1201979
1201979
الاقتصادية

تغييرات جذرية في الشركات بالسلطنة تتطلبها العمليات المحاسبية والاستردادات

25 أبريل 2019
25 أبريل 2019

ضريبة القيمة المضافة .. بين النظرية والتطبيق -

السـعـوديـة والبحـرين تـستعـرضان تجـربتيـهـما وتحـذران مـن اسـتـغـلال الـتـجــار -

كتب - زكريا فكري -

استعرضت هيئة المحاسبة والمراجعة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ندوة موسعة، بفندق شنجريلا – مسقط، تجربة كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين في مجال تطبيق ضريبة القيمة المضافة ، ومدى استفادة السلطنة من التجربتين خاصة وأن عمان في طريقها لتطبيق هذه الضريبة التي تشمل السلع الاستهلاكية والخدمية. وألقت تجربة البلدين الشقيقين الضوء على العديد من التحديات التي واجهت التطبيق وتم التغلب عليها إضافة الى كون الضريبة بعد تطبيقها رفدت الميزانية العامة للدولة بمصادر جديدة للإيرادات وساهمتا إلى حد كبير في وقف الإسراف في الاستهلاك.

الندوة التي نظمتها الجمعية العمانية للأوراق المالية وأدارها أيمن بن أحمد الشنفري مدير عام الجمعية بحضور سعد بن محمد المهيزع المدير التنفيذي لهيئة المحاسبة والمراجعة بدول المجلس، منحت الحضور مساحة للمداخلات والمناقشات خاصة من قبل مسؤولي الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية التي ستخضع للضريبة والتي من المزمع دخولها حيز التطبيق في السلطنة مع بداية عام 2020 حيث استعدت السلطنة تقنيا وإداريا وفقا للاتفاقية الموحدة لدول المجلس.

الندوة تحدث فيها نادر بن ناصر الرواحي المدير التنفيذي في كي بي ام جي ، واستعرض ورقة عمل تعكس استعدادات الشركات العمانية ماليا وإداريا لتطبيق الضريبة والتجهيزات والتدابير التي اتخذتها الجهات المعنية في السلطنة . وتحدث الدكتور عبد الجبار أحمد الطيب أستاذ القانون والمالية بجامعة البحرين مستعرضا التجربة البحرينية التي بدأت في تطبيق ضريبة القيمة المضافة منذ العام الماضي. كما تحدث سعد بن محمد الهويمل بالهيئة العامة للزكاة بالمملكة العربية السعودية مستعرضا تجربة المملكة في تطبيق الضريبة وأهم التحديات وحجم الإيرادات التي وفرتها لخزينة الدولة.

استعدادات الشركات العمانية

في البداية استعرض نادر بن ناصر الرواحي من خلال ورقة العمل التي قدمها استعدادات السلطنة لتطبيق الضريبة والتي كان عنوانها «جاهزية الشركات العمانية لتطبيق ضريبة القيمة المضافة» وطالب بضرورة ان تكون هناك مهلة لا تقل عن 6 أشهر حتى تستعد الشركات تقنيا ودفتريا .. وقال نحن كلنا آذان صاغية للاستماع لمراحل التطبيق في كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين حيث تدخل الضريبة عامها الثاني في بعض دول المجلس مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، بينما بدأ تطبيق الضريبة في مملكة البحرين أواخر العام الماضي.

وقال إن الأمر يستلزم إدخال تعديلات على العمليات التشغيلية والإدارة المالية والتقنية خاصة في الشركات الكبرى، لاسيما وان السلطنة جاهزة لتطبيق الضريبة سواء نظاميا أو ككوادر بشرية.

وقال ستكون هناك تغييرات جذرية في الشركات تتطلبها العمليات المحاسبية وعمليات الاسترداد والخصم والمحاسبة والفوترة وما إلى ذلك الذي يجب ان ينفذ بتقنية منضبطة في الشركات ووفق أنظمة الأمانة العامة للضرائب.

التجربة البحرينية

واستعرض الدكتور عبد الجبار أحمد الطيب أستاذ القانون والمالية بجامعة البحرين التاريخ الضريبي في العالم وأنواع الضرائب ، ونسب تطبيق ضريبة القيمة المضافة في أوروبا والشرق الأوسط، مشيرا إلى ان التجربة البحرينية في تطبيق الضريبة ، واجهتها تحديات كثيرة وأمكن التغلب عليها . من هذه التحديات اتجاه التجار لرفع الأسعار بما يتجاوز قيمة الضريبة ، ووجود بعد حالات التهرب .. وتم التغلب على هذه التحديات بعقوبات رادعة أعادت الاستقرار للأسواق.. وقال إن الضريبة لا يتحملها التجار ولا المصانع ولا مقدمي الخدمة ، إنما يتحملها المستهلك وان الضريبة في عامها الأول سترفد خزينة الدولة في المملكة بمبلغ 150 مليون دينار بحريني ، تتزايد إلى ان تصل في السنوات القادمة إلى 400 مليون دينار. وأوضح ان الضريبة تطبق على جميع السلع والخدمات باستثناء التوريدات الحكومية في الجهات السيادية وبعض الجهات الأخرى وفقا للاتفاقية الموحدة لدول المجلس مثل فطاع التعليم والقطاع العقاري «الإيجارات» والخدمات الصحية والأدوية .. وقال إن حجم الإعفاءات محدود للغاية ولا يطبق الا في حدود الضرورة القصوى .. وأوضح ان التجارة البينية بين دول المجلس لا تخضع للضريبة الا في بلد الاستخدام النهائي للسلعة،.. وقال إن أصحاب الجلالة والسمو وضعوا نسبة للضريبة لا تتجاوز 5% بينما في دول أوروبا تصل إلى 20% وفي مصر تصل إلى 14% ، وأوضح الدكتور عبد الجبار أن ضريبة القيمة المضافة هي في حقيقتها ضريبة مبيعات لنها تشمل جميع السلخ والمنتجات.

