أفكار وآراء

الخصخصة والتخصص...

23 فبراير 2019
23 فبراير 2019

سالم بن سيف العبدلي -

[email protected] -

يخلط البعض بين مصطلح الخصخصة والتخصص ومن أجل فهم العلاقة بينهما لابد في البداية من إعطاء فكرة مبسطة عما هو المقصود بهذين المصطلحين، فالخصخصة مصطلح اقتصادي ظهر بقوة مع بداية الثورة الصناعية وهو مرتبط بالعولمة والنظام الرأسمالي ويعني «تحويل إدارة وتبعية شركات ومؤسسات القطاع العام إلى القطاع الخاص» .

تتبنى العديد من الدول حاليا سياسة الخصخصة ومن ضمنها السلطنة التي قامت بتحويل أسهم عدد من الشركات الحكومية ونقل ملكيتها إلى القطاع الخاص في عدد من الأنشطة والمجالات ونذكر منها على سبيل المثال شركة الأسماك العمانية ، والشركة العمانية للاتصالات وبريد عمان وشركات الكهرباء ، وقد أثبتت هذه السياسة بأنها سلاح ذو حدين فمن ناحية تهدف إلى تطوير وتنمية القطاع الذي يتم تخصيصه وتقديم خدمة ذات كفاءة ومواصفات وجودة عالية مع وجود منافسة بينها والشركات الأخرى التي تقدم نفس الخدمة.

إلا أنها من ناحية أخرى فإن هذه الشركات ساهمت في التحكم في أسعار المنتج أو الخدمة التي تقدمها واحيانا بعضها يتلاعب فيما يخص الخدمات المقدمة من أجل استغلال المستهلك والذي يعتبر الحلقة الأضعف دائما في هذه العملية ويكون في مواجهة مباشرة مع هذه الشركات وهنا نتحدث بشكل عام وليس في السلطنة وحسب، من هنا ينبغي أن يكون لدى الحكومات أجهزة قوية للمراقبة والمتابعة والإشراف على تلك الشركات مع وجود قوانين وأنظمة تحمي المستهلك وتضمن له تقديم الخدمة بكل سهولة ويسر وفي السلطنة تقوم حاليا الهيئة العامة لحماية المستهلك بدور مشكور ومقدر من أجل حماية المستهلك من كل أنواع الغش والتدليس والتحكم في الأسعار وغيرها من الممارسات الضارة.

وقد لوحظ خلال الفترة الأخيرة قيام الحكومات بإنشاء شركات تتبع القطاع العام إلا أنها تعمل بنظام القطاع الخاص والذي يعتمد على الربح والخسارة ويستند على الحوكمة فيما يخص الإدارة وإنجاز الأعمال وتوفير المنتج أو الخدمة ، بعض هذه الشركات ثبتت جدواها ليس في السلطنة فحسب بل حتى في بعض الدول الرأسمالية كأمريكا وأوروبا ويعتقد البعض أن مثل هذه الشركات تنافس القطاع الخاص إلا أننا نظن بأنها يمكن أن تتكامل وتتعاون مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي من خلال الاستثمار المشترك أو التعاقد بين الطرفين في ظل قانون الشركات الذي ينتظر صدوره خلال الفترة القادمة.

أما التخصص فهو مصطلح علمي يعني أن يتخصص الفرد أو مجموعة من الأفراد في مجال علمي أو أكاديمي أو مهني حسب ميوله ورغبته وهناك تخصصات رئيسية وأخرى فرعية ، والتخصص أصبح مطلبا لدى العديد من الشركات والمؤسسات العالمية فعادة ما تطلب هذه الشركات الكفاءات من ذوي تخصصات محددة حسب طبيعة عملها.

التخصص يجعل الإنسان مبدعا في مجال معين بحيث يركز الشخص على نشاط أو مجال محدد والتخصصات الرئيسية تتفرع إلى تخصصات فرعية كما في الهندسة فهناك تخصصات في هندسة المباني والكميات وفي المساحة والرسم وغيرها كذلك في الزراعة فهناك تخصصات في مجال أمراض النبات والبستنة والاقتصاد والإرشاد الزراعي وفي وقاية النبات والحشرات حتى علوم النحل يعتبر تخصصا منفصلا بذاته وفي مجال الطب كما هو معلوم هناك تخصص في طب الأطفال والباطني والأذن والحنجرة والعيون وطب الأسنان وغيرها الكثير من التخصصات الدقيقة.

الشركات العالمية أصبحت تنظر إلى التخصص على أنه شرط أساسي من شروط الحصول على وظيفة وتعير الموظف المتخصص جل اهتمامها في مفاضلتها عند اختيار الموظفين الشاغلين للوظائف داخل المؤسسة ويتميز الموظف المتخصص والكفؤ عن غيره في السلم الوظيفي من حيث الحصول على المكافئات والمزايا والترقية إلى الوظائف العليا.