1230426
1230426
العرب والعالم

«قوى الحرية والتغيير» تعلن الإضراب العام لمدة يومين في أرجاء السودان

28 مايو 2019
28 مايو 2019

للضغط على المجلس العسكري -

الخرطوم - القاهرة - (أ ف ب - د ب أ): شهد السودان أمس إضرابا عاما يستمر يومين، بناء على دعوة قادة حركة الاحتجاج بهدف زيادة الضغط على المجلس العسكري الحاكم لنقل السلطة إلى المدنيين يشارك فيه آلاف المواطنين.

وعلق مئات الركاب في مطار الخرطوم الدولي وكذلك في محطة الحافلات الرئيسية في العاصمة إثر انضمام العديد من الموظفين الى الإضراب. كما توقف موظفون في مكاتب حكومية وفي شركات خاصة عن العمل.

وتعثرت المحادثات بين تحالف «إعلان قوى الحرية والتغيير» الذي يمثّل المحتجّين وضبّاط الجيش الذين تولوا السلطة عقب الإطاحة بعمر البشير في أبريل الماضي، بعد اختلافهما حول توزيع المناصب بين العسكريين والمدنيين، وحول من يرأس مجلس السيادة الذي سيتولى حكم البلاد في المرحلة الانتقالية التي حددت بثلاث سنوات. وكان تم الاتفاق على أن يعين مجلس السيادة حكومة مدنية انتقالية، ستعدّ بدورها السودان لأول انتخابات في مرحلة ما بعد البشير.

وفي محاولة للضغط على المجلس العسكري الحاكم، دعا «إعلان قوى الحرية والتغيير» لإضراب عام يستمر يومين وبدأ أمس.

وفي مطار الخرطوم هتف عشرات الموظفين «حكم مدني حكم مدني»، على ما أفاد صحفي في وكالة فرانس برس في المكان. وحمل موظفون آخرون لافتات أو وضعوا شارات كتب عليها «أنا مضرب».

وعلّقت شركات الطيران السودانية «بدر» و«تاركو» و«نوفا» رحلاتها أمس، لكن بعض الرحلات الدولية ظلت على قوائم الوصول والمغادرة. وألغت مصر للطيران رحلاتها أمس إلى الخرطوم فيما قالت شركة «فلاي دبي» إنها «تراقب» الموقف.

كما عَلِق ركاب في محطة الخرطوم الرئيسية للركاب بسبب مشاركة مئات الموظفين في الإضراب. وحمل بعض الموظفين لافتات تقول «لا حافلات اليوم وغدا. نحن مضربون».

وقالت المسافرة فطيمة عمر وهي تنتظر مع أطفالها في محطة الحافلات «يجب أن أسافر لمدينة الجضارف لأقضي العيد مع أسرتي، لكنني لست غاضبة لأنني أتفهم سبب الإضراب».

وفي بورتسودان، المرفأ الاقتصادي الحيوي، انضم العديد من الموظفين للإضراب. وقال الموظف على رصيف المرفأ عثمان طاهر «نريد حكما مدنيا للتخلص من الفساد في بورتسودان».

وقال القيادي في التحالف صديق فاروق لفرانس برس «وصلتنا استجابة عالية جداً لدعوتنا، وهي أكثر من توقعاتنا. هناك قطاعات لم نكن نتوقّع مشاركتها وصلتنا منها استجابات».

وأضاف «الإضراب لمدة يومين يريد إرسال رسالة واضحة للعالم بأنّ الشعب السوداني يريد تغييراً حقيقياً ولن يقبل بأن تظلّ السلطة في يد العسكريين».

وقال القيادي البارز في التحالف وجدي صالح لصحفيين مساء أمس الأول إنّه «لم يتم تحقيق اختراق بعد» في المفاوضات بين قادة الاحتجاج والمجلس العسكري، لكنّه أشار إلى أنّ التحالف مستعد للتفاوض إذا وافق قادة الجيش على بدء جولة مباحثات جديدة.

وقال «نأمل أن نصل إلى اتفاق مع المجلس العسكري وألا نضطر للدخول في إضراب لأجل غير مسمى».

وقال قادة الاحتجاج إنّ أطباء ومحامين ومدعين في النيابة وموظفين في قطاعات الكهرباء والمياه والنقل العام وشبكة القطارات والاتصالات والطيران المدني شاركوا في الإضراب.

