1219799
1219799
روضة الصائم

د. الخروصي: الغزو الفكري بدأ على المجتمع الإسلامي عبر الحملات الاستشراقية والغزو الصليبي

20 مايو 2019
20 مايو 2019

هدفه تغيير الهوية الإسلامية في كل جوانبها.. العقيدة والنظم والتراث والتاريخ والفكر والحياة -

الغزو الفكري حية تتشكل بأشكال براقة وفي جوفها السم الزعاف -

أجرى اللقاء: سيف بن سالم الفضيلي -

أكد الدكتور سالم بن هلال الخروصي مستشار الأوقاف للوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية ان الغزو الفكري هدفه تغيير الهوية الإسلامية في كل جوانبها العقيدة والنظم والتراث والتاريخ والفكر والحياة، بدأ على المجتمع الإسلامي عبر الحملات الاستشراقية والغزو الصليبي ومنذ الفتوحات الإسلامية.

الغزو الفكري حية تتشكل بأشكال براقة وفي جوفها السم الزعاف يتغلغل إلى طبقات الأمة المختلفة،

إطلاق البرامج التوعوية والتثقيفية وإشراكهم في برامج عملية لتطبيق المثال الحي الهادف في واقع السلوك أنجع الحلول والأساليب لإصلاح الشباب الجامعي وتحصين أفكارهم كما أن إشراكهم في الجوانب البحثية لقراءة الفكر المعاصر واتجاهاته وتصويبها من خلال التقييم المتكرر ينمي ملكة المعرفة ويحسن التوجه ويضع الجدار الفاصل بين الشباب وما يراد لهم من تشويه وانحراف.

إن التحليل المستمر للظواهر المستجدة وتصويبها بما احتملته دفتا الكتاب والسنة يضع الشباب الجامعي في المسار الصحيح والاتجاه الصائب مستغلين المناسبات الاجتماعية والدينية والثقافية.

إن الحوار لقراءة فكر الشباب وإقناعهم وتصويب توجهاتهم وسيلة لتحصينهم من الغزو الفكري المتكرر.

من وجهة نظركم ما مفهوم الغزو الفكري ونشأته وما أثره على الأمة الإسلامية وما هي مصادر الغزو الفكري وأهدافه وأساليبه؟

الغزو الفكري بدأ على المجتمع الإسلامي منذ وقت مبكر عبر الحملات الاستشراقية والغزو الصليبي ولعلي لا أبالغ إن قلت منذ الفتوحات الإسلامية حينها نظرت العوالم والحضارات الإنسانية إلى الإسلام إما بعين من يرتجي الخلاص من الاستبداد والظلم إلى سعة الإسلام وعدله وإما بعين الحاقد الذي يرى فيه المنافس غير المتوقع الذي دك ملكهم وأزال سلطانهم وقوض عروشهم وهذا الأخير هو الذي أطلق أول شرارة على الدين الإسلامي وأتباعه بدأ بقصة عبدالله بن سبأ التي تراوحت روايتها في تاريخنا الإسلامي بين الحقيقة والخيال وانتهاء بالاستعمار الحديث على مساحة واسعة من عالمنا العربي شرقيه وغربيه.

أما عن مفهومه فهو تغيير الهوية الإسلامية في كل جوانبها العقيدة والنظم والتراث والتاريخ والفكر والحياة ليلبسوا علينا ديننا ويغيروا هويتنا ويضعفوا كياننا فما كتبه جولد تسهير عن الإسلام عقيدة وشريعة يدلل على الكره الحبيس في نفوس الغرب لهذا الدين الحنيف ولقد رد عليه الشيخ محمد الغزالي في كتابه دفاع عن العقيدة والشريعة ومن مظاهره تشويه التفسير وإدخال الإسرائيليات إلى قصصه وتشويه صورة الأنبياء والرسل وتفسير القرآن على غير حله والطعن في شخصية النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- وتغريب التاريخ الإسلامي ووصف الفتوحات بأنها سفك للدماء وغزو بالسيف والأخطر من ذلك التشكيك في القرآن الكريم أنه ليس وحيا إلهيا بل كلام النبي – صلى الله عليه وسلم- بدليل قصر بعض آياته وطول بعضها الآخر والطعن في الشريعة الإسلامية وخاصة ما يتعلق بالنساء في الحقوق والميراث إلى غير ذلك.

