1213731
1213731
روضة الصائم

ماجد الحجري: لا يوجد تأخير متعمد في الدعاوى وإن وجد فهو بسبب عائق إجرائي

08 مايو 2019
08 مايو 2019

مبدأ المساواة أرساه جلالة السلطان وهو نهج مستمد من الشريعة الإسلامية -

قضايا الأموال والشيكات والبيوعات وتعاطي المسكرات والقضايا الزوجية.. الأكثر شيوعا -

أجرى اللقاء: سالم بن حمدان الحسيني -

تطبيق مبدأ المساواة مبدأ كفله القانون ونهج أرساه جلالة السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله ورعاه - وهذا النهج يلمسه ويراه كل مواطن وكل مقيم على تراب هذا الوطن العزيز وهو ظاهرة محسوسة لا تحتاج إلى دليل، وهو منهج إسلامي أصيل تستمده السلطنة من الشريعة الإسلامية السمحاء.. ذلك ما أكده فضيلة الشيخ الدكتور ماجد بن هلال بن حمدان الحجري قاضي استئناف بمحكمة مسقط.. وأكد الحجري أنه لا يوجد تأخير متعمد من الكادر القضائي للفصل في الدعاوى وذلك لوجود التفتيش القضائي الذي يشرف على عمل القضاة ويتابعه باهتمام وحرص، وإن وجد تأخير فهو بسبب عائق إجرائي أو مانع إداري فقط من مثل غياب الخصوم في الدعوى وعدم الوصول إلى عناوينهم، أو حاجة الدعوى لخبرة فنية تحتاج إلى وقت كاف للوصول إلى نتيجة فيها. وقال في حديثه لروضة الصائم حول كيف يمكن أن يوفق القاضي بين عمله وبين ما تتجاذبه نفسه نحو السمو الروحي في هذا الشهر الفضيل: إن الإسلام جعل خدمة وقضاء حاجة المسلم أفضل من عبادة ستين سنة يقوم فيها الليل كله ويصوم فيها النهار كله وذلك في غير رمضان، فكيف في رمضان، والذي هو فيه الفريضة يضاعف إلى سبعين بل إلى سبعمائة ضعف، والنافلة فيه أجرها أجر الفريضة.. وهنا الحلقة الأولى من هذا الحوار مع فضيلته:

فضيلة الشيخ.. يسرنا التعرّف عليك أولا ومعرفة تاريخ الالتحاق بسلك القضاء والمناصب التي تقلدتها حتى الآن؟

ماجد بن هلال بن حمدان الحجري، تاريخ الالتحاق بسلك القضاء نفس تاريخ التوظيف شهر ديسمبر من عام 1991م، وقد تدرجت في منصب القضاء من مساعد قاض إلى نائب قاض ثم إلى قاض ثم قاضي أول، ثم قاضي استئناف، وعملت رئيسا لمحكمة استئناف محافظة جنوب الشرقية بولاية صور لمدة سنتين من عام 2015 إلى عام 2017م ثم عملت نائبا لرئيس التفتيش القضائي لمدة سنة واحدة عام (2017/‏‏2018) وحاليا عضو استئناف بمحكمة استئناف مسقط.

ما أكثر القضايا شيوعا بين المجتمع التي تعج بها المحاكم؟ وما هي أسبابها في نظرك؟

القضايا التي تعج بها المحاكم متنوعة ففي الجانب الجزائي مثلا توجد قضايا الأموال وقضايا الشيكات بجانب القضايا الأخرى التي شملها القانون الجزائي كقضايا السرقة وتعاطي المسكرات والمخدرات بالإضافة إلى قضايا الأحداث المتنامية، أما الجانب المدني والشرعي فتوجد أيضا بكثرة قضايا الخلاف على الأراضي والبيوعات وفي جانب الأحوال الشخصية الشرعية تكثر القضايا الزوجية والنفقات وطلب الطلاق.

