1290031
1290031
المنوعات

هل تحتاج لإجازة؟ أهمية نيل قسط من الراحة من العمل

10 أغسطس 2019
10 أغسطس 2019

فرانكفورت «د.ب.أ»: الصيف، يعني الإجازات. وعلى الرغم من أن معظم الناس يهتمون في الغالب بمشاكل مثل الوجهة المثالية أو إذا كانوا يفضلون البحث عن المطاعم لتناول الطعام بدلا من اختيار الإقامة الكاملة، يمكن أن يساعد العام أيضا في إعداد وقت الفراغ لتوفير أكبر قدر ممكن من الاسترخاء. على سبيل المثال، يقدم علم النفس وعلم المخ والأعصاب العديد من الاستنتاجات حول ما هو أفضل إعدادا لقضاء إجازة أو مدتها المثالية أو الإعداد المناسب لها، فضلا عن العودة السلسة لحياة العمل اليومية.

عندما تظهر من نافذة المكتب سماء داكنة الزرقة وشمس مشرقة، فقد يشعر الكثير من الناس أنهم مستعدون لقضاء عطلة. وهذا الشعور يمكن أن يكشف في كثير من الأحيان أكثر بكثير مما يبدو.

«من وجهة نظر علمية، يمكن للمرء أن يتحدث عن شعور بمزيد من الإنهاك»، يوضح يوهانز ويندشي من المعهد الفيدرالي الألماني للسلامة والصحة المهنية. كما يضيف «يمكن تبين هذا الإرهاق، على سبيل المثال، في انخفاض الحافز، حيث يحتاج الإنسان إلى مزيد من الوقت لنفسه بعد العمل. كما ينعكس أيضا في المشاكل التي تنشأ في الحياة الاجتماعية، وكذلك في التقلبات المستمرة في الأداء المهني».

يؤكد ويندشي أن هذا النوع من التعب يلاحظ غالبا بشكل متأخرا. يقول: «إنها آخر علامة تحذير تظهر على الجسم». وما لم يتوقف الإنسان لاستعادة حيويته، فسوف تتراكم على جسده أعراض التعب، وهو مرض غير بسيط، تترتب عليه عواقب صحية وخيمة. كما أظهرت دراسة طويلة الأجل أجرتها جامعة هلسنكي في عام 2018 أن هناك ارتباطا وثيقا بين تراجع معدل الإجازات وارتفاع معدل الوفيات. يشير نيكولاي إيجولد، أستاذ علم النفس الاجتماعي والصناعي بجامعة فريزينيوس بفرانكفورت، إلى أن الجسم يجب أن يستعيد نشاطه من الناحية الفسيولوجية بعد مراحل الإجهاد من أجل الحد من هرمونات التوتر.

ويحذر إيجولد «ومع ذلك، فإن الناس يتعرضون لضغوط مستمرة في الوقت الحالي، وهذا ينعكس بشكل واضح، من بين أمور أخرى، على زيادة معدلات الإصابة بالأمراض العصبية مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق». من ناحية أخرى، فقد وصفت العديد من الدراسات بالفعل الآثار الإيجابية للإجازات والتي يبرز من بينها أن «الناس يصبحون أكثر نشاطا، وأكثر إبداعا، وأكثر كفاءة، وأقل انقطاعا عن العمل بعد قضاء إجازاتهم».

يؤكد أستاذ المخ والأعصاب والكاتب النمساوي بيرند هو فناجل على أنه لا ينبغي اعتبار الإجازات مجرد انقطاع في العمل. ويتعاون هو فناجل منذ عام 2004، مع فريق عمل يستخدم رسم القلب للتحقق من قدرة الموظفين على الاسترخاء. للقيام بذلك، يُطلب من المتطوعين الجلوس في غرفة والتطلع عبر النافذة لمدة خمس دقائق. يوضح هوفناجل «في عام 2004، وحتى قبل كل هذا الانتشار الرهيب للهواتف الذكية، أظهر 30 في المائة فقط من المشاركين علامات على الاسترخاء. أما في عام 2018، فقد انخفضت النسبة بشكل ملحوظ وكان بالكاد خمسة في المائة هم الذين حصلوا على الاسترخاء». ويقول «لم يعد بوسعنا البقاء مسترخيين بدون أن نفعل أي شيء».

