oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

مختبرات الثورة الصناعية الرابعة

18 فبراير 2019
18 فبراير 2019

يترقب العالم مرحلة جديدة في الصناعة نتاج ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة التي تقوم على الذكاء الاصطناعي والدمج بين التكنولوجيا والجسم البشري والتوظيف الكبير للروبوتات بما يعمل على إحداث نقلة كبيرة متوقعة في التاريخ الإنساني، كتلك التي حدثت في الثورة الصناعية الأولى مع الآلة البخارية والثانية مع الكهرباء والثالثة مع الحاسب الآلي والعصر الرقمي.

في هذا الإطار تأتي الاستعدادات التي تبذلها السلطنة من أجل الدخول إلى هذه المرحلة الجديدة، عبر التكيف التام لاستيفاء المتطلبات والشروط التي يتعلق بعضها بتأهيل الكوادر الوطنية المؤهلة لقيادة الدفة في هذه الثورة الرابعة، فيما يتعلق البعض الآخر منها بالآليات واللوجستيات وخطوات العمل التنفيذي.

وقد استطاعت السلطنة المضي فعليًا في خطوات ملموسة منذ سنوات في هذا الإطار عبر السعي نحو بناء أنظمة الحكومة الإلكترونية والاتجاه نحو الرقمنة في الحياة، بيد أن مفهوم الثورة الرابعة يبدو أبعد من ذلك في تسارعه المذهل على المنحى التطبيقي، ما يستدعي مضاعفة الجهود في إطار الرؤى الراهنة والمستقبلية، لاسيما الاستراتيجية المستقبلية 2040 التي تسعى لرسم أفق مستقبلي استشرافي لعمان في خلال عقدين من الزمن.

من هنا فالمختبرات التي تقوم بها الجهات الاختصاصية والمتعاونة في هذا الباب، تصبح لها أهمية قصوى في حفز الكوادر وتجهيز الإمكانيات الذهنية والمادية لدخول هذا العصر الجديد في تاريخ البشرية، الذي سيكون له انعكاس على تغيير بنى الحياة بشكل عام، ومفاهيم المعرفة والاقتصاد، وكل شيء تقريبًا.

بالنسبة لقطاع الأعمال والتجارة فإنه في الوقت الراهن يبدو متماسًا بشكل واضح مع المرحلة الجديدة من حيث قدرته على استنطاق التجليات الأولى لهذه الثورة المرتقبة، سواء عبر الشركات الكبيرة أو رواد الأعمال، ولا شك أن تكامل الجهود في هذا المجال مطلوب؛ لكي تكون النتائج المرجوة طيبة، من خلال تبادل الخبرات والمعارف والسعي الجماعي للوصول بالأهداف إلى المنافع المشتركة.

إنَّ السباق المرتقب في عالم اليوم يعتمد بشكل أساسي على قدرة الشعوب والدول على كيفية الاستفادة من التقنيات ومزجها بكافة قطاعات الحياة، بحيث يتم تحويل الذكاء الاصطناعي إلى قوة جبارة وفاعلة في البناء والتنمية بدلا من أن تكون خصمًا على الإنسان، وليس من تخوف ما دام العقل البشري هو الذي يتحكم بالمسار في نهاية المطاف.

وإذا كان البخار أو الكهرباء قد أحدثا تحولًا ضخمًا في تاريخ الإنسانية، فإن الذكاء الاصطناعي سوف يكون له نفس الأثر وأكبر في المرحلة المقبلة، وهو ما يعني إعادة تشكيل مشاهد كثيرة وعديدة من البناء الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي، وترتيب الأدوار بوجهات جديدة تفرض تعريفات استباقية لما سيهيمن على المشهد في القريب العاجل، فالتغيير والتحول يحدثان بأسرع من المتوقع، وهذا هو ما يتسم به العصر الراهن.

إنَّ الاستثمار في هذا المجال الحيوي يعني الالتفات إلى أولويات مرحلة مهمة في النماء الإنساني، ويتوقع أن يقود ذلك مع التعمق في التأهيل والتدريب والتوظيف الهادف، إلى بناء اقتصاديات جديدة وربما تحويل مجمل المشهد الاقتصادي وحراك التنمية.