1140434
1140434
المنوعات

استحضار المسيرة الفنية لقيثارة الشرق طلال مداح.. حديثا ولحنا وغناء

23 فبراير 2019
23 فبراير 2019

ضمن فعاليات مؤسسة بيت الزبير في معرض مسقط للكتاب -

كتبت- شذى البلوشية -

احتفى مساء أمس الأول جناح مؤسسة بيت الزبير بمعرض مسقط الدولي للكتاب، بالتجربة الفنية والمسيرة الطويلة للفنان السعودي الراحل «طلال مداح» في توغل نحو تفاصيل عميقة لأبرز السمات الفنية، والأسرار التي لم تكشف في حياته، في حوار مفتوح مع الصحفي والإعلامي علي فقندش، وأدار الجلسة إبراهيم المنذري.

بدأت الجلسة الحوارية بشهادات تاريخية قدمها مجموعة من كبار الشعراء والملحنين العرب في صوت وأداء الفنان الراحل، والذي أطلق عليه عدد كبير من الألقاب أبرزها «قيثارة الشرق»، حيث قال عنه الفنان والملحن الكبير غازي علي: «طلال مداح عبقري في التلحين وأن عبقريته تكمن في بساطة ألحانه وعدم تكلفها بحيث أنها ترسخ في ذهن السامع لأنها نابعة من روحه كفنان وأما بالنسبة لصوته فصوته من أجمل الأصوات التي سمعها في حياته»، كما قال عنه الملحن المصري الشهير بليغ حمدي أنه ظاهرة لن تتكرر وصوته غريب يشجي الجميع.

الطبيعة تنتج الفنانين

وانطلق الإعلامي والصحفي السعودي علي فقندش في حديثه عن قيثارة الشرق، بالحدث عن مسقط رأس طلال مداح وهي الطائف، والذي بادره بالسؤال حولها إبراهيم المنذري، إذ إن الطائف تعد مهدا للكثير من عمالقة الطرب السعودي، فتحدث علي فقندش عن الطائف بقوله: «هي مدينة أبسط من بسيطة تحوي كل الجمال، وهناك علاقة بين الطائف والعراق، التي تروي الأساطير أنها كانت جزءا منها، ولكني أقول إن الثقافة والفنون مرتبطة بإبداع الطبيعة، فالوضع الطبيعي للطائف هو السبب في إنتاج هذه المدينة لعدد كبير من الفنانين»، وأكد فقندش في حديثه أن المملكة العربية السعودية تمتلك كنوزا طبيعية من الإيقاعات، وقدمت الكثير من الأغنيات، مدللا على ذلك بقيام إحدى الباحثات الأمريكيات تدعى ليزا أوركبوتش بعمل بحث متكامل في الطائف عن الفن المجرور».

وتوجه إبراهيم المنذري بالسؤال حول حادثة نشرها وضج بها الإعلام السعودي في إحدى الفترات، وهي أن الفنانة الكبيرة أم كلثوم قد أخذت لحنا سعوديا لطلال مداح وغنت به «الحب كله»، وبدأ هجوم الصحافة عليها حين علموا أنها التقت بالملحن فوزي محسن وقيل أنها اعتذرت منه، ولكن رد الإعلامي علي فقندش حول هذه الحادثة بأنها كانت كلها مغلوطة، رغم تأكيد المنذري على انتشار صور للقاء أم كلثوم بالفنان فوزي محسن، ولكن كان الإصرار أكبر من فقندش على أن ذلك لم يكن صحيحا، وقال : «كل ذلك مغلوط، النص مرتبط فقط بالمملكة العربية السعودية، والذي كتب في جدة، ولكن موضوع اللحن لم يكن كذلك، وكل هذه الحكاية مغلوطة، وانتشرت في الصحافة بكل خطأ»، وأكد أن لقاء أم كلثوم بفوزي محسن كان لقاء للتعارف لا أكثر.

انسجام فني

وسار الحوار المثري بين إبراهيم المنذري وضيفه السعودي علي فقندش للحديث حول التآلف الموسيقي بين قيثارة الشرق طلال مداح والشاعر بدر بن عبدالمحسن، والعلاقة الفنية التي كانت تربطهما، إذ ابتدأ هذا المشوار بأغنية «سهر والدنيا نعسانة»، واستمر العطاء الفني الذي وصل إلى 64 أغنية لطلال مداح من أشعار بدر بن عبدالمحسن، وقال فقندش أن التفاهم والانسجام بين الاثنين هو سبب هذه العلاقة، ورغم أن بدر بن عبدالمحسن كان مطمع الجميع للحصول على قصائده المتفردة، إلا أنه أعلن أن نصوصه فقط لمحمد عبده وطلال.

نجاح الأغنية:

وأوضح المنذري في مداخلة خفيفة أنه حين أعلن على وسائل التواصل الاجتماعي عن استضافة بيت الزبير للإعلامي علي فقندش للحديث عن التجربة الفنية لطلال مداح لاقى ردا قويا من مجموعة كبيرة من السعوديين بقولهم أن فقندش «عبداوي» وليس «طلالي»، وهو تصنيف صار يؤخذ لعشاق عمالقة الأغنية السعودية، وحي وجه المنذري السؤال إلى فقندش، جاء رد الأخير مختصرا: «أنا صحفي».

