khaseeb
khaseeb
أعمدة

نـبــض المجتمع : روح المكان

26 يونيو 2019
26 يونيو 2019

خصيب القريني -

لقد كانت لفتة طيبة تلك التي نفذها أحد فرق ولاية صحار باستغلال سوق صحار التاريخي في تنفيذ فعاليات ثقافية واجتماعية في شهر رمضان الماضي، استغلالا حاول من خلاله إبراز أهمية السوق وجماليات تصميمه ودعم وتشجيع الناس على زيارته والتسوق من محلاته ، وهذه في اعتقادي الشخصي فكرة جميلة تحتاج أن نشجعها وندعمها من أجل ان نستغل مختلف مرافقنا السياحية استغلال جميلا ورائعا يتوافق مع التوجهات العالمية في مجال السياحة ، فبهذا الأسلوب نبعث رسالة مفادها أن هذه المواقع التجارية ليست فقط للتزود بالبضائع وإنما تؤدي أيضا دورا ثقافيا وحضاريا لا يقل أهمية عن دورها التجاري، وكلما كانت الأفكار حاضرة كلما كانت النتائج أكثر تميزا وأصبح المكان أكثر حيوية وأكثر تفاعلا.

إن الزائر الى مختلف المواقع السياحية العالمية ليجد أن التوجه الحديث يتمثل في الربط ما بين السياحة والثقافة والتراث في آن واحد ، فلا يمكن الترويج لموقع سياحي دون ربطه بفعاليات ثقافية أو اجتماعية أو تاريخية، فهنا يصبح المكان مجرد جماد دون روح ، وبالتالي يصبح التفاعل معه شبه معدوم ، وهذا ما نلاحظه بوضوح على مختلف مواقعنا السياحية العمانية كالقلاع والحصون التي يغلب عليها عدم تفعيل مكوناتها وعدم وجود فعاليات سياحية وثقافية ضمن أروقتها ، فاستغرب مثلا إقامة أمسية شعرية مثلا في ولاية ما في إحدى القاعات الحديثة ، مع أن الأولى إقامتها في قلعة الولاية أو حصنها وذلك بعد تطويع المكان وتزويده بالأدوات الحضارية الحديثة التي تجمع ما بين الأصالة والمعاصرة دون إخلال بمفردات الماضي، وقس الأمر على مختلف المناشط سواء الوطنية أو الاجتماعية أو الثقافية ، فاصبح همنا فقط هو ترميم تلك القلاع والحصون ثم نتركها كما كانت دون أي حراك من أي نوع ، وكاننا نقول لها أنها جزء من الماضي ويجب ان تظل كذلك دون أن تدخل حيز الحاضر الذي نعيشه ، وفي هذا إجحاف ليس بعده إجحاف بحق موروثاتنا المادية، فيجب ان نعطي للمكان روحه التي يستحقها.

ولا يقف الأمر عند استغلال القلاع والحصون فقط فكل ما نملكه من إرث حضاري يجب أن يستغل وفق الظروف والإمكانيات المناسبة له ، حتى مواقع الشواء التي يعتبرها البعض ليست ذات قيمة ، هي في الواقع إرث حضاري وتاريخي ، فكثير من القرى والتجمعات لها موقع شواء موحد ، تمارس خلال وضع المشوي العديد من الفعاليات ، وهو ملتقى اجتماعي يعبر عن خصال حميدة في الشخصية العمانية ليس أقلها التعاون والتلاحم الإنساني ، وهذه دعوة لتسجيله ضمن قائمة التراث العالمي والاهتمام به وإعطائه أهمية حضارية تناسب دوره الاجتماعي والثقافي.

إن قدرتنا على توظيف أي موقع سياحي وإعطائه أهميته في الحاضر وربطه بالماضي لهو التوجه العالمي الحديث في مجال السياحة ، توجه يجب أن نعي أدواته ونعي أهدافه وان نكون السباقين في توظيفه لأنه سيخدم أهدافنا السياحية ويعمل على جذب المزيد من الأفواج السياحية سواء بعمل مهرجانات سنوية تنطلق من عاداتنا وتقاليدنا الموروثة واستغلالنا لمكونات تلك الموروثات المادية الاستغلال الأمثل.