أفكار وآراء

قطع الأشجار غير القانوني في البرازيل يحول الأمازون إلى منطقة نزاعات

24 أبريل 2019
24 أبريل 2019

يمر تاتجي أرارا فوق جذوع الأشجار الضخمة المقطوعة المنتشرة في الغابة التي شوهها تجار الخشب في ولاية بارا البرازيلية في قلب منطقة الأمازون التي تعاني من مشكلة إزالة الغابات الآخذة في التفاقم.

ويقول أرارا وهو من السكان الأصليين ويبلغ 41 عاما «كل يوم نكتشف أشجارا جديدة مقطوعة. لم أر في حياتي شيئا من هذا القبيل»، مؤكدا أن عملية إزالة الغابات مستمرة وبشكل متزايد منذ تولي الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو السلطة في يناير.

فقد تعهد بولسونارو بكل وضوح خلال حملته الانتخابية أنه لن يعطي «سنتيمترا واحد إضافيا» من الأراضي لمجتمعات السكان الأصليين في البرازيل التي تضم حوالي 60 % من غابات الأمازون المطرية.

ووفقا للمنظمة غير الحكومية «إمازون»، ازدادت إزالة الغابات في الأمازون بنسبة 54 % في يناير 2019 وهو الشهر الأول من رئاسة بولسونارو مقارنة بيناير من عام 2018، وتمثل ولاية بارا وحدها 37 % من المساحة الإجمالية المدمرة.

ويخضع إقليم أرارا الذي تعادل مساحته 264 ألف ملعب لكرة القدم وحيث يعيش حوالي 300 شخص من السكان الأصليين، للحماية الحكومية منذ عام 1991.

وقال تاتجي الذي يرتدي قميص «فلامنغو» وهو النادي الأكثر شهرة في البرازيل «سمم بولسونارو أرواح الناس. يعتقد كثر أنه سيأخذ أرضنا لكننا لن ندعه يفعل ذلك».

وأضاف «إذا استمر الاستخراج غير القانوني للأخشاب، فإن محاربينا سيأخذون أقواسهم وسهامهم وقد تكون هناك وفيات».

في رسالة إلى مكتب المحامي الفدرالي في فبراير، ادعى أرارا أن شيوخ القبائل كانوا يفكرون في «أخذ حقهم بيدهم» وأرادوا استحضار طقوس الأجداد عبر صنع نوع من آلة الفلوت التقليدية «باستخدام جماجم الغزاة».

وسيجتمع مئات من ممثلي جماعات السكان الأصليين في عاصمة البلاد برازيليا لمدة ثلاثة أيام ابتداء من الأربعاء للقيام بمهمتهم السنوية للضغط على السلطات والدفاع عن حقهم في الأرض.

ضحية للإسفلت

تقع أراضي أرارا في منطقة ألتاميرا التي تملك أكبر نطاق بلدي في البرازيل من حيث المساحة ويبلغ عدد سكانها حوالي 110 آلاف نسمة.

وقد تأثرت مجتمعات السكان الأصليين بشدة جراء مشروع «بيلو مونتي» وهو مرفق كهرمائي من المقرر الانتهاء منه بحلول نهاية العام وهو يتضمن سدا سيكون ثالث أكبر سد في العالم. وكان على العشرات النزوح كما أنه شكّل تخريبا للنظام البيئي المحلي.

وفي ألتامايرا نفسها أيضا، افتتح النظام العسكري في عام 1970 القسم الأول من ترانسامازون. وهو طريق غير مكتمل من المفترض أن يعبر «رئة الكوكب» وترك ندبة لأكثر من 4 آلاف كيلومتر عبر الأمازون. وقد وضعت لوحة تذكارية للافتتاح قرب نصب تذكاري حقيقي لإزالة الغابات: كمية ضخمة من أشجار الجوز البرازيلي تم التضحية بها من أجل الاسفلت. وتعتبر هذه الشجرة واحدة من أكبر الأشجار في غابات الأمازون المطرية تنتج مكسرات تعد المصادر الرئيسية لدخل تاتجي.

«أغبياء وكسالى»

في المنطقة المجاورة لترانسامازون وهو على هذا المستوى غير معبّد ويصبح طريقا ترابيا، حقق تجار الخشب اختراقات في الغابة لكيلومترات عدة. وفهم يستخدمون آلات ثقيلة للمرور ويقطعون الأشجار التي تقف في طريقهم إلى الغابات المطرية، وعادة ما يكونون في عجلة من أمرهم لذلك يتركون جذوع الأشجار ليأخذونها في يوم آخر. وأخبر تاتجي «عندما يقبض عليهم يقولون إن هذه الأراضي لا تخص أحدا وأن السكان الأصليين أغبياء وكسالى لأنهم لا يريدون زراعة فول الصويا». في البرازيل، تمثل 566 من أراضي السكان الأصليين التي حددتها الحكومة أكثر من 13 % من أراضي البلاد الهائلة. وقد رسخ حق السكان الأصليين في الأرض في دستور عام 1988. وبموجبه، تحظر ممارسة أي نشاط على هذه الأراضي من شأنه تهديد طريقة عيش السكان التقليدية خصوصا التنقيب عن المعادن أو استخراج الأخشاب.

«تصاعد التوترات»

لكن وزير المناجم والطاقة بنتو ألبوكيركي ألمح في أوائل مارس في اجتماع مع شركات تعدين كبرى في كندا إلى أن البرازيل قد تنهي هذه القيود. ويخشى المدعي العام المحلي أدريانو أوغوستو لانا دي أوليفيرا من أن يكون هناك حمام دم وشيك. وقال «نشهد تصاعدا في التوترات، وغالبا ما يضطر السكان الأصليون إلى أداء دور قوات الأمن الفدرالية». وأضف باولو هنريك كاردوسو وهو مدع عام آخر في ألتاميرا «إنه أمر مزعج للغاية أن نرى السكان الأصليين يؤدون دور رجال الشرطة لأنهم غالبا ما يكونون الخاسر الأكبر في مثل هذا النوع من الصراعات». كما تسببت النزاعات على الأرض في هذه المنطقة بإزهاق أرواح العديد من نشطاء حقوق الإنسان مثل دوروثي ستانغ المبشرة الأمريكية التي قتلت في عام 2005 عن عمر يناهز 73 عاما. والشهر الماضي، ذهب وزير الحكومة كارلوس ألبرتو دوس سانتوس كروز إلى ألتاميرا للقاء قادة السكان الأصليين، ووعد بالسعي إلى الحصول على دعم الشرطة الفدرالية والمنظمات البيئية في مكافحة إزالة الغابات. لكنه رفض تلميحات إلى أن خطاب بولسونارو المناهض للبيئة قد غذى التوغلات في أراضي السكان الأصليين. ورغم تلك الخطوة، لا يزال تاتجي أرارا مشككا ويريد أن يرى المزيد من التدابير الملموسة. وهو قال «على الحكومة أن تتحرك... فغابتنا توفر الأكسجين للعالم كله ليس فقط للسكان الأصليين».