وبعد الاستماع إلى مقطع صوتي للفنان طلال مداح يؤدي أحد المواويل، ذكر المنذري بأن «الطلاليين» قالوا: بعد رحيل مداح انتهى الموال، فكان جواب فقندش على ذلك: الموال موجود في كل أرض، ويمكننا القول إن أفضل من يقدمه طلال مداح، وعمر كدرس، ولا ننكر أن محمد عبده في الموال خطير، ولكني لا أعلم لماذا لا يتقبل الجمهور ٢٠ محمد عبده، و٢٠ طلال مداح».

وأضاف فقندش أنه من الظلم القول إن طلال مداح أفضل من محمد عبده أو العكس، فهما كبيران معا ومن القامات الطربية العظيمة وهما مؤسسا الأغنية السعودية الحديثة، ولكن محمد عبده استطاع أن يدخل ويصل لكل مكان وكل بيت، بينما طلال مداح لم يفعل ذلك، ولو أراد لاستطاع، فالأغنية التي تصل إلى المهرجانات، والمراقص، والمرابع، والأماسي، والجلسات هي الناجحة وهو ما استطاع فعله محمد عبده.

قصص لا تنسى من حياة مداح

وفي مداخلة لمقطع فيديو لطفلة تغني أغنية «مقادير» التي نجحت وتكاد تكون هي الأشهر لمدّاح، والتي لم تقتصر على الكبار بل إنها وصلت لقلب الطفلة وقدمتها في أحد برامج المسابقات التلفزيونية، تحدث فقندش عن قصة هذه الأغنية، والتي كانت قد قدمت في مرحلة مفصلية في حياة طلال مداح، وأوضح أن مقدمة الأغنية كانت للشاعر بدر بن عبدالمحسن، إلا أنه أهدى مقطع البداية للشاعر الأمير محمد بن عبدالله، الذي أكمل باقي الأبيات، وكانت قد انطلقت الأغنية لأول مرة في مسرح القاهرة، وجاءت الأغنية في فترة كان الناس يحتاجون لشيء جديد، وهي أغنية متفردة من خلال الكلمات واللحن واللون الغنائي.

وفي حديث عن حياة مداح الشخصية والذي ارتبط أحيانا بالفن قال فقندش: «طلال كما عرفته شخصيا أبسط من بسيط رغم عظمته التي وصل لها، تزوج مغربية وأحضرها إلى القاهرة وكتب له فيها بدر عبدالمحسن نصا وغناه، وكتب له نصا آخر لزوجته المصرية التي كانت كورال في إحدى الفرق، ولكنها كانت تلح عليه بالرغبة في الذهاب إلى القاهرة، وحين رآه ذات مرة بدر بن عبدالمحسن في ضيق من طلب زوجته المتكرر، كتب له قصيدة «قصري بعد المسافة»، فكانت الأغاني بعضها مرتبطا فعلا بالحياة الشخصية لمداح.

وانتقل الحديث في الأمسية الفنية المثرية لحياة طويلة للراحل طلال مداح للحديث عن الأمسية الأخيرة التي توفي فيها طلال مداح، وهي الليلة التي لم تكتمل، وذكر فقندش أنه هو من اختار أغاني تلك الليلة لطلال مداح، فقال فقندش بكل حزن: «كان قدره يناديه، رغم أنه لم يكن حريصا على المشاركة في أي حفل بقدر حرصه على المشاركة في ذلك الحفل، بعد أن تمت دعوة أغلب الفنانين في حفل أبهى ولكن خالد الفيصل لم يدع طلال مداح له لأن أبها بسبب ارتفاعها وأجوائها تؤثر في صحة طلال مداح، ولكن الأخير شعر بالحزن على ذلك، ولكني علمت نبأ موته بعد مضي 10 أيام لأني كنت مسافرا في تلك الفترة».

مداح في السينما..

وتحدث فقندش عن التجربة السينمائية الوحيدة بمشاركة طلال مداح في أحد الأفلام العربية، ولكن رغم أن هذه التجربة فشلت إلا أن الأغنية نجحت وتميزت كثيرا.

رافق الأمسية الحوارية مجموعة منوعة من أشهر أغاني قيثارة الشرق، قدمتها فرقة «تخت شرقي» بقيادة سالم المقرشي بالغناء وآلة العود، بالإضافة إلى منى البلوشي بآلة الكمان، ووهب الضنكي بالقانون، ونعيم البلوشي بالإيقاعات، كما اشتملت الجلسة على العديد من المداخلات الغنائية من خلال مقاطع الفيديو والصوت التي عرضت في الفعالية.

يذكر أن الأمسية هي عبارة عن سلسلة متكاملة تحمل عنوان «مالم يقله المغنى»، بدأت الخميس بتجربة كوكب الشرق أم كلثوم، وهي مستمرة مع مجموعة متنوعة من الأسماء لعمالقة الطرب والفن الأصيل في العالم العربي، يقيمها بيت الزبير على هامش فعالياته المصاحبة لمعرض مسقط الدولي للكتاب.