أفكار وآراء

الأرقام والمؤشرات شاهدة على تحقيق الوعد

27 يوليو 2019
27 يوليو 2019

سالم بن سيف العبدلي / كاتب ومحلل اقتصادي -

[email protected] -

عندما يأتي 23 يوليو من كل عام فإننا نتذكر ذلك اليوم الذي بزغ فيه نور النهضة المباركة قبل 49 عاما حيث أشرقت شمس الضحى معلنة بداية جديدة وحقبة عظيمة في التاريخ العماني التليد، إن هذا اليوم هو يوم فاصل وسيظل راسخا في أذهان كل العمانيين بل سيسطره التاريخ بأحرف من نور كيف لا وفيه بدأت نهضة جبارة عظيمة أوقدت الهمم بالعزيمة والإصرار وكان ربانها بطل عظيم وهب حياته كلها من أجل البناء والتقدم والعطاء.

لقد كانت أول عباراته وفي أول بيان وجهه إلى الشعب فيه شي من التحدي والإصرار رغم صعوبة الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ذلك الوقت إلا أن الرجل قبل التحدي، ولا زلنا نتذكر قول جلالته في أول بيان وجهه للمواطنين بعد توليه مقاليد الحكم في 23 من يوليو من عام 1970م مباشرة حيث قال: (أيها الشعب سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل) عبارة تبعث الأمل وتبث الطمأنينة في النفوس، وتزرع بذرة المستقبل المشرق وها هي الأيام تمر والسنون تنقضي ويتحقق الوعد والأرقام والحقائق خير شاهد على ذلك.

حسب المؤشرات والبيانات الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فإن السلطنة تعتبر الأولى عالميا في الخلو من وقوع الإرهاب حسب تقرير المنافسة العالمي لعام 2018 م وهذا بلا شك يعتبر مفخرة لكل العمانيين وهو نتيجة للسياسة الحكيمة والرؤية الثاقبة لجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- والذي استطاع أن ينأى بالسلطنة وشعبها عن الدخول في المهاترات والحروب التي لا طائل من ورائها غير الخراب والدمار.

وصل معدل نمو الناتج المحلي خلال الفترة من 1980-2018 م إلى (1.3%) وهذا يعكس السياسة الاقتصادية المتوازنة للسلطنة، كما بلغ معدل النمو في متوسط العمر المتوقع عند الولادة 59% أي من 49-78 سنة خلال الفترة من 1970-2017 م، وهذا بسبب تطور الخدمات الصحية خاصة الرعاية الصحية الأولية للأطفال والتي حققت فيها السلطنة المراكز الأولى على مستوى العالم من حيث التطور وتقديم الخدمة.

تضاعف معدل النمو في إجمالي الصادرات غير النفطية للسلطنة خلال الفترة من 1970 إلى 2018 م بنسبة 932% وذلك بسبب برامج التنوع الاقتصادي ونمو القطاعات غير النفطية والتي ساهمت في هذه الزيادة، كما ارتفع معدل النمو في إجمالي أطوال الطرق خلال الفترة من 1970 إلى 2017 م بنسبة 377% حيث أصبحت شبكة الطرق الحديثة الآن تغطي مختلف محافظات وولايات السلطنة.

وصل معدل النمو في في إجمالي عدد الطلبة في المدارس الحكومية خلال العام الدراسي (1970/‏‏1971 – 2018/‏‏2019 م) إلى 67% حيث تضاعف عدد المدارس الحكومية وأصبح التعليم يعم مختلف المناطق في الريف والحضر وفي الصحراء والبادية، كما ارتفع متوسط الدخل الشهري للأسرة العمانية خلال الفترة من 2000-2018 م لتصل إلى 150%، وارتفع معدل النمو في إجمالي إنتاج الكهرباء في السلطنة خلال الفترة من (1985-2019 م) بنسبة 1.4% حيث خطت خدمة الكهرباء معظم مناطق السلطنة.

الحقائق والمؤشرات الماثلة أمامنا تدعونا إلى الفخر الاعتزاز بما تحقق على أرض الواقع وأن الحلم أصبح حقيقة، وأن هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا توفيق من الله وهمة وعزيمة باني النهضة وتعاون وتكاتف أبنائه المخلصين الذين لبوا النداء وشمروا عن سواعد الجد من أجل عمان، لذا علينا جميعا المحافظة على هذه المكتسبات للأجيال الحالية والمستقبلية.

هذه المؤشرات والحقائق والأرقام تدعونا إلى التفاؤل وإلى الاستمرار في مسيرة العطاء وإلى بذل المزيد من الجهد من أجل استمرار البناء، خاصة وأن المرحلة القادمة فيها تحديات كبيرة وكثيرة تحتاج منا جميعا إلى تضحيات والى عمل دؤوب ومن أهم هذه التحديات هو إيجاد فرص عمل للشباب الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم والذين يبحثون عن الاستقرار الوظيفي وبالتالي الاستقرار المعيشي لهم ولأسرهم فبعضهم ينتظر منذ سنوات عديدة.

كما أن المرحلة القادمة تحتاج إلى قيادات متعلمة وواعية تستطيع أن تواكب التغيرات المستقبلية لذا لابد من ضخ دماء جديدة في الاقتصاد الوطني وإعطاء فرصة لهذه القيادات في اتخاذ القرار كما ينبغي إعادة هيكلة العديد من المؤسسات العامة والخاصة لتستطيع التكيف مع مقتضيات العصر ولابد من إعطاء أهمية كبيرة لمكافحة الفساد والضرب بالحديد على كل من تسول له نفسه المساس بالمال العام.