الملف السياسي

حرائق غابات الأمازون وانعكاسها السياسي والمناخي

02 سبتمبر 2019
02 سبتمبر 2019

عوض بن سعيد باقوير  -

صحفي ومحلل سياسي -

الأمم المتحدة عليها دور كبير ويدخل في اختصاصها الأصيل في مجال حماية البيئة والإنسان وحرائق غابات الامازون تعد اختبارا للإدارة الدولية لأن الحدث يتعدى البرازيل ودول حوض الامازون لأن التأثير المباشر وغير المباشر سوف يضر بالإنسانية حيث إن تلك الغابات الكثيفة بما تحويه من أشجار نادرة ومعمرة ومن ازهار وغطاء نباتي كثيف وانهار وحيوانات فريدة لها دور حيوي في حفظ التوازن البيئي والمناخي وأيضا الحفاظ على الحيوانات التي تشكل جزءا مهما من التوازن في حوض الامازون.

شهدت غابات الامازون في البرازيل حرائق غير مسبوقة تهدد المناخ والبيئة في العالم وتؤثر على صحة البشرية في العالم وانعكست آثارها على المشهد السياسي والمناخي في العالم خاصة اجتماعات السبعة الكبار مؤخرا في فرنسا وسط اتهامات متبادلة حول عدم قدرة البرازيل على إخماد تلك الحرائق الهائلة ورفض البرازيل لتلك الاتهامات من فرنسا تحديدا وهو الأمر الذي أدى الى رفض الرئيس البرازيلي لأي مساعدات تخص إطفاء حرائق الامازون.

وتأتي خطورة تلك الحرائق من عدة منطلقات كونها تغطي مساحات تتجاوز دول في عدد من القارات ثانيا تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة فلها علاقة بمصدر الأوكسيجين الذي يتنفسه اكثر من 6 مليارات إنسان في العالم وأخيرا هناك صعوبة كبيرة لاحتواء تلك الحرائق في فترة زمنية محددة مما يعطي آثارا مدمرة للقطاع النباتي وتصاعد ثاني اوكسيد الكربون الضار بالصحة العامة.

غابات الامازون

يقع الجزء الأكبر من غابات الامازون في قارة أمريكا الجنوبية وتحديدا في البرازيل وتغطي 550 الف هكتار وعلاوة على البرازيل هناك أيضا غينيا وفنزويلا والإكوادور وتقدر المساحة الكلية بستة ملايين و900 الف كيلومتر مربع مما يجعلها اكبر من مساحة الولايات المتحدة الأمريكية وحوض الامازون يضم اكبر غابة استوائية مطيرة في العالم وعلاوة على الدول التي تمت الإشارة لها والتي تشترك مع البرازيل في حوض الامازون هناك أيضا بوليفيا والبيرو وغيانا وسورينام حيث تتكون تلك الغابات من إعداد هائلة من الأشجار والأنهار والحيوانات البرية التي لا توجد في مكان آخر ونظم إيكولوجية متنوعة وفريدة بين السافانا الطبيعية والمستنقعات ومن هنا تكمن أهمية تلك الغابات في حفظ التوازن البيئي في العالم والسكان هناك من أعراق وحضارات مختلفة ويتحدثون اكثر من 170 لغة مختلفة خاصه بقبائل الامازون الأصليين وهناك ممارسات سلبية تتقلص من خلالها المساحة الكلية لحوض الامازون بفعل الزحف العمراني للسكان والصناعات وعلى ضوء هذا التنوع الإحيائي جاءت تلك الحرائق لتشكل اهتماما غير مسبوق من قيادات العالم ومن الإعلام الدولي.

وهناك جهود كبيرة تقوم بها السلطات البرازيلية وبعض المنظمات الدولية المختصة وهناك انحسار نسبي لتلك الحرائق ولكن هناك تأثيرات بيئية كبيرة وعلى ضوء تلك التأثيرات تعالت الأصوات من داخل القمة في فرنسا حول اشتعال الغابات والآليات التي تم استخدامها لإنهاء تلك الظاهرة الخطيرة على المناخ والصحة العامة كما انتقدت البرازيل تلك الاتهامات الفرنسية وكان اطرف تعليق من الرئيس الأمريكي ترامب حول افضل السبل لإنهاء تلك الحرائق من خلال إلقاء القنابل النووية للقضاء على تلك الحرائق وهو اقتراح قوبل بالسخرية وعدم التصديق من الصحافة الأمريكية ومن قيادات العالم.

البرازيل والوضع الاقتصادي

يجمع المراقبون والمختصون بشؤون الحرائق بان البرازيل قامت بجهود كبيرة من خلال نزول وحدات من الجيش وكل إمكانات البرازيل ولكن الحدث كبير وقد يكون له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد البرازيلي ومن هنا فان الانتقادات الفرنسية كان لها رد فعل سلبي من السلطات البرازيلية وكان هناك رد فعل قوي من الرئيس البرازيلي حيث رفض المساعدات من الدول الكبرى خاصة فرنسا والولايات المتحدة ومن هنا فان دول الجوار في أمريكا اللاتينية واليابان وغيرها من الدول تستطيع أن تلعب دورا في إنهاء تلك الحرائق الضخمة والتي التهمت الكثير من الأشجار والتي لها تأثيرات على التوازن البيئي والإحيائي والتوازن في مجال المناخ حول العالم ومن هنا وعلى ضوء حرائق الامازون تبرز أهمية اتفاقية باريس للمناخ والتي انسحبت منها إدارة الرئيس الأمريكي ترامب حيث إن حدوث الحرائق وتأثيرها الكبير على المناخ تستدعي تعاونا دوليا عوضا عن الانتقادات وبالتالي تسجل اتفاقية المناخ فشلا كبيرا في أول اختبار كبير وحدث يهدد البيئة العالمية والاحتباس الحراري والتوازن الأحيائي في العالم.