وقال ان الضريبة على الصادرات تساوي صفر،وذلك لتشجيع الصادرات بكافة أنواعها.

وقال ان تحصيل الضريبة يسدد في كل مرحلة يمر بها المنتج بحيث إذا باع المصنع سلعة – على سبيل المثال - قيمتها 100 دولار فإنه يسدد مبلغ ال 5% ضريبة ، ومن اشتراها وهو محل التجزئة وباعها ب 400 دولار فإنه يسدد فقط نسبة ال 5% على مبلغ ال 300 دولار فقط.. وهنا تداخل بعض الحضور ووصفوا الضريبة بأنها تراكمية ويمكن أن تؤدي إلى مشاكل في عمليات الاسترداد ، فقال الدكتور عبد الجبار أن لا مشكلة إطلاقا في الاسترداد ، وانه يمكن رد المبالغ للشركة .. فقط ادفع ثم استرد.

وقال الدكتور عبد الجبار إن مملكة البحرين تدرجت في عملية تسجيل الشركات الخاضعة للضريبة بحيث يفتح باب التسجيل أولا للشركات التي تصل مبيعاتها إلى 5 ملايين دينار بحريني، ثم لمن هم أقل وهكذا.. حتى لا يحدث ارتباك في عملية التسجيل ، وذلك قبل التطبيق الفعلي للضريبة بفترة مناسبة. وأوضح ان التسجيل إلزامي للشركات التي تصل مبيعاتها إلى 38 ألف دينار، بينما اختياري للشركات التي تقل مبيعاتها عن ذلك. وقال ان شركة الكهرباء والمياه في مملكة البحرين أرادت ان تطبق ضريبة القيمة المضافة على خدماتها باعتبارها سلعة وليس خدمة، ولكن الموضوع رفض لأن الضريبة تطبق على الشركات المتنافسة وليست الشركات التي تحتكر سلعة بعينها مثل شركة المياه.

تجربة المملكة العربية السعودية

واستعرض سعد بن محمد الهويمل عضو الهيئة العامة للزكاة في المملكة العربية السعودية ، تجربة المملكة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة موضحا أن تطبيق الضريبة في المملكة شمل كافة السلع والخدمات بدون استثناء ، إلا ما نصت عليه الاتفاقية الموحدة لدول المجلس مشيرا إلى إعفاء الإيجارات إلا إذا كانت وحدات مؤسسة أو مفروشة، وإعفاء بيع الوحدات بالتمليك من المطور العقاري، لكن في حالة قيام المالك الأول بالبيع يتم تحصيل الضريبة منه، وقال إن المملكة وضعت عقوبات رادعة للمتهربين من الضريبة ومنها غرامات بنسبة 5% شهريا.. وقال انه لا يوجد محل أو شركة أو مصنع في المملكة لا يخضع للضريبة، وأن مرحلة التطبيق شهدت تهربا ضريبيا واسعا وتحايلا كبيرا على مستوى المحلات التجارية، لكن الغرامات المالية الكبيرة جعلت الجميع يلتزم.. وأوضح ان حصيلة ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية خلال العام الأول 2018 م بلغت 45 مليار ريال سعودي.. وقال إن شركات الكهرباء أثرت بعد تطبيق الضريبة.. وقال إن الحد الملزم للتسجيل في المملكة هو أن يكون حجم المبيعات في حدود 100 ألف دولار سنويا.. وقال إن الضريبة على الجهات الحكومية في المملكة تساوي صفر، لأن ضرائب الحكومة تذهب للمالية ثم تعود مرة أخرى لنفس الجهة الحكومية فلا داعي لتحصيلها.. وتبين ان قيمة الضرائب الحكومية لا تتجاوز 3 مليارات ريال سعودي من إجمالي 45 مليار الحصيلة الإجمالية فقررنا إعفاء الجهات الحكومية منها.

وأشار الهويمل إلى ان ضريبة القيمة المضافة حدت من الاستهلاك وشجعت الصادرات، كما شجعت شراء واستخدام الأصول الرأسمالية .. وأيد الهويمل الرأي القائل بأنها ضريبة مبيعات وليست ضريبة قيمة مضافة.

وقال ان الضريبة يتحملها المستهلك وليس الشركات هي فقط تحتاج لنظام محاسبي ، وتكثيف التوعية بالضريبة وطرق التحصيل والمحاسبة، وتنظيم الإقرارات الضريبية والردع القانوني للمخالفين.

وقال الهويمل انه وفقا للمادة رقم «30» من الاتفاقية الخليجية ، تعفى من الضريبة الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية ومواطنو دول المجلس عند تشييد منازلهم وشركات تخضع لاتفاقية الاستضافة وكذلك المزارعون والصيادون.، إضافة الى قطاع التعليم ، والصحة، والنقل المحلي، وقطع الغيار والأدوية .. وخدمات التأمين والذهب والبلاتين والفضة ، والصادرات الى خارج دول المجلس .. وترك الوقود والمشتقات البترولية لاختيار كل دولة. وقال إن وزارة التجارة في المملكة قامت بحملة موسعة للتأكد من ضبط الأسعار قبل الشروع في تطبيق الضريبة ، وتم ضبط العديد من التجار الذين استغلوا التطبيق وقاموا برفع الأسعار وتم ردعهم .. وخاصة وأنه تبين أن هناك تجارا قاموا برفع أسعار سلع كانت معفية أصلا من الضريبة.