abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: إنّهم ظالمون

13 مارس 2019
13 مارس 2019

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

تراهم يتراقصون فرحا، مبتهجون، ثائرون في مواقعهم في هذه الحياة، أيًّا كان موقعهم، متسلطون بسلاح ما لا يملكون من الإنسانية، متفاخرون بما يصنعه الآخرون، سالبون للإنجاز تحت سلطة المنصب أو المال، عابثون بالمصير على كرسي تلك السُّلطة، إنهم بكل اختصار «ظالمون».

يتشدقون بأعذب الكلمات، ويرسمون أجمل ابتساماتهم أمام كل أنواع آلات التصوير، متظاهرين أنهم أنقياء، أتقياء، يرشفون المديح ممن يجهل ظلمهم كما يرشف النحل العسل من الأزهار، وكلما نجوا من ظلمٍ، زادوا في الظلم رفعة وتبخترًا، إنّهم بحق بارعون.

قبل أن تكتشف أنهم «ظالمون»، فإن لحن قولهم جميل وآسر، وبريق أعينهم أخّاذٌ وساحر، العلم لديهم سلاح نافذ، يعبرون منه إلى طبقة جديدة من الطغيان، دون أن يصيبهم مكروه؛ هكذا يظنون، فيفرحوا بما أتَوا، وقلوبهم كالحجارة، أو أنها صُنعت من حديد. والمنصب لديهم كرسي دائم وبتوقيع جائر يحققون لمن يريدون ما يريدون، على حساب ظلم من لا يريدون.

وبينما هم كذلك، في عالم طغيانهم غارقون، ولظلمهم متناسون؛ ترتفع أيدي المظلومين بالدعاء عليهم كل حين، مرددين «حسبنا الله ونعم الوكيل»، فيأتيهم من الله ما يستحقون وإن مرت على ظلمهم السنين، وإن رحلوا إلى دار اليقين، فإنّ الحساب عظيم.

فليتهم يعتبرون أن الحياة قصيرة، وأن ظلم الإنسان بكلمة، أو توقيع، أو قرار، هو ذنب مرهون بزمان، إن مضى فلا كفّارة له بعد إذن ولا غفران.