1317763
1317763
المنوعات

أدباء يفتشون في تفاصيل «صدى الأمس» والسيرة الذاتية الأدبية للشاعر ربيع العلوي

17 سبتمبر 2019
17 سبتمبر 2019

ضمن ندوة ثقافية أدبية أقامتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء -

أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء أمس الأول بمقرها بمرتفعات المطار ندوة أدبية في شعر وسيرة المرحوم بإذن الله الشاعر ربيع العلوي، لمجموعة من الكتّاب والأدباء والشعراء في السلطنة، بحضور شعري عماني متنوع. هذه الندوة التي أدارتها الشاعرة كوثر الهاشمية شارك فيها الشعراء مسعود الحمداني وعلي الحارثي وعوض درويش العلوي وجاسم العلوي (أخ الشاعر الراحل).

سيرة أدبية

قدم جاسم العلوي قراءة في السيرة الذاتية للشاعر المرحوم بإذن الله ربيع العلوي، وفي قراءته أشار إلى مسقط رأس الشاعر الراحل العلوي ولاية صور، مرورا برحلته العملية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وعمله في إحدى مؤسساتها الرسمية خلال الأعوام من 1975 م وحتى 1984م. موضحا التحاق الراحل بالعمل في جريدة الفجر الإماراتية كمحرر لصفحة الشعر الشعبي، حيث كان ربيع العلوي كثير السفر، وزار عددا لا بأس به من بلدان العالم، خلالها تعرف على العديد من الأصدقاء، وقرر الانتماء في عام 1985م لأسرة التحرير في جريدة عمان كمحرر لصفحة الشعر الشعبي، وأشار جاسم العلوي إلى أن الشاعر الراحل التف حوله عدد كبير من الشعراء والشاعرات، وكان يجتمع ببعضهم كل خميس في مجلس والده بولاية صور، وممن يشاركون في تلك الجلسات الشعراء محفوظ الفارسي، ومحمد علي بهوان، وعتيق فايل المخيني، وعبدالله بن حمدان الفارسي. وفي عام 1988م صدر ديوانه «صدى الأمس»، الذي لامس من خلاله قلوب من يحبهم ويحبونه وبعد مضي عام من إصدار ديوانه الوحيد توفي الشاعر في مدينة صور.

المرأة وإرهاصات التجديد

أما الكاتب والشاعر مسعود الحمداني فقد قدم ورقة عمل حملت عنوان «قراءة في ملامح ديوان ربيع العلوي .. المرأة وإرهاصات التجديد»، وفي بداية حديثه ذهب الحمداني لديوان الشاعر صدى الأمس»، وقال: إنه يلخص تجربة شعرية خاصة وخالصة للشاعر، ومغايرة في الوقت نفسه، فالديوان رغم حجمه الصغير إلا أنه يمثل فترة تحوّل جذرية للقصيدة الشعبية العمانية، فقصيدة التفعيلة في ذلك الوقت لم يكن لها مساحة تذكر في قاموس الشعراء، بل إن الكثيرين كانوا يستهجنون هذا اللون من الشعر، ويعتبرونه جسدا غريبا على المشهد الشعري العماني بشكل عام موضحا أنه أول ديوان شعر عماني شعبي يعتمد على شعر التفعيلة، وأشار الحمداني إلى أن للمرأة مساحة كبيرة في قصيدة المرحوم ربيع العلوي، فكل قصائد الديوان لا تخرج عن إطار الغزل والرومانسية، والحاجة للآخر، ولا تشكل المرأة جسدا في قصيدته، ولكنها تشكل روحا هائمة، وسامية ومستقلة، وليس أدل على هذا الصدق، وهذه العاطفة من إهداء ديوانه إلى زوجته سعاد، حيث تناول الشاعر المرأة في نصوصه كذات وروح، وكائن شفاف، وليس كجسد، فلا نكاد نقرأ نصا يحوي غزلا فاحشا، أو وصفا حسيا لجسد المرأة، بل هي (نصوص محتشمة) إن جاز التعبير وقال الحمداني إن في نصوص المجموعة الشعرية يتضح أن التجديد الذي أدخله الشاعر ربيع العلوي لم يتجاوز الشكل، بينما ظل المضمون كما هو، ولم تتعد الأغراض الشعرية دائرة الغزل، فلا وجود لقصيدة ذاتية خالصة بالمفهوم العام.

