صحافة

الأيام : حول ورشة «المنامة» وصفقة القرن

24 مايو 2019
24 مايو 2019

في زاوية آراء كتب عبد المجيد سويلم مقالا عن ورشة «المنامة»، جاء فيه:

لستُ من أنصار من يعتقد أن الورشة ستعقد على كل حال، ولستُ من أنصار من يعتقد أن الورشة حتى وإن عقدت ستكون بالأهمية التي يُراهن عليها ترامب وفريقه، وأميل إلى الاعتقاد أن مثل هكذا أهمية لن تتعدى كتظاهرة «إعلامية» ظهيرة اليوم الذي ستعقد فيه. لماذا؟

أولاً: لأنها دليل فشل وليست مقدمة لأي نجاح محتمل، فهذه الورشة ستبدأ بتأييد ضعيف، وسيظل عدد المؤيدين يزيد تارة وينقص تارة أخرى، بحياء وخجل شديدين أحيانا وبذرائع ومبررات ملتبسة سياسيا في أحيان أخرى.

البعض إن اضطر إلى المشاركة، سيقول: إن مشاركته لا تعني الموافقة على «الصفقة»، وإنه لن يقبل بأقل من أن يترافق الطرح الاقتصادي مع مسار سياسي، والبعض الآخر سيقول: إن هدفه هو حشد الدعم المادي من أجل أن يتمكن الشعب الفلسطيني من الصمود على أرضه ومواجهة الأخطار المحدقة به. البعض لا يريد أن يغضب ترامب والبعض الآخر يريد أن يسترضيه في هذه المرحلة الحرجة من الصراع في منطقة الخليج. ورشة بهذا النوع من المشاركة، خجولة ومترددة، «تبريرية» و«ذرائعية»، مواربة واسترضائية، منافقة وانتهازية، القناعة فيها وبجدواها معدومة ومشكوك بها على أقل تقدير، لا يمكن أن تكون «الشق» الأول من «صفقة القرن» لأنها لا تصلح من حيث المبدأ لأن تكون.

ثانيا: عندما تشاور فريق ترامب مع «المنامة» لعقد هذه الورشة، ألم يخطر بباله أن الحضور الإسرائيلي ليس له مكان (اقتصادي)، وأن هذا الحضور هو حضور سياسي بامتياز، وأن الشق الاقتصادي في الحضور الإسرائيلي مسألة تدعو إلى القهقهة وليس مجرد الضحك، طالما أن إسرائيل هي المسؤولة بصورة مباشرة عن سرقة أموال الشعب الفلسطيني وحصارها لأكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، إضافة إلى سرقة أرضه وموارده والسطو على كل مقدراته!.

أيعقل والحال هذه أن يكون الحضور الإسرائيلي اقتصاديا؟ أم يكون هذا الحضور يا ترى جائزة سياسية لها على ما تمارسه من ضغوط حتى يركع ويخنع الشعب الفلسطيني، ويوافق على كل «الخطوات» السياسية التي «حُسم» أمرها في «القدس واللاجئين والضم و«شرعية» الاستيطان؟

فإن كان الحضور الإسرائيلي لأسباب اقتصادية فتلك مصيبة وأما إن كان حضورها سياسيا فالمصيبة أعظم.

لو كان الأمر بالبساطة التي تطرح حول «الازدهار» و«الرفاهية» و«الاستقرار» لما كان هناك سبب لعدم التشاور، ولو كان الهدف هو «دعم» صمود الشعب الفلسطيني وتلبية احتياجاته لكان ذلك سببا إضافيا للاتصال بالقيادة الفلسطينية والتشاور معها، ولو كانت هذه الورشة مكرّسة «للتداول» في الشأن الاقتصادي البحت، وأنها (أي الورشة) لا يجب أن «تحجب» الأساس السياسي «للصفقة» الترامبية فما الحرج الذي تشكله هذه الورشة ؟ ولماذا تأخر «الضغط» على القيادة الفلسطينية لحضورها إلى ما بعد الإعلان عنها والبدء «بتسويقها» إلى المنطقة؟! من جهة المواطنة والمواطن الفلسطيني، فإننا نراهن على فشل عقد الورشة، ونعوّل على إفشالها وإلى تحويلها إلى مجرد محاولة يائسة لزجّ إسرائيل وإدخالها من نافذة صغيرة أضيق بكثير من حجم طموحاتها وتهديداتها وأطماعها وتوسعيتها وعدوانيتها وعنصريتها، ونخشى أيها الأشقاء الأعزاء في المنامة أنكم ستجبرون على تحطيم الكثير من الجدران المحيطة بالنافذة، لكي يتسنّى لإسرائيل الدخول إلى باحة القاعة، وكلنا أمل أن تتأثر الأعمدة الأساسية في البنيان، وألا تحدثوا من الشقوق ما يؤدي إلى تصدعات من النوع الذي لا ينفع معه أي نوع من الترميم.

ها هو أمر عقد هذه الورشة يبدأ بالملامة، وكلنا حرص ألا ينتهي الأمر بالندامة.