Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ: رمضان على الأبواب.. وأحاديث كثيرة

30 أبريل 2019
30 أبريل 2019

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

تعودنا جميعا-بلا استثناء- مع اقتراب شهر رمضان المبارك، أن نتحدث كثيرا عنه، استعداداتنا له «ماديا»، عن فضل العبادة فيه، عن حميمياتنا الاجتماعية التي تزدهر فيه، عن انعتاقاتنا النفسية من أدرانها الكثيرة؛ حيث نكون كرماء، ومتسامحين، نعطف على الفقير والمسكين، نبذل الكثير من المال، نضاعف من عدد الركعات، ونزيد أيضا من ساعات النوم، ومن ساعات السهر، ومن تجشم عناء زيارة صديق يبعد عنا مئات الكيلومترات، فهذا الشهر يتحول إلى حالة من النشاط، غير المعتاد في الأشهر الـ (11) في السنة، ويبرر كل ذلك- طبعا- بأنه شهر عبادة، وأن الأجر فيه مضاعف، وبالتالي فهي فرصة، لليقين الموجود، ألا ضمانات مطلقة لتكرار لقائه في السنة القادمة، والواقع يؤكد ذلك، فكثير ممن نعرفهم، ومن ما لا نعرفهم، ممن شاركونا فعاليات رمضان العام الماضي، لن يشاركوننا فعاليات هذا العام، حتى هذه اللحظة من أعمارنا، لا ندري، فلربما لن يسعفنا العمر لأن نبدأ أو نكمل هذا الشهر، فلربما ننضم إليهم، وهذه من الحقائق الصادمة دائما في حسابات العمر لدى كل إنسان.

يكثر أيضا في كل رمضان طرح الأسئلة المتكررة في الفقه والعقيدة؛ بعضها؛ يطرحها الناس في كل موسم، إما بحثا عن أجوبة لا تزال غامضة، وإما لنسيان الأجوبة التي طرحت في رمضان العام الماضي، وعلى مجموعة العلماء والفقهاء، أن تكون صدورهم واسعة-وهم كذلك- لتكرار الأجوبة عن هذه الأسئلة، التي لا تزال تراوح مكانها في كل مرة، مع العلم أن كل المصادر متاحة أمام الباحث عن أي سؤال في فقه الصيام وعقيدته، وفي مجمل الأمر أن هناك نشاطا ثقافيا غير معتاد يأخذ به كثير من الناس في هذا الشهر، والملحوظ هنا أكثر نقد البعض لهذا النشاط الاستثنائي، سواء في جانبه الثقافي، أو التعبدي، كالذين يضعون الملاحظات الكثيرة على مجموع المصلين الذين يتوافدون إلى المساجد في هذا الشهر أكثر من غيره، ويرون في ذلك واقعا مغايرا عما اعتادوا عليه، وكان من المفترض مباركة هذه العودة المباركة من قبل كثيرين شغلتهم الحياة عن الالتزام والحرص على مجاورة المساجد طوال أيام العام، ولكن هكذا هي الطبيعة البشرية مفطورة على نقد الآخر، إلى حد الوصول إلى خصوصية العلاقة بين العبد وربه، وهذه من أكبر الـ «حشرية» التي يحشر الناس أنوفهم فيها من غير ضرورة.

خلال هذا الأسبوع تم تداول تغريدات تدعو إلى أنه ليست هناك ضرورة لإقامة وجبات الإفطار تحت عنوان «إفطار صائم»، معللا من بادر إلى طرح هذا الموضوع للنقاش، أن الأموال التي تصرف لهذه الوجبات، الأجدى أن تصرف لأسر هي في حاجة أكبر إليها، وحيث إنه لم يعد هناك أناس يجبرهم الموقف أو الحاجة للبحث عن أماكن مخصصة لتقديم وجبة الإفطار، وهذا الدعوة - من وجهة نظر شخصية - هي الأقرب إلى تبنيها لواقعيتها، فلم يعد هناك «ابن السبيل» وإذا قصد المتبرعون الأيدي العاملة الوافدة، فإن كل هذه الأيدي العاملة؛ ومن خلال المعايشة؛ غير صائمة، إلا ما ندر، أما المواطنون فكل بيوتهم قريبة من المساجد، ومجموعات الـ «عزاب» هم في تجمعات يكفل بعضهم بعضا، وهم على قدر كبير من الإمكانيات المادية بمعنى غير معوزين.

وتنتشر في رمضان أيضا، وهذا مما يؤسف له حقا؛ مناسبات حفلات إفطار صائم، تقيمها المؤسسات لموظفيها، وطبعا من موازنات هذه المؤسسات، وليست من موازنات المسؤولين أو الموظفين، ويدعى لها من خارج المؤسسة نفسها كذلك، كنوع من الكرم «الحاتمي» فما الضرورة إلى ذلك، في الوقت نفسه أن جل المسؤولين يشتكون من ضعف الموازنات في مؤسساتهم، تناقض غريب.