1140605
1140605
المنوعات

خلال محاضرة بعنوان «تحديات العولمة» سعيد توفيق: لا بديل لدول العالم الثالث مـن نظـم ديمقـراطية وتعددية سياسية

23 فبراير 2019
23 فبراير 2019

عمان: قدم الدكتور سعيد توفيق محاضرة في معرض الكتاب حول تحديات العولمة وانعكاساتها على العالم العربي. وتحدث توفيق في بداية محاضرته عن أهم آليات وذرائع العولمة موضحا أنها تتمثل في الرأسمالية العالمية التي هي شكل ونظام اقتصادي مختلف تماما عن الرأسمالية الإمبريالية التي نشأت بعد الثورة الصناعية يساندها مفهوم الدولة القومية، أما النظام الرأسمالي العالمي فيقوم على مفهوم الاقتصاد الحر وآليات السوق، وهو نظام كما يقول توفيق، لا يحتاج إلى مؤسسة الدولة ولا يكون موجها بسياستها، إنما يؤثر في سياسات الدول جميعا. ومن بين الآليات كذلك التي تحدث عنها الشركات المتعدية للقوميات أو الشركات الكوكبية، كما أسماها، وهي الذراع الطويلة للرأسمالية الكوكبية باعتبارها الأداة المتحكمة في النظام الاقتصادي العالمي ومناحي أنشطته. ومن بين الذرائع تحدث الدكتور سعيد توفيق عن ذرائع التكنولوجيا ووسائط الاتصال والإعلام السريع، معتبرا أنها الأداة الفعالة في إدارة الشركات العابرة للقارات أو متعدية القوميات التي تقوم على التنوع المذهل في أنشطتها الاقتصادي، وعلى ضخامة حركة رأس المال وتعدد مصادره.

وفي سياق حديثه عن تحديات العولمة قال الدكتور سعيد توفيق: علينا أن نقرر منذ البداية أن العولمة ليست كلها شر كما يشيع أو يتصور البعض، فهي ليست بمثابة نزعة استعمارية أو عدائية موجة لأجل استنزاف موارد شعب أو شعوب بعينها. لكن الدكتور توفيق يرى أن الرأسمالية الكوكبية نظام يسعى إلى السيطرة على اقتصاد العالم ويتخذ من الربح هدفا وحيدا في ظل أسواق جشعة يحكمها قانون التطور والبقاء للأصلح: إما أن تأكل أو تؤكل، ومن ثم فمن الوهم تصور أن خلاص بلدان العالم الثالث وإنعاش اقتصادها يكمن في إفساح المجال فحسب للشركات الكوكبية، فمثل هذه الشركات، كما يقول الباحث، لا تقوم بضخ الأموال بهدف الاستثمارات في أسواقها العالمية، وإنما تقوم على جمع المدخرات ورؤوس الأموال من هذه الأسواق، كما أنها لا تفتح مجالا حقيقيا للقى العاملة في هذه الأسواق؛ لأن مراكزها في الأسواق هي مصانع متخصصة قابلة للفك والتركيب في أي لحظة وتعول على التكنولوجيا والقلة من الكفاءات المدربة.

كما تحدث عن أن الرأسمالية الكوكبية هي التي توجه سياسات الدول العظمى من خلال المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية وهذا يجعلنا ندرك، والحديث للدكتور سعيد توفيق، مدى الخطورة الواقعة على الدول الأخرى، وخاصة دول العالم الثالث. مؤكدا أن السياسة تصبح أداة في يد المصالح الاقتصادية وتمارس السياسة ضغوطا قوية على الدول الأخرى التي تقع خارج منظومة العولمة كي تدخل في هذه المنظومة بكل آلياتها بدءا من تحرير اقتصادها إلى تبني نظم ديمقراطية ليبرالية، وإلا تعرضت لعقوبات اقتصادية ممثلة في قطع أو تقليص التمويل الدولي أو المعونات التي تمنحها هذه الدول وعلى رأسها أمريكا. وقال توفيق إن الشركات متعدية القوميات والجنسيات تطالب دائما بالديمقراطية وتأكيد قضايا حقوق الإنسان في بلدان العالم الثالث بخلاف الشركات الاستعمارية القديمة التي كانت تدعم النظم الرجعية ومرد ذلك أن الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والانتخابات النزيهة هي ما يضمن للمستثمر استقرارا في أوضاع السوق وتوقعا لأي متغيرات يمكن أن تطرأ على سياسة الدولة.

وفي الختام تحدث الباحث عن بعض الآليات التي يمكن عبرها تخفيف مخاطر العولمة والتي في مقدمتها، بحسب الباحث، المطالبة والضغط الجماعي من قبل بلدان العالم الثالث من أجل إقرار قوانين دولية لها قوة سياسية كوكبية قادرة على إحداث توازن في الثقل إزاء القوة الاقتصادية الكوكبية، على أمل أن تلقى قبولا خاصة أن بعض الدول الكبرى وحدها بدأت تستشعر مخاطر ظاهرة العولمة على سيادتها. وأيضا تكوين تكتلات اقتصادية والتعاون في مجال التنمية الشاملة بين الدول المتقاربة في مستوى تطورها، وبناء نظم ديمقراطية قوية تحكمها سيادة القانون والحياة النيابية والتعددية السياسة، وتأكيد مفهوم الذات القومية من خلال الحفاظ على الهوية الثقافية في سائر تجلياتها في التراث والفكر والفن والأدب وهذا التأكيد يستدعي طرح قضية الإبداع الذاتي القائم على استثمار وتنمية الموارد الذاتية باعتبارها من أولويات العمل السياسي في المرحلة الراهنة.