1288576
1288576
عمان اليوم

محافظة مسندم عروس السياحة البحرية في منطقة الخليج العربي

14 أغسطس 2019
14 أغسطس 2019

بشواطئها الرملية الذهبية النقية -

بخاء - أحمد بن خليفة الشحي -

يمثل فصل الصيف وقت الفراغ والإجازات لجميع الفئات العمرية من الطلبة والطالبات أو الموظفين وخاصة أولئك الذين يربطون إجازاتهم مع الإجازات الرسمية لأبنائهم من الطلبة والطالبات لتبدأ مع بداية هذه الإجازة وخاصة الصيفية باعتبارها الأطول رحلة البحث عن أماكن لزيارتها وقضاء وقت الراحة والاستجمام فيها فنجد استنفارا بين الأسر كل حسب استطاعته للبحث عن متنفسات عائلية داخلية وخارجية لقضاء وقت الفراغ والترفيه عن الأبناء - وتعد الشواطئ في محافظة مسندم الرملية والصخرية والرحلات البحرية ورحلات الصيد العائلية من أكثر المواقع والأنشطة جذبا للأسر والشباب المصطافين سواء من أبناء المحافظة أو من خارجها من الدول العربية والأجنبية حيث أصبحت هذه الشواطئ بالرغم من درجات الحرارة المرتفعة نوعا ما مقارنة ببقية فصول السنة إلا أنها بالفعل القطب الجاذب لجميع الفئات العمرية والنوعية من مختلف الجنسيات والتي لم تقتصر فقط على فصول السنة الباردة والمعتدلة. في التقرير التالي نطوف شواطئ مسندم لإبراز مميزاتها وسر جاذبيتها السياحية طوال العام:

التكوين الجيولوجي

ينتشر على طول سواحل السلطنة نوعان من الشواطئ منها الصخرية وأخرى الرملية ولكل منها مميزاتها ومقوماتها الجاذبة للسياح بل والجاذبة لطالبي الرزق باعتبارها موردا من موارد الثروات الطبيعية التي بات الطلب عليها يتنامى عاما بعد آخر، وما يميز محافظة مسندم بالتحديد توالي الشواطئ الصخرية والرملية على مختلف ولاياتها فالشواطئ الصخرية باتت شاهدا على الجبال والأودية الغارقة التي صاحبت هبوط المنطقة الجبلية المتصلة بجبال زاجروس منذ آلاف السنين مما تسبب في تكوين جيولوجي هو الأندر في المنطقة العربية وهي الأخوار المتعددة التي تمثل أودية غارقة تتميز بالعديد من المقومات السياحية الجاذبة من وجود الحوائط الجبلية الشاهقة حول هذه الأخوار إضافة إلى صفاء ونقاء مياهها ووجود أسراب من الدلافين التي تسبح جيئة وذهابا فيها بمثابة المرحب بكل الزائرين والمرافقة للسفن السياحية التي تجوب هذه الأخوار والتي أصبحت بحد ذاتها مقوم جذب سياحي يحرص الجميع على مشاهدته أثناء جولات السفن السياحية في هذه الخوار.

ومما يميز هذه الشواطئ كونها صخرية هو نشاط عمليات النحت والتعرية التي تعمل على صخورها لتنتج لوحات فنية ومنحوتات صخرية طبيعية بأشكال وأنواع متعددة تجذب السياح لمشاهدة منحوتات متعددة ومتنوعة كما تجذب في الوقت نفسه طلبة العلم من المدارس والجامعات للتعرف على طبيعة هذه الصخور وتكوينها الجيولوجي وطبيعة العوامل التي شكلتها وبالتالي أسفر ذلك عن جولات سياحية خارجية وداخلية تجوب هذه الأخوار في رحلات مؤقتة أحيانا تستغرق يوما أو بعض يوم وأخرى ترسو في هذه الأخوار فترة من الزمن تتجاوز اليومين والثلاثة بغية الاستجمام والاستمتاع بكافة المناظر والأخوار دون تفويت أي مقوم من مقوماتها الطبيعية.