وأقدم العسكريون، تحت ضغط الشارع، على إجراء مفاوضات مع ممثلين عن المتظاهرين اجتمعوا ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير. وحقّقت المفاوضات اتفاقاً على تشكيل مجالس مختلطة لفترة انتقالية مدّتها ثلاث سنوات، لكنّها اصطدمت بإصرار العسكر على ترؤس مجلس السيادة ورفض التحالف ذلك. وإزاء ذلك، قرّر قادة الاحتجاج اللجوء إلى الإضراب العام.

وأكدت قيادات بقوى الحرية والتغيير أن فرص نجاح الإضراب العام الذي بدأ أمس، كبيرة. وشددت على أن جميع الخيارات التي يلوح بها المجلس العسكري للرد على خطوة الإضراب «رهانات خاسرة».

ودعا مدني عباس مدني، القيادي بقوى الحرية والتغيير، التي تقود الحراك الشعبي في السودان، المجلس العسكري لإدراك واستيعاب الطبيعة الثورية للحراك الراهن والكف عن استخدام لغة التهديد.

وقال مدني، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «فرص نجاح الإضراب عالية... والتهديد باتخاذ عقوبات من أي نوع تجاه المضربين أو المعتصمين كلها أمور غير مفيدة... المفيد هو علاج الأزمة بالإسراع بنقل السلطة لإدارة مدنية»، وشدد على أن «الإضراب ليس سلاحا نوويا أو كيميائيا مجرما دوليا، وإنما هو أحد الوسائل السلمية الديمقراطية المتعارف عليه لعرض المطالب وتأكيد التمسك بها... ومنذ بدأ السودانيون ثورتهم في ديسمبر الماضي وهم يطالبون بحكم مدني».

ووصف تلويح المجلس العسكري بإمكانية إجراء انتخابات مبكرة لتسليم السلطة لمدنيين يمثلون الشعب بأنه «يعادل التلويح بإعلان الحرب على الجماهير والثورة السودانية»، وقال: «الانتخابات ليست ورقة توضع بصندوق الاقتراع. فبعد 30 عاما من النظام الشمولي، يجب أن تكون هناك مسافة زمنية لوضع دستور وقانون انتخابات يضمن حقوق الجميع ويبتعد بالسودان عن محاولة البعض إعادة إنتاج النظام القديم... وإذا أجرينا انتخابات مبكرة فهذا يعني عدم معالجة قضايا عديدة كقضية السلام مع الجماعات المسلحة وأوضاع النازحين».

من جانبه، أكد محمد ناجي الأصم، القيادي بـ«تجمع المهنيين»، وهو أحد مكونات قوى «الحرية والتغيير»، أن الإضراب جرى الإعداد له على نحو جيد وتم استطلاع آراء جهات عدة بالقطاعين العام والخاص بشأن المشاركة به .

واعتبر، في تصريحات لـ(د.ب.أ)، أن تلويح المجلس العسكري باتخاذ خيارات من قبيل الدعوة لانتخابات مبكرة، «تأتي في إطار رد الفعل المتوقع على الدعوة للإضراب».

وحول تقييمه للزيارات الخارجية التي قام بها رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو، قال مدني :«نتفهم محاولات طلب الدعم من بعض الدول أو سعي المجلس لتقديم نفسه كقوة وعنصر أمان لاستقرار السودان... ولكننا غير مشغولين بهذا كله، فالقضية سودانية بحتة... وحتى لو وجد البرهان أي تأييد، فهذا لن يفيده. السودانيون يخوضون معركتهم باستقلالية تامة».

وكشفت الدعوة إلى الإضراب تصدّعات داخل تحالف قوى الحرية والتغيير، إذ أعلن حزب الأمّة القومي، أحد أبرز الأعضاء في التحالف، رفضه الإضراب.

وقال الحزب في بيان الأحد إنّ «الإضراب العام سلاح علينا استخدامه باتّفاق الجميع، وعلينا تجنّب الإجراءات التي ليس عليها اتفاق».

وألقى زعيم حزب الأمة الصادق المهدي الذي ظل يعارض النظام السابق لعقود، بثقله خلف الاحتجاجات بعد اندلاعها في ديسمبر الماضي. وكان المهدي يترأس حكومة منتخبة أطاح بها البشير في عام 1989 بمساندة الإسلاميين.

في المقابل، أعلن حزب المؤتمر برئاسة عمر الدقير المنضوي في التحالف أنه سيشارك في الإضراب للتنديد بـ«تعنّت» المجلس العسكري.