mohammed
mohammed
أعمدة

شفافية: هل نحن مستعدون لتنفيذ رؤية عمان 2040 ؟

26 فبراير 2019
26 فبراير 2019

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

لعل هذا السؤال هو أحد الأسئلة الجوهرية التي تحتاج إلى إجابات واضحة وشفافية تامة في الإجابة عليها، إذ إن مشاريع وطموحات الرؤية كبيرة جدا وهذا ما يجعلها تحظى باهتمام كبير من مختلف أطياف المجتمع العماني باعتبارها رؤية حديثة تواكب طموحات الشباب في صناعة مستقبلهم وتحقيق أهدافهم التي لا ينبغي أن تقتصر على الأشياء المادية المتعلقة بالحصول على فرصة عمل أو تشييد مسكن ملائم أو نحوها من الضروريات الأخرى وإنما أن يتم تجاوزها لتشمل بناء فكر اقتصادي وثقافي وبحثي يقود عُمان للتميّز والإبداع في مختلف مجالات الحياة وتحقيق إنجازات علمية وطبية وبناء قوة اقتصادية تقوم على تعدد مصادر الدخل وتحقيق فوائض مرتفعة بشكل سنوي.

وإذا كنّا ننشد هذه الأهداف ونسعى إلى تحقيقها فإن علينا أن نتساءل: كيف يمكننا تمويل مشاريع الرؤية ونحن لا نزال نفكّر في تخفيض عجز الموازنة من خلال مصادر تقليدية كفرض الضرائب واستحداث رسوم جديدة أو تقليص الإنفاق الحكومي على مشاريع حيوية؟.

ولعلنا عندما نراجع المناقصات التي تمت ترسيتها عن طريق مجلس المناقصات خلال العام الماضي نجد أن أغلبها تتركز على مصاريف جارية وضرورية واستكمال المشاريع المستمرة وتنفيذ أعمال إضافية، وأغلب هذه المناقصات لا تحرّك الطلب المحلي، وبالتالي لا تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط القطاعات التجارية والصناعية والسياحية وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى.

وفي الوقت نفسه نجد أن استثمارات القطاع الخاص خجولة، وعندما نحلل وضع العديد من الشركات نجد أن تراجع الطلب المحلي أثّر عليها بشكل واضح. ويعكس التراجعُ المستمر - في مؤشرات سوق مسقط للأوراق المالية وأسعار أسهم العديد من شركات المساهمة العامة - تأثيراتِ تراجع الطلب المحلي على أدائها المالي الذي سجل تراجعا عن مستوياته في السنوات السابقة، كما أن الشركات ذاتها تواجه عددا من التحديات في أسواق التصدير التي تستهدفها.

ومن الملاحظ أيضا أن هناك عددا من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية تأثرت بتراجع الطلب المحلي من أبرزها قطاع العقار الذي تأثر بعدد من الأسباب من بينها تراجع أعداد الأجانب، وبحسب عدد يناير من النشرة الإحصائية الشهرية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات فقد سجل عدد العاملين الوافدين في القطاع الخاص العام الماضي تراجعا بنسبة 3.7% ليبلغ بنهاية ديسمبر الماضي مليونا و729 ألف عامل مقابل نحو 1.8 مليون عامل في نهاية عام 2017.

وفي نظرنا أن التحديات التي تواجهها القطاعات الاقتصادية الرئيسية وشركات المساهمة العامة والشركات الأخرى من شأنها التأثير على تطلعات رؤية عمان 2040 خاصة تلك المتعلقة بفرص العمل والنمو الاقتصادي وزيادة تنافسية الشركات العمانية وتأهيلها للمنافسة محليا وخارجيا.

ومع الأخذ في الحسبان أن تنفيذ رؤية عمان 2040 سيبدأ في مطلع الخطة الخمسية العاشرة التي يبدأ العمل بها في الأول من يناير 2021 فإن هذا يعني أنه لم يبق على تنفيذ الرؤية سوى فترة قصيرة وهو ما يتطلب تهيئة الاقتصاد والمجتمع لذلك من خلال إحداث تغيير جذري في التوجهات والخطط الاقتصادية، وبما أن استثمارات القطاع الخاص لا تزال دون مستوى الطموح، وأن تمويل الموازنة العامة للدولة يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط فإنه من الصعب تمويل البرامج الطموحة التي تستهدفها رؤية عمان 2040 بهذه السهولة، فأسعار النفط غير ثابتة، وهو ما يعني أن علينا تهيئة اقتصادنا لتغيير جذري يبدأ من الآن.