أما القسم الآخر من الشواطئ فتتمثل في تلك الشطآن الرملية الذهبية التي تتميز بخلوها من التربة الطينية التي تشكل إزعاجا أحيانا لمرتادي هذه الشواطئ فكانت رمالها ذهبية نقية خالية من الملوثات والفضلات وذلك بجهود الحكومة التي تدرك تماما أهمية الحفاظ على هذه الشواطئ كما هي، ووعي السكان المحليين والسياح بضرورة الحفاظ على نقاء ونظافة المكان حيث تشغل هذه الشواطئ الرملية مساحات على امتدادات مختلفة بعضها يتجاوز عدة كيلومترات ويمثل بعضها الآخر جيوبا ساحلية ضيقة تأتي حبيسة بين رؤوس صخرية ومع ذلك لا تكاد تخلو يوما من مرتاد لها للاستمتاع أو الصيد، والغالب على هذه الشواطئ الرملية تكونها بطريقتي الإرساب البحري والإرساب الريحي حيث تحمل الأمواج ما فتته من رواسب من الصخور لتلقي بحمولتها بمساعدة وتكاتف مع الرياح التي تأتي محملة هي الأخرى بكميات كبيرة من الرمال الناتجة عن النحت والبري من الأسطح المختلفة لترسبها على طول هذه الشواطئ التي أصبحت بجمال مناظرها متنفسا للعائلات والمصطافين والسياح طوال العام ناهيك عن الحدائق والخدمات والمرافق المختلفة التي باتت تتمتع بها هذه الشواطئ والتي أصبحت تشجع على ارتيادها وقضاء يوم كامل أو التخييم لعدة أيام نظرا لتوفر مختلف الخدمات والمرافق الأساسية فيها.

جذب رياضي

لا تستقطب الشواطئ اليوم السياح والمصطافين فقط بل أصبحت عنصر جذب من نوع آخر فهي تستقطب إليها كذلك مجموعة من الفعاليات والأنشطة المتنوعة حيث تشهد ممارسة الرياضة بكثرة والتي أصبحت في هذه السنوات في ازدياد وتنامي وذلك لاستواء المناطق الرملية ونظافتها وخلوها من المعوقات كوجود الصخور والحجارة فيما بين رمالها فأصبحت مناسبة لرياضة المشي والجري إلى جانب ممارسة كرة القدم الشاطئية وكرة الطائرة ومع توفير بعض الأجهزة والأدوات الرياضية الثابتة على طول هذه الشواطئ الرملية أصبحت بمثابة النادي الرياضي المفتوح على البحر وكذلك رياضة التجديف ناهيك عما يمثله هواء البحر النقي من فوائد صحية.

وإلى جانب ممارسة الرياضة التي باتت لا تنقطع عن هذه الشواطئ تعمل بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية أو الأهلية والخاصة على إقامة برامجها وفعالياتها على هذه الشواطئ المفتوحة كإقامة المسابقات المحلية والدولية والماراثونات والمخيمات الكشفية والإرشادية والمخيمات السياحية إلى جانب معارض التصوير وكذلك الأنشطة والفعاليات المتعلقة ببعض البرامج التنموية الهادفة إلى خدمة أفراد المجتمع كون هذه الشواطئ الرملية أكثر جذبا بالنسبة للمستهدفين من هذه الفعاليات والأنشطة والبرامج ولا يقتصر الجذب على الشواطئ الرملية فقط بل تمثل الشواطئ الصخرية كذلك عنصر جذب رياضي لمحبي رياضة الغوص والقفز من الأماكن المرتفعة إلى جانب ممارسة الرياضات البدنية الفردية على الهضاب الصخرية المطلة على البحر مباشرة والمشرفة على غروب الشمس ليستمتع الرياضي بممارسة الرياضة مع مناظر طبيعية خلابة.