كما أن التراشق الكلامي وإقحام السياسة في مسألة مناخية تهدد الصحة في العالم لم يكن نهجا موضوعيا خاصة من المجتمعين في فرنسا خاصة فرنسا والولايات المتحدة وكان من المفروض مناقشة تفعيل اتفاقية باريس للمناخ للمساعدة على إنهاء الحرائق في الأمازون حيث إن تلك الحرائق ليس لها علاقة بالاتجاهات السياسية التي يتم إقحامها في قضايا إنسانية وظواهر مناخية للأسف.

إن البرازيل التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة وكذلك دول الجوار في أمريكا اللاتينية كفنزويلا تحتاج إلى دعم ومساعدة دولية في إطفاء الحرائق لأن مصلحة العالم وليس البرازيل تستدعي هذا الجهد الجماعي الدولي.

وإقحام السياسة في موضوع حرائق غابات الأمازون ليس منطقيا ولا يتصف بأي مسؤولية أخلاقية فالقضاء على التوازن البيئي سوف يضر صحة البشر على مستوى كوكب الأرض وليس أمريكا الجنوبية وهو الأمر الخطير من وراء تأثيرات الحرائق المندلعة ولا يمكن للاتهامات أن يكون لها مكان وسط حرائق تلتهم عشرات الآلاف من الهكتارات.

إن الخسائر سوف تكون فادحة للمناخ والبيئة في العالم اذا لم يتحرك العالم بكل إمكاناته لتطويق تلك الحرائق والقضاء على الحرائق المشتعلة كما أن الجيش البرازيلي يقوم بجهود كبيرة ولكن تلك الجهود تحتاج إلى مساندة في ظل حدوث اكبر كارثة بيئية في العالم.

الأمم المتحدة ودورها

الأمم المتحدة ودورها في حفظ السلم والأمن الدوليين تقلص كثيرا في السنوات الأخيرة بدليل أن هناك حروبا مشتعلة والمنظمة الدولية لم تستطع إيجاد آليات لوقفها ومن اخطر تلك الحروب الحرب في سوريا واليمن وليبيا ومن هنا فإن الدور الإنساني يظل ممكنا للأمم المتحدة من خلال أجهزتها المتخصصة ولعل كارثة الحرائق في البرازيل هو هم دولي إنساني ويهم حفظ البيئة وتوازنها للبشرية ومن هنا لابد أن يكون للأمم المتحدة دور بارز في المساعدة على إطفاء تلك الحرائق في حوض الامازون وإبعاد تلك الكارثة عن أي توجهات سياسية.

هناك أجهزة للأمم المتحدة متخصصة في الإغاثة وإطفاء الحرائق، كما أن الدول الأخرى لابد أن يكون لها دور فاعل لمواجهة حرائق الأمازون ومحاصرتها للتقليل من آثارها ومنع انتشارها إلى أجزاء ومساحات اكبر من الغابات التي تعد جزءا أصيلا من التنوع الإحيائي والتوازن المناخي في العالم.

الأمم المتحدة عليها دور كبير ويدخل في اختصاصها الأصيل في مجال حماية البيئة والإنسان وحرائق غابات الامازون تعد اختبارا للإدارة الدولية لأن الحدث يتعدى البرازيل ودول حوض الامازون لأن التأثير المباشر وغير المباشر سوف يضر بالإنسانية حيث إن تلك الغابات الكثيفة بما تحويه من أشجار نادرة ومعمرة ومن أزهار وغطاء نباتي كثيف وانهار وحيوانات فريدة لها دور حيوي في حفظ التوازن البيئي والمناخي وأيضا الحفاظ على الحيوانات التي تشكل جزءا مهما من التوازن في حوض الأمازون.

إن حضور السياسة هو عامل سلبي لا يساعد على حل المشكلات بل يعقدها ويدخلها في متاهات تتعلق بمواقف سياسية وحسابات اقتصادية في ظل حروب الإدارة الأمريكية التجارية مع أوروبا والصين وربما في المستقبل دول أمريكا الجنوبية وفي مقدمتها البرازيل كما حدث مع جارتها فنزويلا.

إن على دول أمريكا الجنوبية دورا تضامنيا مع البرازيل في أزمتها الراهنة لأن هناك مصلحة مشتركة لعدد من الدول المجاورة للبرازيل حيث إن التضامن اللاتيني يمكن البناء عليه في أحداث مختلفة تمكن القارة اللاتينية من حل مشاكلها بشكل جماعي يعطي للقارة دورا سياسيا واقتصاديا وانسانيا يكون له ثقل دولي على كافة المستويات وتبقى حرائق غابات البرازيل درسا كبيرا لدول القارة من خلال اقحام السياسة والجدل حول تلك الحرائق ومن هنا فان ظاهرة الحرائق سوف تظل درسا كبيرا لمختلف المواقف خاصة خلال قمة السبع الكبار في فرنسا والتراشق الإعلامي بين فرنسا والبرازيل والتصريحات الأمريكية التي انتقدت الأداء البرازيلي ومن خلال اقتراح ترامب للحل النووي لإخماد تلك الحرائق الكبيرة وهو الاقتراح المثير للاستغراب وحتى السخرية.