1272279
1272279
الاقتصادية

اتحاد الغرف العربية يوصي بتحديث المناهج التعليمية لمواكبة الثورة الرقمية الثانية

19 يوليو 2019
19 يوليو 2019

تحذير من تحديات في المستقبل نتيجة للمتغيرات في سوق العمل -

إعداد: رحمة الكلبانية -

أوصت دراسة حديثة لاتحاد الغرف العربية بعنوان: « تحديث المناهج التعليمية لمواكبة متطلبات الثورة الرقمية الثانية» بضرورة البدء بالتحول التدريجي من التعليم التقليدي إلى التعليم الرقمي وتأهيل الطلبة والمعلمين على حد سواء لتبني التغيرات التي ستفرزها الثورة التقنية القادمة، وإلى إنشاء جهاز إداري مستقل للتدريب الإلكتروني للشباب لرسم السياسة العامة للتدريب الرقمي والإلكتروني للمعلمين، ووضع الخطط اللازمة وتقدير الاحتياجات الحالية والمستقبلية.

يأتي ذلك لمواجهة التحديات السلبية التي قد يواجهها الشباب في المستقبل نتيجة للتغيرات التي من المتوقع أن تطرأ على سوق العمل بعد دخول الثورة الرقمية الثانية. حيث توقعت الدراسة أن تنتشر البطالة بشكل أوسع، وأن تتقلص فرص العمل إلى 50% خاصة في الفئات الوسطى والدنيا من الأيدي العاملة، أي أصحاب الوظائف التي لا تحتاج إلى خبرات علمية وتقنية عالية. كما توقعت أن تؤدي الثورة القادمة إلى إضعاف دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في العملية الإنتاجية، وهيمنة الشركات الكبرى.

استثمار الشباب

وأوصت الدراسة بالاستثمار بمشروعات الشباب وتمكينهم من خلال دعوة مؤسسات التمويل العربية المشتركة للتركيز على تمويل مشاريع ريادة الأعمال والابتكار والشباب ومشروعات تمكين المرأة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وإنشاء مراكز تنمية ريادة الأعمال والابتكار، بمشاركة رئيسية من القطاع الخاص العربي، وبما يساهم في الحد من الباحثين عن عمل والفقر.

مستقبل التعليم

وقالت الدراسة :إن التعليم الرقمي سيفرض نفسه على الأنظمة التعليمية التقليدية بحيث ستصبح المدرسة مصدرًا للتعلم وليس مكانًا له، وقد توقع بعض الخبراء العالميين أن تتصف العملية التعليمية مستقبلا باختفاء التقسيم الاصطناعي بين المستويات التعليمية، والتركيز على أساليب تقويم بديلة معتمدة على الأداء الحقيقي للطالب، وأن تحول المدرسة بأكملها إلى بيئة حاضنة للتقنية فيما يسمى بـ«المدرسة المحوسبة».

وأوصت الدراسة بضرورة تزويد المعلمين بمجموعة من المهارات لمواكبة التغيرات التي ستفرضها الثورة من أهمها استخدام وإدارة تكنولوجيا التعليم، فقد أكد ليونارد أدلمان، الخبير التكنولوجي على أن حواسيب المستقبل سوف تكون أسرع بملايين المرات من أجهزة اليوم، وأن مثل هذا التطور السريع يتطلب تأهيل معلمي المستقبل وتفعيل دورهم عبر تزويدهم بمهارات كيفية استخدام تكنولوجيا التعليم، وتوظيف مهاراتهم وكفاءاتهم التعليمية في تشخيص مستويات المتعلمين، وتحديد أولوياتهم وأنماط تعلمهم وتقويم مستويات تحصيلهم وإنجازاتهم لتهيئة بيئة ومواد تعليمية وأنشطة مناسبة لكل متعلم أو مجموعة من المتعلمين.

كما أوصت المعلمين بكسب مهارة التفكير الناقد وتعليمها، حيث تعد من أهم المهارات والمهام الأساسية في العصر الرقمي، وذلك من خلال خلق مناخ جماعي متماسك يسمح فيه بالتعبير عن الرأي والاستكشاف الحر، وإثارة حب الاستطلاع والفضول والاهتمام لدى الطلاب وتشجعيهم على المبادرة، بالإضافة إلى طرح الأسئلة الملائمة ذات المعنى لتعزيز التعلم بالخبرة، حيث يرى بعض الخبراء أن الأسئلة المطروحة وطريقة البحث عن إجابتها تعكس نوعية التعلم بصورة أكبر مما تعكسه الإجابات نفسها، وتشجع الطلبة على طرح الأسئلة ومناقشة المواقف المختلفة، وتجنب تزويد الطلبة بالإجابات عن التساؤلات التي يطرحونها ومساعدتهم على الوصول إلى الاستنتاجات بأنفسهم.

