1204314
1204314
المنوعات

مجلـس البحـث العلمي ينظم نـدوة اللغـات واللهجـات المحكية فـي عُمان

28 أبريل 2019
28 أبريل 2019

أقدم الكتابات العُمانية المكتشفة حتى الآن يعود تاريخها إلى 4200 سنة -

نظم البرنامج البحثي الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني في مجلس البحث العلمي بالتعاون مع وزارة التراث والثقافة، أمس 28 أبريل الجاري ندوة بعنوان (اللغات واللهجات المحكية في عمان) في قاعة المحاضرات بمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، وذلك تحت رعاية صاحبة السمو السيدة حجيجة بنت جيفر آل سعيد وبمشاركة محلية واسعة من الأكاديميين والخبراء والمهتمين من مختلف الجهات الحكومية والخاصة والأهلية وشرائح المجتمع المختلفة.

تم خلال حلقة العمل تقديم عدد من أوراق العمل قدمها مجموعة من الخبراء الباحثين في مجال اللغات واللهجات العمانية حيث قدمت الدكتورة أسمهان سعيد الجرو أخصائية دراسات تاريخية بمتحف عمان عبر الزمان ورقة عمل حول الكتابة العُمانية القديمة وميلاد الأبجدية العربية قالت فيها: إن الكتابات النقشية في شمال وجنوب شبه الجزيرة العربية حظيت باهتمام بالغ من قبل عُلماء اللغات القديمة، منذ القرن الثامن عشر الميلادي، باستثناء منطقة جنوب شرق شبه الجزيرة العربية (عُمان) ظلت مجهولة حتى منتصف القرن العشرين، حيث أشار عدد من الرحالة إلى وجود كتابات قديمة في عُمان، ورجحوا أنها عربية جنوبية (مسند يمني)، ومنهم من اعتقد أنها عربية شمالية (ثمودية)، وفي الواقع فإن الكتابة العُمانية عربية بدائية، تشترك في خصائصها المظهرية مع جميع أبجديات شبه الجزيرة العربية. وتضيف الدكتورة أسمهان الجرو بأن أقدم الكتابات العُمانية المكتشفة حتى الآن، يعود تاريخها، في ضوء تحليل كربون 14، إلى 4200 سنة في العصر البرونزي؛ أي أنها الكتابة الأقدم في شبه الجزيرة العربية، والشاهد الحي على ميلاد الأبجدية العربية.

أما الورقة الثانية فجاءت بعنوان حفظ التراث المادي وغير المادي قضايا معاصرة قدمها الدكتور عبدالله بن سعيد بن عبدالله السعيدي والتي قال فيها: إن التراث لأي أمة من الأمم هو عنوان تقدمها الحضاري على مر العصور فمن التراث تستلهم الأمم أمجادها العريقة، كما تستطيع من خلاله أن تصنع حاضرها وتخطط لمستقبلها ويضيف السعيدي بأن التراث هو الأيقونة التي يمكن للأفراد أن يعملوا بها أكثر من تطبيق لحياتهم لذا فهو من الأهمية بمكان أن يحافظ عليه وأن يستثمر وينمّى ويسوق للعالم الآخر وللمجتمعات الإنسانية، ومن جانب آخر ركزت ورقة العمل على عدة مواضيع منها أهمية المحافظة التراث المادي وغير المادي وكيفية المحافظة على التراث المادي وغير المادي والبرامج المقترحة لحفظ هذا التراث.

وفي ورقة العمل الثالثة التي تناولت اللهجات واللغات العامية العمانية قدمها الباحث عامر بن أزاد عدلي الكثيري سلط فيها الضوء على أهمية دراسة اللهجات واللغات العامية العمانية، والتي قال فيها: إن دراسة اللهجات واللغات العامية لا بقصد ترقيتها وإحلالها مكان اللغة العربية المشتركة التي تمثّل تراث هذه الأمة وحاضرها ومستقبلها، بل من أجل جعلها روافد مهمة تغذّي العربية الفصحى المشتركة وتساهم في فهم بعض الجوانب التي استغلق على اللغويين فهمها وتفسيرها؛ بسبب تطورها في العربية الفصحى وبقاء رواسبها في هذه اللهجات واللغات العامية. وتعنى ورقة العمل بتحديد بعض المصطلحات والمفاهيم الخاصة بدراسة اللهجات واللغات العامية العمانية مثل: اللهجة واللغة العامية واللغة المشتركة، مع بيان بعض المحاذير والتحفظات التي ينبغي وضعها في الحساب عند دراسة أي نوعية لغوية غير اللغة الفصحى؛ لما في ذلك من مخاطر وتهديدات للغة المشتركة الفصحى. ومن بين القضايا التي تناقشها هذه الورقة قضية التخطيط اللغوي أو السياسة اللغوية ودورها في الحفاظ على الهوية اللغوية، ورسم حدود كل نوعية لغوية منتشرة في الدولة أو الأمة المعني بدراسة لغتها مع إعطاء بعض النماذج لعملية التخطيط اللغوي.

أما الشقّ التطبيقي التي طرحته ورقة العمل فيتمثّل في محاولة إجراء تصنيف للهجات واللغات العامية العمانية بناء على جغرافيتها، وبعض الوحدات اللغوية المتمثلة في لغة التخاطب اليومي، وفي اللغة الأدبية التي عمادها الأدب الشعبي في بعض عناصره مثل الفنون وما يرافقها من أشعار وتأديات وحركات وفي الأمثال.

وتأتي إقامة هذه الندوة ضمن برنامج الندوات والفعاليات التي ينظمها البرنامج بالتعاون مع المؤسسات المتعاونة والمشاركة في المشروعات البحثية، بهدف إبراز أهمية التعريف بالتراث اللغوي العماني ومكوناته وإظهار أهمية هذا التراث وفوائد دراسته، وسبل تدوينه وإمكانية الاستفادة منه اقتصاديا ضمن خطط التنمية، وتتنوع موضوعات الندوة لتقديم ماده ثقافية متنوعة متخصصة في موضوعها لتحقيق الأهداف المنشودة من وراء إقامتها، عبر استضافة مجموعة الرواد والأكاديميين الذين يقدمون أوراق عمل في محاور عدة في موضوع الندوة في مسعى لكشف أسرار اللغات واللهجات المحكية وسبر أغوارها التي لم تكتشف بعد.

الجدير بالذكر أن البرنامج الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني يهدف إلى المساهمة في تعزيز الجهود المبذولة في السلطنة لدراسة ورصد التجليات المادية والمعنوية للإرث الثقافي بغية المحافظة عليه ودعمه من ناحية، والمساهمة في تطويره بما يتناسب والرؤية المستقبلية الوطنية، بما في ذلك تقديم نماذج للاستثمار في التراث الثقافي بوصفه مادة استراتيجية لها قيمة تنموية واقتصادية.