oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

اســتدامـة الأمـن البحــري

08 سبتمبر 2019
08 سبتمبر 2019

تعتبر البحار والمحيطات في عالم اليوم من المناطق ذات البعد الاستراتيجي حيث تلعب دوراً كبيراً في تشكيل خرائط السياسة والتحالفات الإقليمية والدولية، وهي أيضا قبل ذلك ذات بعد اقتصادي واضح، يتجلى في كونها الماعون الذي تتحرك فيه الشاحنات النفطية والتجارية الضخمة إلى حاملات الأسلحة والرؤوس النووية.

بهذا المعنى فإن أمن البحار يشكل واحداً من الهواجس الإنسانية في كوكب الأرض، ولابد أن كل منطقة من مناطق العالم تولي هذا الموضوع ما توليه من الأهمية، في إطار خلق الاستقرار الإقليمي والدولي وسريان عمليات تبادل السلع والمنتجات بشكل آمن وسلس دون أي مخاوف.

في مشاركة السلطنة بمؤتمر المحيط الهندي حول الأمن البحري بالمالديف، فقد تم التأكيد على هذه المعاني المذكورة، وأهمية سيادة القانون وانتهاج التعاون الجماعي كمفتاحين رئيسيين لاستدامة الأمن في البحار.

لابد أن نتوقف هنا مع فكرة المخاطر التي يجب أن ينظر إليها بأكثر من زاوية في عالم سريع التغير، من مشاكل ومخاوف الإرهابيين إلى القراصنة إلى التهكير الإلكتروني وغيرها من القضايا متعددة النظر في هذا الإطار، ما يتطلب من العالم المعاصر والدول المهتمة بالموضوع أن تبتكر دائما وبشكل سريع الحلول الممكنة التي تقدم وضعية أفضل للمستقبل في تحقيق السلم والأمن في البحار والمحيطات.

هناك نقطة جرى التأكيد عليها في كلمة السلطنة، يجب أن نذكر بها وهي أهمية العمل والتنسيق الجماعي، لأن البحار مفتوحة وتطل على عدد كبير من الدول، والمياه ليس لها من حدود واضحة وجلية كما على الأرض ما يجعل المهام صعبة في بسط الأمن إذا غاب التشارك الجمعي في تحقيق الأهداف المنشودة.

إن المضي إلى إنشاء منظمات مختصة وجهات تنظم هذه العمليات ربما يكون من الحلول المستقبلية والممكنة، بيد أن أفق الحل في نهاية الأمر يظل مرهوناً بتعاون الدول وقدرتها على الإدارة السليمة لمجمل المشهد والرغبة في الفاعلية الخلاقة التي ترغّب بالفعل في المضي إلى الآفاق الأفضل في المستقبل من حيث رسم السلام والأمن الدولي.

أخيراً، يجب أن نشير إلى ما عرضته السلطنة من تجربة المنطقة الاقتصادية الخاصة وميناء الدقم، ذلك المشروع الكبير والاستراتيجي الذي يصب في رهانات المستقبل على صعيد التنويع الاقتصادي، غير أنه في الوقت نفسه له دور ملموس ومستقبلي في مسائل متداخلة تخدم قضايا الأمن والاستقرار وخلق التواصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، بما يجعل من السلطنة ملتقى للتعايش الإقليمي والدولي، لاسيما أن تاريخ عُمان في هذا المجال البحري يشهد لها منذ القدم، والكل يعرف ذلك ويدرك أن ثمة تاريخ بحري عظيم لها في هذا الباب حقق التواصل الحضاري والإخاء ورسم ثقافة التسامح والتعامل مع مختلف الشعوب عبر التجارة وتبادل المنافع الاقتصادية.

ومعلوم أنه في عالم اليوم تشكل المسائل الاقتصادية واحدة من مسارات أو مداخل السياسة الخارجية الأمر الذي يجب أن يوضع في الاعتبار، ويضاف لذلك كلية مناظير المعرفة والرؤى في الوضع العالمي الراهن من حيث اتجاه العلوم والمعارف الإنسانية إلى تشكيل وحدة في النظر لمجمل القضايا وصبها في قالب واحد هدفه البعيد المعاني الإنسانية المشتركة.