موسيقى الشعر

فيما قدم الشاعر عوض بن درويش العلوي ورقة عمل أخرى بعنوان «أوزان وموسيقى الشعر النبطي في ديوان صدى الامس» للشاعر ربيع بن سالم العلوي، وهنا أكد عوض العلوي أن الاتجاه الذي اتبعه الراحل ربيع العلوي يسمى بالشعر الشعبي الحديث (النبطي)، ويمثله عدد غير قليل من أبناء جيل النهضة ومن هؤلاء الشاعر ربيع بن سالم العلوي رحمه الله، واستطرد الشاعر عوض: شدني الديوان من خلال الإهداء الذي تضمن مقولة الشاعر الراحل إلى «سعاد» التي جعلت مني قلبا يعزف على أوتار الأمس فأثرى صداها مشاعري، ومقدمة الديوان التي كتبها سالم بن سيف الخالدي المحرر بجريدة الفجر الإماراتية إذ قال فيها: إن هذا الديوان وُجِدَ ليغني، وقال عن الشاعر ربيع بن سالم العلوي إنه يجمع بين أصالة المعنى و طلاوة الأوزان، حري أن يستقر في كل قلبٍ ووجدان، وللديوان 28 نصا بين قصيدةٍ ومقطوعةٍ نبطية متنوعة الأوزان والموسيقى، وتنوعت هذه المجموعة الشعرية في موسيقاها فشكلت موجة جديدة ما كانت تُطرق في ذلك الأوان، وتراوحت بين الموسيقى التقليدية المعروفة والمتمثلة في القصائد العمودية التي غلب عليها بحر المسحوب، وبحر الصخري، حيث كانت مجموعته صدى الأمس بمثابة حركة من حركات التحرر الأدبية اختطت مساَرها الذي عكس شخصية الشاعر النبطي العماني أو الشاعر الشعبي الحديث الذي تميزت و تفردت شخصيته على الشاعر القديم.

تفاصيل اللغة والأسلوب

أما الشاعر علي الحارثي فقد قدم ورقة عمل ذهبت لتفتش عن تفاصيل اللغة والأسلوب في إصدار «صدى الأمس» للمرحوم الشاعر ربيع بن سالم العلوي، وهنا أوضح الشاعر الحارثي أن اللغة لدى الشاعر ربيع العلوي في إصداره «صدى الأمس» لخصت أسلوبه في عدة نقاط تتمثل في أن أسلوب الشاعر الكتابي يندرج ضمن ما يمكن تسميته الأسلوب التعبيري الحسي لنزوعه نسبيا نحو المباشرة وابتعاده عن التجريد، فلا يحتاج القارئ إلى جهد ذهني كبير ليصل إلى الدلالة ويستمتع بجمال الصورة، كما أن الشاعر ابتعد عن كل غريب ووحشي من الألفاظ واعتمد على اللغة البسيطة التي يستطيع الجميع إدراكها مع الاحتفاظ بسموها وقوتها في ضمن نظام موسيقي ملائم، وامتاز أسلوب الشاعر بالاتزان وتآلف جميع عناصر النص من فكرة ولغة وخيال وعاطفة وموسيقى في نسق واحد مترابط لتعبر جميعها عن شاعر متمكن، كما ظهرت بعض خصائص المذهب الرومنسي في أسلوب الشاعر ربيع العلوي مثل الغنائية واعتماد العواطف والمشاعر العميقة واستشعار جمال الطبيعة والتحرر نسبيا من سلطة النص العمودي للشعر الشعبي خاصة في فترة ظهور الشاعر في ثمانينات القرن الماضي، فيما كشفت موضوعات النصوص وموسيقاها في إصدار صدى الأمس عن أسلوب رقيق منسجم مع المعاني الرقيقة التي تناولتها وذلك يعبر عن شخصية عاطفية جدا وشاعر فنان يتعامل مع محيطة بإحساس مرهف يلجأ إلى خياله الخصب كلما أجدب واقعه ليبث فيه من اخضرار روحه (ربيعا) من شعر.

تضمنت الندوة مناقشة أدبية مفتوحة مع الشعراء الحضور الذين قدموا بعض المداخلات التي أضافت إلى تفاصيل ما قدم من أوراق عمل.