ولكن كم عدد الإجازات التي تعتبر ضرورية حقا للتعويض عن التوتر الموصوف؟ تعتبر هذه المسألة نقطة اختلف حولها العلم. «على ما يبدو، فإن جرعة الإجازات المناسبة لكي يحدث التأثير المرجو لم يتم حسمها أو التوافق بشأنها بعد»، كما أوضح عالم النفس المهني وندشي.

ومع ذلك، بالنظر إلى أن تأثير النقاهة والتعافي من الإجهاد بعد رحلة ما يضيع بعد أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، هناك دلائل تشير إلى أن الإجازات الأقصر أكثر فائدة من الإجازات السنوية الطويلة.

يؤخذ في الاعتبار أيضا التوقيت المناسب للقيام بالإجازات، فهذا العنصر في غاية الأهمية أيضا. «كلما زاد عبء العمل قبل اليوم الأول من الإجازة، انخفضت نسبة التعافي واستعادة الحيوية»، بحسب ما يقول ويندشي، الذي يوصي بالقيام بمهام بسيطة يمكن الانتهاء منها قبل العطلة بوقت كاف والحصول على قسط كاف من النوم. كما ينصح ويندشي لتقليل عوامل التوتر والحد من الضغوطات، بإعداد موسم الإجازات جيدا، على سبيل المثال، عن طريق حجز تذاكر السفر مسبقا.

من جانبه يشدد انجولد على أهمية قطع الاتصال عن العمل خلال الإجازات وألا يكون الموظف متاحا للعمل عن طريق الهاتف، على سبيل المثال. كما ينصح بعدم متابعة رسائل البريد الإلكتروني، ولكن في حالة حدوث ذلك، أن يكون هذا في الوقت المناسب، أي في لحظات محددة بوضوح ولمدة قصيرة للغاية ولا تكلف الكثير من الجهد، بحيث يمكن ضبط تأثير التعافي والنقاهة من تلقاء ذاته.

وفقا للنموذج المسمى «Dramma»، يعتمد استرداد العافية والحيوية بشكل فعال على ستة مقومات: ومن أبرزها والذي لا غنى عنه الانفصال التام والحرص على استعادة الحيوية، لأنه من الأهمية بمكان شعور الإنسان بالاستقلال الذاتي أيضا. هناك عوامل أخرى، من بينها التحدي (السيطرة)، على سبيل المثال، تجربة رياضة جديدة، والاستفادة منها، والشعور بالقيام بشيء ذي معنى في الإجازات . أخيرا وليس آخرا، من المفيد أن تتشارك في فعل شئ ما مع الأشخاص الذين تحبهم، لأن هذا يزيد من الشعور بالترابط. يشير أستاذ المخ والأعصاب هو فناجل إلى أن «نشاط العصب المبهم يزداد خلال الإجازات : كلما كان هذا العصب القحفي أكثر نشاطا، كلما كنت أكثر استرخاء، لكن من أجل ذلك عليك التركيز على عدم وجود العمل في رأسك». ولهذا ينصح بأن يولي المرء اهتماما خاصا بالتفاصيل خلال الإجازات . «كيف تتحرك الأمواج في البحر؟ كيف تشبه رائحة الطعام؟ من المهم إدراك تلك المعلومات بوعي، لأن الناس يصبحون سطحيين بشكل متزايد في الحياة اليومية بسبب العديد من الأشياء التي يتعين عليهم القيام بها». وما الذي يمكن عمله لجعل تأثير استعادة الحيوية والنشاط للإجازة يدوم أطول فترة ممكنة؟ يقول ويندشي: «أولئك الذين يفكرون في ذكريات إجازتهم يستفيدون لفترة أطول من هذا الشعور المرفه بالاستمتاع بالحياة اللذيذة».

كما ينصح هوفناجل أيضا بالقيام بإجازات قصيرة في الحياة اليومية: «قم بالتخطيط مثلا لإجازة صغيرة كل يوم، فكر في شيء لا علاقة له بالعمل». ويوضح أن هذا الخمول الواعي يولد أيضا قدرات جديدة. يقول أخصائي المخ والأعصاب، الذي يتحدث عن «شبكات الأحلام» في هذا السياق: «توجد في الدماغ شبكات يتم تفعيلها فقط عندما لا نفكر بطريقة انتقائية. قد يواجه الكثير من الناس صعوبة في أن يحلموا مستيقظين، ولكن من وجهة نظر الطب، تعتبر هذه الاستراحات ضرورية للغاية».