متى استمرأ الإنسان فعل الشر على طول خط مسيرة حياته، فإن ذلك من الفطرة، ومتى استطاع أن يراجع نفسه، ويقف لها بالمرصاد عن التجاوز على حقوق الآخرين، يكون ذلك أيضا من الفطرة، وبقدر أهمية الصورة الثانية، ينبغي أن لا تظل الصورة الأولى هي الماثلة، وإن كانت قليلة، لأن فعلها مؤثر، ومهلك، وقاس، ومحزن، وكما يقال دائما: «الفضيلة بين طرفين؛ كلاهما رذيلة».