إشراقات

فتاوى لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة

12 سبتمبر 2019
12 سبتمبر 2019

الأصل في الناس حسن الظن وليس عليه التفتيش والناس لا يتُجســس عليهم مسلمهم وكافرهم

شــخص يملك عقارا معينا كمنزل أو محل ويرغب في تأجيره، فإلى أي حد هو مطالب بالتأكد من المستأجر من ناحية كونه يستخدم فيه شيئا من الحرام، كأن يرتكب في منزله شــيئا من المعاصي أو يبيع فيه شــيئا من المحرمات أو المشتبه فيها كالســجائر أو اللحوم غير المذكاة أو لحوم الخنزير أو نحو ذلك، فهل هو مطالب أن يتثبت عن ذلك؟ ثم إذا ثبت له بعدما اســتأجره أنه يستخدمه في شيء من المحرمات كيف يكون تصرفه معه؟

الأصل في الناس حسن الظن، خصوصا المسلمون، وليس عليه التفتيش والناس لا يتُجســس عليهم مسلمهم وكافرهم، والتنقيب عن هذه الأحوال، لأن االله تعالى أطلق منع التجســس حيث قــال: (وَلاَ تَجَسَّسُوا) ولم يقل ولا يتجسس بعضكم على بعض، كما قال: (وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا) ، وإنما أطلق النهي عن التجســس، فالتجســس الأصل فيه أنه ممنوع ســواء كان على المســلم أو على الكافر، وليس مــن الورع ولا من الإسلام أن يبقى الإنسان يتجسس على أحوال الناس، وما يفعله الإنسان بينه وبين ربه فهو المســؤول عن ذلك، وإن تبين له أنه اتخــذ ذلك البيت وكراً للفساد، كأن يفتح فيه ماخوراً أو يفتح في مخمرة أو يصنع فيه شيئا من هذه الأشياء فهنا عليه الإنكار عليه، وعليه السعي إلى إنهاء العقد واالله أعلم.

ما قول ســماحتكم في رجل يتاجر بملابس نســائية، أيلزمه شــيء أم لا يلزمه إذا كانت هذه الملابس يســتخدمها المشــتري وخاصة النساء للزينة والتبرج، وخياطتها بتفصيلات شبه عارية؟

إن كان يعلم أن هذه الملابس تتخذها النساء للتبرج الجاهلي فلا يجوز له الاتجار فيها، بل هو رأس الضلال، لأن المعين على الباطل شــريك فيه، فقد تعالــى قــال: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، والله أعلم.

هل تصح المساقاة أو المزارعة من ثلاثة أشخاص، رجل له أرض، وآخر منه العمل، وثالث عليه معدات العمل، ولهم الربح بنسبة معينة؟

عقد المساقاة هو عقد اســتثنائي أبيح لما فيه من المصلحة،- وإن كان لا يخلو في أصله من الغرر-، فهو أشــبه بالرخصــة، والرخص لا تتعدى مواضعها الــواردة فيها، ومن المعلــوم أن الغرر الذي يكــون على العامل بســبب ضياع جهده عندما تفســد الثمرة أو تصيبها جائحة أهون من الغرر الذي يلحق صاحب المعدات، الذي يخســر ماله عندمــا يكون الناتج من العمل لا يحقــق الربح المطلوب للوفــاء بالنفقات، لذلــك لا أرى جواز هذه الصورة في المســاقاة، وإن كنت لم أجد حكم ذلــك منصوصا عليه، واالله أعلم.

إن كلف السقي مؤنة من المال- سواء بقعد الفلج أو فاتورة الماء - فعلى من تلك المؤنة؟ وهل للعرف تحكيم فيها؟ وإن اقتضى الأمر مد أنابيب للري فعلى من يكون؟

إن كان في ذلك عرف متبــع فهو الذي يحكم في ذلــك، وإن لم يكن في ذلك عرف فإن الأصل في الماء أن يكون على صاحب النخل والشــجر، وكذلك الأنابيب، وإنما على المساقي العمل، هذا ما بان لي، واالله أعلم.

إن اقتضى الأمر استخدام المبيدات ـ ســواء التي تنفع الشجر أو الثمر ـ فتكون على من منهما؟

اســتخدام المبيدات هــو لمصلحة الثمــر، ومن هنا يتبيــن لي أن على المساقي لأنه القائم بالعمل، إلا أن تشارطا بخلاف ذلك. واالله أعلم.

هل يصح أن يشيشترط العامل أجرة بعض العمال على المالك؟ وإن أجيب بعدم الصحة، فهل تفسد المزارعة أو المساقاة بذلك؟

بما أن العامل الأصلي الذي تم العقد معه بأن يقوم بأعمال المساقاة هو المســؤول عن جميع أعمالها، لا أرى وجها لاشتراطه على المالك أن يكون عليه أجور العمال الفرعيين، واشــتراطه ذلك يخل بصحة عقد المساقاة فيما أرى، واالله أعلم.