1227550
1227550
المنوعات

كنا نقرأ القرآن تحت ظل شجرة الزام الكبيرة.. ونأكل مما نزرع

25 مايو 2019
25 مايو 2019

علي بن حمدون الرواحي يستذكر حياة الآباء في رمضان -

كتب: ماجد الندابي -

ممسكا مصحفه الخاص الذي يقرأ فيه كل يوم آيات من الذكر الحكيم ويتدبر معانيها، ويستقي حكمها، ومن خلفه تلوح سورة الناس التي كتبت بخط الثلث على جدار مجلسه الكائن بولاية سمائل، الوالد علي بن حمدون الرواحي يحكي لنا أول رمضان صامه في صغره، وما تفاصيل تلك الأيام الخوالي التي كونت ذاكرته الأولى عن رمضان أيامه ولياليه.

يقول: «بدأت الصيام في عمر مبكر من الطفولة فقد كانت تحثنا أمنا رحمها الله على ذلك فقد توفي أبي وأنا ما زلت طفلا، فأرادت منا أمنا أن نعتمد على أنفسنا منذ نعومة أظفارنا». كانت قرية «فلج المراغة» ترى فيه صبيا ككل صبيانها يجني رطب نخلاتها إذا ما التهب القيض، وكانت رحلة الصبي في بدايتها مع الصيام مشابهة لرمضان هذه السنة. يقول:« أذكر أن أول صيام لي كان يشبه هذا الوقت في قدوم رمضان في أول القيض، وكانت الحرارة شديدة، ولم تكن في تلك الأيام تتوفر وسائل الراحة الحديثة من أجهزة التكييف والتبريد، كانت الطريقة الوحيدة التي نقوم بها هي أن نذهب إلى الفلج ونقوم بتبليل ملابسنا بالماء ونلبسها مرة أخرى ونجلس تحت ظل النخيل ليهب علينا الهواء فيلامس ملابسنا المبتلة ويقوم بتبريدها، وكانت هذه العملية مجدية في تخفيف وطأة الحر. وحول دخول شهر رمضان، يقول: في غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، كنا نجتمع مع كل أهالي القرية لتحري ورؤية الهلال في وقت الغروب، وذلك في مصلى العيد، فإذا رأيناه قمنا بتهنئة بعضنا البعض بدخول الشهر الفضيل، كما أننا كنا نستمع إلى طلقات المدافع وهي تطلق من قلعة الشهباء الموجودة في قرية الصويريج، إعلاما برؤية هلال شهر رمضان. وكذلك نفعل في نهاية اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان، فالمدافع تطلق عند روية هلال رمضان وهلال شوال، في بعض السنوات التي لم نر فيها هلال العيد أصبحنا صائمين وفي فترة الضحى أتانا الخبر بأن الهلال تمت رؤيته في بعض الولايات وأن هذا اليوم هو يوم عيد الفطر، فنفطر ونذهب لتأدية صلاة العيد. ويخبرنا عن ذكرياته مع قراءة القرآن يقول:« كنا نذهب لقراءة القرآن تحت ظل شجرة الزام الكبيرة التي نتحلق فيها حول معلمنا خميس بن حمد الحضرمي رحمه الله الذي كان يعلمنا القرآن، في الفترة الصباحية. وعن الوجبات التي كانوا يتناولونها في رمضان يخبرنا الوالد علي بن حمدون الرواحي أن الطعام كان يقتصر على ما يقومون بزراعته، يقول: «كنا نأكل مما نزرع، حيث كنا نزرع القمح، والذرة البيضاء، واللوبياء، والدخن، وكنا نجني هذه المحاصيل ونقوم بتجفيفها وتنظيفها، وكانت النساء يقمن بطحن القمح بحصى الرحى، ليصنعن منه «خبز البر». كنا نعمل في المزارع والبساتين، على الرغم من صيامنا وشدة الحر، حتى أن الواحد منا عند عودته إلى المنزل لا يكاد يرى الطريق من شدة الإعياء والتعب. وكان اعتمادنا أكثر شيء على التمر في طعامنا، وعلى بعض الفواكه المحلية التي نزرعها. ولم تكن تتوفر هذه الأنواع الكثيرة من الأطعمة التي نجدها في يومنا الحاضر. أما بالنسبة للماء كنا نستخدم الأدوات التقليدية في نقل وتخزين الماء مثل «السعن» والأواني الفخارية كـ«الجحلة»، وفي فترة لاحقة كنا نذهب إلى مراكز المدن «سمائل وفنجاء وإزكي» لإحضار الثلج منها الذي كنا نشتريه من الشاحنات. وحول معرفة الأوقات في الليل والنهار، يقول كنا نعرف الأوقات من خلال ظلال الشمس، بالإضافة إلى الاعتماد على الساعات التي بدأ الناس في استخدامها، وكنا نصعد إلى سطوح المنازل لنستمع إلى آذان الإفطار. أما عن العادات الرمضانية الحميدة التي كانت موجودة سابقا وأصبحت تتلاشى هو أنهم كانوا يجتمعون في ليلة منتصف رمضان في إفطار عائلي كبير في القرية. وكذلك عادة الاجتماع في نهاية اليوم التاسع والعشرين لتناول الإفطار في مصلى العيد وتحري هلال شوال.

وبالنسبة للتجهيز ليوم العيد، فيقول: «كنا نفرح فرحا شديدا لقدوم العيد، ومن شدة هذا الفرح لا نستطيع النوم في الليلة التي تسبق العيد، وهذه الفرحة لا نستشعرها في أبناء اليوم، وكانت ملابس العيد الرجالية والنسائية تخيطها الأمهات في المنازل،

وفي صباح العيد كنا نطوف بالبيوت للسلام والمباركة بعيد الفطر، وكنا نحصل على العيدية.