مصدر رزق

وتعد الشواطئ بما تتميز به من مكونات طبيعية كالأصداف والمحار والصخور الصغيرة التي صقلتها عمليات النحت والإرساب ما بين جر وسحب أدوات مهمة لبعض الصناعات اليدوية للعديد من المهتمين بالحرف اليدوية التي باتت تستخدم هذه المكونات في مختلف المشغولات اليدوية كالتحف والهدايا وتطوير المشغولات اليدوية القديمة مما مثل عنصر جذب من نوع آخر للمستهلكين سواء من السكان المحليين أو السياح الذين باتوا يحرصون على اقتناء مثل هذه المشغولات ذات الجذب في مظهرها والغرابة في شكلها واستخدام الأدوات الطبيعية ومن البيئة في إنتاجها وبالتالي فقد أصبحت هذه السواحل بالفعل مورد رزق لا يقتصر على المنتجات والمشغولات اليدوية بل يتعداه إلى مهنة هي أم المهن لسكان المحافظة نظرا لكون التركيب الجبلي والتضاريس الجيولوجية الصعبة للمحافظة حدت من انتشار حرفة الزراعة على نطاق واسع فأقبل سكانها منذ آلاف السنين إلى البحر كمورد رزق رئيسي سواء بطريقة مباشرة من خلال الصيد الحرفي الذي يمارسه السكان بغية تلبية الاحتياجات الضرورية للأسرة من الغذاء أو الصيد التجاري الذي يتعداه لتصدير الفائض إلى الدول الشقيقة المجاورة إلى جانب استخراج اللؤلؤ الذي ظل فترة طويلة هو بمثابة النفط الأبيض لسكان المحافظة والخليج بصفة عامة قبل أن يندثر مع ظهور النفط وظهور اللؤلؤ الصناعي الذي أصبح منافسا وبقوة.

بالرغم من اعتبار حرفة الصيد من الحرف الشاقة والمتعبة خاصة في هذا الفصل من السنة إلا أن الإقبال عليها يتزايد باعتبارها أصبحت مصدر دخل مجدٍ وكبير خاصة لأولئك الباحثين عن عمل إلى جانب استمرارها في الأجيال على طول مئات السنين في الأسر المشهورة بالصيد التي تحرص على بقاء الحرفة في أبنائها متوارثة طول الزمن ولذلك نرى مع بداية الإجازة الصيفية ازدهار موسم الصيد وازدحام الموانئ بالصيادين والشباب الطامحين إلى جانب الناشئة الذين يحرصون على مرافقة أقاربهم من الصيادين في رحلاتهم وذلك لتعلم مهارات الصيد باستخدام الأدوات التقليدية أو الحديثة إلى جانب الخروج في هذه الرحلات التعليمية لما يصاحبها من ترفيه وتسلية وقضاء وقت ممتع لأوقات الفراغ خاصة لطلبة المدارس الذين ينتظرون الإجازة بكل شوق للخروج مع ذويهم من الصيادين في رحلات الصيد للاستمتاع والتسلية وتعلم حرفة باتت من الحرف المهمة وذات مصدر الدخل المرتفع للبعض.

مسؤولية وطنية

إن الحفاظ على هذه الثروة والمورد الطبيعي مسؤولية وطنية لا تقتصر على فئة دون أخرى ولا على جهة دون الثانية بل هي مسؤولية الجميع سواء سكان الساحل أوسكان الداخل وسواء كانت جهات حكومية مسؤولة عن هذا المورد الوطني مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة حيث يجب أن تتضافر جهود الجميع مع ما تبذله الحكومة من أجل الحفاظ على هذه الشواطئ من أقصى شمال السلطنة إلى أقصى الجنوب سواء كانت رملية أم صخرية كمورد مستدام لا يقتصر فقط على البحار باستخراج ثرواتها بل بالحفاظ على ظهيرها الاقتصادي المتمثل في الشواطئ الرملية والصخرية والتي لا يمكن الإفادة من أيها بدون الآخر وهنا كانت مسؤولية نشر الوعي بالحفاظ عليها وعلى مكوناتها الطبيعية والبشرية المتمثلة في المرافق الحيوية من خلال الاستمتاع بها ولكن دون تغيير ودون ضرر قد لا يدرك الإنسان عواقبه على المدى القريب.