يشتكي البعض من تأخير الفصل في القضايا وبطء في إجراءات التقاضي.. هل ترى أنه آن الأوان لوضع قواعد وتشريعات تكفل حماية أمن الخصومة من أساليب المماطلة والتأجيل الطويل وتحديد سقف زمني معين للقضية؟

لا يوجد تأخير متعمد من الكادر القضائي للفصل في الدعاوى وذلك لوجود التفتيش القضائي الذي يشرف على عمل القضاة ويتابعه باهتمام وحرص ويصدر تقاريره التي عليها اعتماد الترقيات ونحو ذلك من استقبال الشكاوى من المواطنين عن أي محكمة أو قاض، وإن وجد تأخير فهو بسبب عائق إجرائي أو مانع إداري فقط من مثل غياب الخصوم في الدعوى وعدم الوصول إلى عناوينهم، أو حاجة الدعوى لخبرة فنية التي يعتمد عليها الفصل في تلك الخصومة وتلك الخبرة لها خصوصية معينة تحتاج إلى وقت كاف للوصول إلى نتيجة فيها، مبينا أنه قد يخلط بعض الناس فينسب تأخير القضية إلى عدم انتهائها من جميع درجات المحاكم، وهذا بحد ذاته جهل بالقانون، وجهل أيضا بالإجراءات وبالعمل القضائي وإجراءاته الحديثة من كثير من الناس، والتي كفلت للمواطن والمقيم حق التقاضي على أكثر من درجة فتجد القضية أمام محكمة أول درجة وهي المحكمة الابتدائية قد تنتهي في أقل من شهر وإذا طال بها الوقت فهي لا تزيد عن شهرين أو بالكثير ثلاثة أشهر وبالتالي تكون قد حكمت وانتهت ولكن إعطاء القانون حق الاستئناف للخصوم يجعل الناس يظنون أن القضية لم تنته فخلطوا بين انتهاء القضية وعموما وبين حق التقاضي أمام الدرجات الأعلى من محكمة أول درجة وهي المحكمة الابتدائية.

أما عن تحديد سقف زمني معين من المدة لإنهاء القضية في المحاكم والحكم فيها فقد توجهت المحكمة العليا في فترة ماضية إلى اللجوء إلى هذا الحل، ولكن الأمر لا يمكن تعميمه على جميع أنواع القضايا، إذ أن بعض القضايا بطبيعتها لا يمكن اكتمال عناصر الحكم فيها في فترة محددة، ولا يمكن معاملتها كسائر القضايا العادية الروتينية الأخرى.

تطبيق مبدأ المساواة الذي تفرضه العدالة نهج إسلامي أملته علينا شريعتنا السمحة، وهذا النهج الذي حرص جلالة السلطان قابوس المعظم على تطبيقه في القضاء العماني بإعطائه الاستقلالية والحرية المطلقة بعيدا عن أي ضغوط.. إلى أي مدى وصل القضاء العماني في تطبيق هذا النهج الإسلامي؟

تطبيق مبدأ المساواة هو مبدأ كفله القانون ونهج أرساه جلالة السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله ورعاه - وأمد في عمره بالصحة والعافية وهذا النهج يلمسه ويراه كل مواطن وكل مقيم على تراب هذا الوطن العزيز وهو ظاهرة محسوسة ومكشوفة للعيان لا تحتاج إلى دليل، وهو منهج إسلامي أصيل تستمده السلطنة ولله الحمد من الشريعة الإسلامية السمحاء، وهذه المساواة هي التي يجدها المقيم قبل المواطن وترسخ الثقة في عدالة القضاء العماني والحمد لله. وتنفيذ تلك الأحكام التي يتساوى أمامها جميع الناس وعدم تحيز أو محاباة طرف على حساب طرف آخر، وهي التي جعلت الكثير من المواطنين وغيرهم يشيدون بالقضاء العماني الذي يمثله رجاله العمانيون بالذات والذين هم على رأس الدوائر القضائية، وكذلك الذين هم بيدهم زمام التنفيذ للأحكام.

هناك شخصيات اشتهرت في مجال القضاء عرفهم التاريخ العماني.. هل لك أن تذكر بعضا من تلك الشخصيات وشيء من سيرهم الخالدة؟

هناك شخصيات كثيرة في هذا المجال خلدهم التاريخ العماني ولكن إن أردت الإشارة إلى شخصية منها فذة وكل تلك الشخصيات يمثلها رجال أفذاذ فإنه يقفز إلى ذاكرتي من بينهم شخصية القاضي المشهور كعب بن سور العماني والذي كان في مجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فعندما جاءت امرأة تشتكي إلى أمير المؤمنين من زوجها كونه يهجرها في الفراش فألقت إليه أبيات شعرية ذكرتها فيها إن زوجها كثير العبادة ولا يتفرغ للمعاشرة الزوجية فألحت له عن هجرانه لها ولم تصرح فقالت:

يا أيها القاضي الحكيم أرشده

ألهى خليلي عن فراشي مسجده

ولست في أمر النساء أحمده

فأخذ أمير المؤمنين يثني على زوجها قائلا: نعم الزوج زوجك، فقال كعب: يا أمير المؤمنين إنها تشتكي من عدم حصولها على حقها من زوجها في المعاشرة الزوجية، فعجب عمر من فهمه مغزى شكوى المرأة، فقال له: انت فهمت قولها فاحكم بينهما، فأجاب كعب بن سور بأن له ثلاثة أيام للعبادة وله يوم واحد من كل أربعة أيام وذلك لأن حق الرجل الزواج من أربع فلها ليلة من كل اربع ليال، والوقت الباقي من حق الزوج أن يستغله في التعبد، وقد ألقى أيضا بذلك شعرا فتعجب سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه وقال لكعب: والله لا أدري أأعجب لفهمك لقضيتها، وسؤالها أم أعجب لحكمك، اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.

تتوق نفس المسلم في أيام وليالي شهر رمضان الفضيل إلى أن تسمو إلى أعلى مراتب التقرب إلى خالقها بحيث يستغل وقته الاستغلال الأمثل ليعطي الجانب الروحي الاهتمام الأكبر.. كيف يوفق القاضي بين عمله الذي يأخذ كل وقته وفكره من أجل الفصل في قضايا الناس وبين ما تتجاذبه نفسه نحو هذا السمو المنشود؟

نعم تتوق نفس المسلم في أيام وليالي شهر رمضان الفضيل إلى التعبد والسمو الروحي ولكن الفقه الإسلام يذهب إلى تقديس العمل أيما تقديس وإلى خدمة المجتمع والمسلمين ويعدها في المقام الأعلى وفوق كل اعتبار ويجعل من ذلك العمل وتلك الخدمة أعلى مراتب العبادة وأجلّ منازل الفضل، والأجر وبالتالي فلا تعارض بين ما يقوم به القاضي خصوصا والمسلم عموما من عمل كل في مجاله، إذ أن الإسلام جعل خدمة وقضاء حاجة المسلم والمضي في حاجة افضل من عبادة ستين سنة يقوم فيها الليل كله ويصوم فيها النهار كله وذلك في غير رمضان، فكيف في رمضان، الذي فيه الفريضة تضاعف إلى سبعين بل إلى سبعمائة ضعف، والنافلة فيه أجرها أجر الفريضة.

ما العادات المستحبة التي يمارسها المجتمع وتشجعه على الاستمرار عليها خلال الشهر الفضيل؟ وما العادات غير المستحبة تتمنى أن يتخلى عنها المجتمع؟

العادات المستحبة التي يمارسها المجتمع ونشجعه على الاستمرار عليها خلال الشهر الفضيل كثيرة ومنها العادات الاجتماعية المتمثلة في اللقاء والاجتماع مع بعضهم البعض كالإقبال على الشعائر الدينية والتعبدية وزيارة الأهل والأقارب والأرحام وصلتهم.. أما العادات غير المستحبة ونتمنى أن يتخلى عنها المجتمع فهي أيضا كثيرة ومنها الاشتغال بالألعاب الرياضية خصوصا بالنسبة لفئة الشباب حيث تفوت عليهم الفرص الرمضانية وعدم استغلالها الاستغلال الأمثل في العبادة وترك العادات السيئة واستمرارها وإهدار الأوقات فيما لا يعود عليهم بالنفع والفائدة في المستقبل كطلب العلم وقراءة القرآن الكريم وحفظه وتلاوته، وتعلم معانيه وتفسيره والتفقه في دينهم بطلب الحديث والسنن وغير ذلك من أنواع العلوم ومن أنواع العبادات وملازمة أهل العلم والفضل والترقي في طلب الخيرات باستغلال الوقت ولو كان ذلك الطلب دنيويا فيما يعود بالنفع عليهم إلا أنه وللأسف فالأوقات المهدرة في شهر رمضان وفي غيره فكيف إذا كان استغلالها في رمضان ينبغي بل يجب أن يكون أخرويا محضا، والله أعلم وبالله التوفيق.