1213192
1213192
المنوعات

مرآة واحدة لا تكفي.. تداعيات الذاكرة المجروحة

06 مايو 2019
06 مايو 2019

عمّان - «العمانية»: تأتي رواية «مرآة واحدة لا تكفي» الصادرة مؤخرا للكاتب الفلسطيني حسن أبو دية، لتؤكد مقولة إدوارد سعيد: «على كل فلسطيني أن يروي قصته»، وبهذا تستطيع الحكايات والقصص الفردية أن تشكّل بنيةَ السردية الفلسطينية الكبرى لمواجهة الأخرى النقيضة. تأتي هذه الرواية ضمن موجة تداعي الذاكرة المجروحة للأحداث التي مرّت على إثر الخروج من بيروت عام 1982 والتحولات التي عصفت بحركة المقاومة الفلسطينية وانتقالها من منفى إلى آخر.

ويستعيد الكاتب في روايته، جزءا من سيرة حياته التي تمثل شهادة على المرحلة بتفاصيلها وخساراتها وآلامها على مدى نصف قرن. وتتوازى في هذه الرواية الحكايةُ الشخصية للطفل الذي يعاني من الفقد، فقْد والديه وهويته، ويعاني بعد ذلك من فقْد حبيبته التي تلقى حتفها في مجزرة «صبرا وشاتيلا»، وفقْد أسرته التي ظللت حياته، ولكنه يقاوم ويناضل لتحقيق طموحه على الصعيد الأكاديمي الذي يفتح له الفرصة للبحث عن ذاته، وقد تقطعت به السبل بعد الخروج من بيروت وانتشار إشاعة استشهاده في قلعة الشقيف في الجنوب اللبناني.

ويخاطب الراوي بطلة الرواية: «أتدرين يا لندا، أعني كفاح، نحن شعب غريب، تقرأين سيرة الوطن في ملامح حياتنا، لا يمكنك أن تمرّي على سيرة أحد منا دون أن تتعثري بمحطّات فاصلة لتاريخه، وكأننا حجارة فسيفساء تتجمع لترسم وطنا أزالوا اسمه عن الخريطة، ودفعوا بشعبه إلى أحضان المجهول». وخلال ذلك يشعر بطل الرواية أنه يعيش حياتين متداخلتين ومتناقضتين، ولا يستطيع معهما العودة للوراء، ثم يتاح له التعرف على طالبة أجنبية تغيّر مسار حياته، وتعيده للمربع الأول الذي بدأ منه، ولكنه حينما يعود يكتشف أن الحياة لم تعد كما كانت، وخصوصا في مخيم اليرموك بدمشق الذي سيطرت عليه قوى متطرفة.

يعالج الكاتب روايته من خلال المشاهد المتتابعة التي تتنقل بين الأماكن من بيروت إلى عمّان إلى دمشق فالجزائر، وتتنوع الأزمنة بين الخطّي والاسترجاعي وتمتزج فيها ذاكرة الماضي مع الراهن لتسرد حكاية الإنسان الذي لعبت به الأقدار وحملته إلى المجهول. في هذه الرواية القصيرة الكثير من البوح كأسلوبٍ للروي، ولكنه البوح الذي يندرج تحت عنوان تيار الوعي الذي ينطوي على يقظة لمجريات الأحداث ووعي بتحولاتها، وليس البوح المجاني.

ومن مناخات الرواية التي دونها الكاتب على الغلاف الخلفي: «شهقت كفاح، وبدأت تسترجع بعض كلمات سامي (نكذب أحيانا لنقول الحقيقة)، ففي الحفلات التنكرية يختار كلٌّ قناعه الذي يعكس ما في أعماقه، فلا تعجبي ممن يتخذون أسماء وهمية، فهي حقيقتهم التي يتمنّونها، بل قد تكون في تلك اللحظات أقرب إلى ذاتنا». يشار إلى أن حسن أبو ديّة من مواليد رام الله (1964)، صدر له عدد من الأعمال في القصة والمسرح والنصوص منها: «العيون المشتعلة»، و«بثينة وأبناء الرمل»، و«جسد»، و«ثلاثية العذاب» و«نقوش على خاصرة أيلول».