وكان منتدى القطاع الخاص العربي، الذي اختتم أعماله في بيروت هذا العام قد أوصى بضرورة التحول إلى الاقتصاد الرقمي، وترقية التعليم والتدريب، لمواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة عبر التعاون مع القطاع الخاص، لوضع مناهج جديدة تتوافق مع المهارات الجديدة المطلوبة لأسواق العمل. كما تمت دعوة الحكومات العربية لصياغة استراتيجية عربية مشتركة للاقتصاد الرقمي تستند إلى نظام معلومات متكامل بالتزامن مع تحديث البنية التشريعية والقوانين اللازمة مع وضوح السياسات الضريبية المتصلة، وتحسين نوعية وانتشار خدمة الاتصالات وتخفيض أسعارها، ونشر الخدمات العامة الإلكترونية.

تغيرات اقتصادية

وأشارت الدراسة إلى أن الثورة الرقمية الثانية ستفرض تحديات غير مسبوقة على المجتمعات البشرية، حيث ستشترط إعادة هيكلة اقتصادية كاملة تلحق بها بالضرورة هيكلة اجتماعية وسياسية. وقد أشار استطلاع شارك فيه 800 مدير تنفيذي حول انطباعاتهم عن التكنولوجيا الحديثة في المستقبل القريب، ورأى 86% من المشاركين أنه قبل 2025 سيستخدم 10% النظارات الذكية، أي الشاشات المثبتة بالرأس والتي تمكن المستخدم من عرض المعلومات دون استخدام اليدين، والتعامل مع شبكة الأنترنت بالأوامر الصوتية، كما توقعوا أن تربط جميع المدن الكبيرة خدماتها ومرافقها العامة وطرقها بالأنترنت لمساعدتها على الرقابة وتوفير الطاقة وتسهيل حركة النقل.

مميزات الثورة

وعددت الدراسة مجموعة من المميزات التي ستقدمها الثورة الرقمية الثانية منها توفير فرص واسعة للمجتمعات لتحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية عموما عبر تخفيضها لتكاليف الإنتاج، وتأمين خدمات ووسائل النقل والاتصال ذات الكفاءة العالية والسعر الأدنى، كما أنها ستزيد في حجم الفوائد بالنسبة للفرد الواحد، فالشركات سوف تحتاج إلى عدد أقل من الموظفين وحجم صغير من المواد الخام لإنتاج منتجات ذات فوائد كبيرة، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف التخزين والنقل وإعادة إنتاج المنتجات.

كما تشمل تلك المميزات أيضا: دمج التقنيات المادية والرقمية والبيولوجية، وربط التكنولوجيا بشكل أعمق بالمجتمع والأجسام البشرية، وخلق مقاربات جديدة للحوكمة تعتمد على طرق تشفير مبتكرة كسلسلة الكتل، وإندماج أكبر للخيارات الفردية والجماعية للناس، حيث لن يقتصر تطوير التقنيات الحديثة على الباحثين والمصممين بل سيشارك في صنعها كل من المستثمرين والمستهلكين والمواطنين.

دور الحكومات

وكشف تقرير صادر عن الدورة السادسة من القمة العالمية للحكومات بالتعاون مع مجموعة بوسطن الاستشارية، عن 4 سياسات ضرورية لتطوير المهارات اللازمة لمجاراة الثورة الرقمية منها التطوير المهني للمعلمين، إذ يجب على الحكومات أن تستثمر في تطوير مهني عالي الجودة لمساعدة المعلمين على تعلم كيفية تسخير التكنولوجيا بشكل فعّال في محاضراتهم. وتتمثل الخطوة الثانية في التعليم التكنولوجي وصياغة المناهج الدراسية لتعزيز التعليم التكنولوجي وخاصة أنه سوق مجز للغاية مع قيام العديد من الشركات التقليدية بتطوير أدوات رقمية.

وقالت الدراسة إنه يمكن للحكومات أن تضع السياسات لضمان مواءمة المعايير والأهداف التعليمية مع مهارات القرن الحادي عشر، ويمكن للهيئات التنظيمية أن تدعم نشر الأجوات الرقمية إما من خلال وضع المعايير أو تبنيها أو الشراء المباشر.