ولقد استطاع الغزو الفكري التأثير على ثقافة المجتمع المسلم ولغته وعقلية شبيبته فظهرت تيارات في مجتمعنا الإسلامي تعيد إلى أذهاننا الجاهلية الأولى وتنادي بالجهل وتدعو إلى الظلام وتتنكر على ديننا وتراثنا وتلبس ثوب الإلحاد والعياذ بالله الذي استشرى في جسد هذه الأمة.

إن الغزو الفكري حية تتشكل بأشكال براقة وجميلة وفي جوفها السم الزعاف ويتغلغل إلى طبقات الأمة المختلفة جهالها ومثقفيها على حد سواء وأطفالها ونسائها وشيوخها بمسميات وطرق مختلفة والأعجب أن هذا الغزو قد يأخذ بمجامع قلوب المصلحين والدعاة فيعيدون أبواقا له من غير أن يعلموا أنه شرٌ وبيل، كما يعمد الغزو الفكري إلى استهداف العقل المسلم ويصفه بالقصور والتبعية العمياء والتهور وضعف الاستنتاج وما ذلك إلا لأن الدين الإسلامي دين العقل فيضرب هذا الدين في منهجه قصد التشويه وإنارة الرأي العام ضده كما أن إثارة المرأة ضد دينها كان عاملا مساعدا لتغلغل الغزو الفكري في وسط المجتمع المسلم فدعوى التحرر والرجعية والمساواة ثالوث إثارة المرأة ولقد كان.

إن أهداف الغزو الفكري في المقام الأول هي السيطرة على مقدرات المجتمع المسلم فحينما فشل الغزو العسكري أرادوا أن يجدوا بابا جديدا يلجأون من خلاله إلى جغرافية العالم الإسلامي فكان التحكم السياسي من خلال إثارة فئات المجتمع المسلم على دينها وأوطانها وبالتالي السيطرة الاقتصادية على ثروات المجتمع وموارده المختلفة وأولا وآخرا القضاء على الدين الإسلامي مصدر القوة وباعث الهمة في قلوب المسلمين أجمعين.

إن الغزو الفكري في خلاصة القول عنه بدأ بالتشكيك في المعتقد الإسلامي خلال أوامر الخلافة الراشدة حسب معطيات التاريخ واستمر خلال الدولة الأموية والعباسية وتمثل في أناس بعينهم كابن سبأ وميمون القداح وهما كما تذكر الروايات من اليهود وبعد ذلك تشكل الغزو الفكري بحملات صليبية وحملات تبشيرية استمرت حتى عصرنا الحديث أما عن وسائلها فلقد تعددت الوسائل ويجمعها التعريب وهو التشكيك في ميراث الفكر الإسلامي عامة ومحاولة غرس قيم وعادات في المجتمع المسلم بعيدة عن أصوله وفرض مصطلحات ومفاهيم وثقافة بديلة عن الوحي ولبس جنود الغزو الفكري لباس الباحث والتآمر والطبيب والباحث عن عمل والراهب والطالب بل والسائح وهكذا وما زال الغزو الفكري يعمل عن طريق عملائه “والله متم نوره ولو كره الكافرون”.

هناك عوامل تؤثر الشباب بالغزو الفكري في العصر الحاضر والدعوات التي تستهدف التشكيك في العقيدة ومبادئ الإسلام وعلمائه وبيان خطورتها والدعوات التي تستهدف القضاء على القيم والآداب الفاضلة وبيان مفاسدها.. كيف لكم أن تبينوا خطورتها؟

إن الولع بالتحضر الغربي والتحرر والتقدم في كافة جوانب الحياة المادية والانحلال الأخلاقي لمجتمعهم هي أسباب الهوس لدى بعض الشباب بهم وامتد هذا الهوس ليصل إلى الدعوة إلى الحداثة والمناداة بتحرر المرأة ومساواتها والإطاحة بالقيم الإسلامية والتعاليم والدعوة إلى الإلحاد والتعريف بآلهتهم الغربية من كتّاب وأدباء وشعراء وسياسيين بل وفنانين وغيرهم تقليدا لهم وأخذا عنهم ويسمون الأشياء بمسمياتهم ( تقليعة- موضة- تغيير _....إلخ) ويحاكون المجتمع الغربي في حياتهم الشرقية التي يمتعض منها المسلم بل والمسيحي في بلاد الشرق هذه هي صور الغزو الفكري في مجتمعنا المسلم الشرقي التي تعد أذنابا ينبغي مواجهتها، إن تأثير هذه الأذناب على مستوى ثقافتنا وفكرنا بل وأخلاقنا وديننا لهو تأثير بالغ ما بقوا في ظل سيادة القطب الواحد وعدم الاستقرار في الشرق والتدهور السياسي والاقتصادي الطريق الممهد لمرور الغزو الفكري إلى مجتمعنا الشرقي والمجتمعات الإنسانية.

كيف يتم تحصين الشباب الجامعي وحمايتهم ضد الغزو الفكري وما هي تصوراتكم لحماية الشباب الجامعي من آثاره الضارة والثغرات التي يتسلل منها الغزو الفكري وسبل تلافيها؟

إن غاية الغزو الفكري فصل الشباب المسلم عن هويتهم وجذورهم وزرع الشبهات حول أصولهم وتاريخهم حتى يبقى الغرب الوجهة وحضارته المنهج وفي سبيل ذلك رصدوا أموالا طائلة وسلكوا منهجا تربويا يدل على خبثهم وخداعهم بحيل عقلية وفكرية وغريزية وعلى هذا فإن الشباب في المرحلة الجامعية يختلف عن غيره إذ بالثقافة والعقل والسن يتفاوت عن غيره فهم في السن ما بين التاسعة عشرة وحتى الثانية والعشرين ومستوى العقل تجاوز الطفولة إلى المراهقة التي تستمر حتى الخامسة والعشرين ولذلك فإن حمايتهم من الغزو الفكري لابد أن تنهج منهج الإقناع العقلي والتحصين الفكري والتوجيه الديني وتحديد مرتكزات المستقبل العلمي والعملي وإشغال أوقات فراغهم بالمفيد والجديد وإشراكهم في الجانب الاجتماعي لغرس هويتهم الوطنية في نفوسهم ولإشباع حاجاتهم النفسية وتخلل الموعظة أوقات فراغهم وتذكيرهم بأصول دينهم ومنهج رسولهم – صلى الله عليه وسلم- ومقومات إسلامهم وتحذيرهم من خطر الغزو الفكري وأساليبه ووسائله وأهدافه ليميزوا الخبيث من الطيب وإبراز جوانب حضارتهم الإسلامية ليحسوا بكيانهم وليتفاعلوا مع واقعهم ويرسموا محددات عملهم القادم وفق أجندات منتظمة ليدركوا غاية وجودهم وهدفهم في الحياة وليكون ذلك منهجهم في ما تبقى من عمرهم تأسيا بالمثل والشخصيات التي تركت بصمتها في الحياة وكان لها أثرها الطيب والذكر الحميد.

إن إطلاق البرامج التوعوية والتثقيفية وكذلك إشراكهم في برامج عملية لتطبيق المثال الحي الهادف في واقع السلوك هي من أنجع الحلول وأفضل الأساليب لإصلاح الشباب الجامعي وتحصين أفكارهم كما أن إشراكهم في الجوانب البحثية لقراءة الفكر المعاصر واتجاهاته وتصويبها من خلال التقييم المتكرر ينمي ملكة المعرفة ويحسن التوجه ويضع الجدار الفاصل بين الشباب وما يراد لهم من تشويه وانحراف.

إن التحليل المستمر للظواهر المستجدة وتصويبها بما احتملته دفتا الكتاب والسنة يضع الشباب الجامعي في المسار الصحيح والاتجاه الصائب مستغلين المناسبات الاجتماعية والدينية والثقافية.

إن الحوار لقراءة فكر الشباب وإقناعهم وتصويب توجهاتهم وسيلة لتحصينهم من الغزو الفكري المتكرر.